نفسي العزيزة حديثي الليلة معك حديث احترت في أفكاره وتقلّب بين جوانحي كثيرًا، فلم يجد منفذًا إلا إليك حيث تشاطريني ما أريد، - خيرًا ما الذي يعتلج في صدرك؟! - لا تقلقي ولكنك تعلمين أننا في شهر فضيل، ولابدّ أنك تذكرين الحماس الذي بدأنا به هذا الشهر الكريم، - أجل أذكر ذلك!! فمعظمنا يبدأ رمضان بحماس وقوّة، فتجدينه في هذا الشهر ما بين القرآن والصلاة والأذكار والصدقات وعمل الخير وفجأة يخبت كلّ هذا أو حتى أكون منصفة، جزء من هذا يختفي بعد مرور أيام قلائل، - آآآآآآآآه تقصدين فتور الهمّة؟!!! - بالضبط أليس هذا ما يحدث مع كثير ممن حولنا؟!!! - بلى، ولكن يا عزيزتي ليس في هذا الشهر الكريم فقط تفقد الهمّة إنها أحيانًا تكون في أمور كثيرة في مشروع أو عمل أو. حينها قاطعتها قائلة: - ولكنها تتضح في رمضااااان كثيرًا، فيراها المرء بنفسه دون أن يخبره أحد، لذا ألا ترين أنّ الهمّة والعزيمة تحتاج إلى تجديد كالنوايا.؟!!! - بالطبع ومن قال غير ذلك، ألا ترين أنه جاء في الأثر أنّ الصحابة كانوا إذا انتهى رمضان دعوا الله ستة أشهر أن يتقبل منهم، وستة أشهر أن يبلغهم رمضان أليس هذا من الهمّة والقوة، التي لا يستطيعها إلا من لديه إصرار وإيمان سكن وتوسد القلب؟!!! - يا الله أنتِ محقة!!! كيف غاب هذا عن بالي؟! - إذن فماذا تتوقعين من أشخاص قضوا نصف السنة يسألون ربهم أن يتقبل منهم والنصف الآخر أن يبلغهم رمضان،؟ - أكيد هم متلهفون لهذا الشهر الكريم ولابدّ أنهم قد أعدوا العدّة الكاملة ولكني أقول مع كلّ هذا هم بشر، - أجل بشر، لذلك يتعرضون للضعف والوهن بين الفينة والأخرى، ولكنهم يعالجونها، ويجددون هممهم أليس الرسول صلى الله عليه وسلم يقول تحفيزًا لهممهم: «إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وصفدت الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة» لذا تجدينهم في يقظة مستمرة، وحتى لو غفا القلب قليلًا أو خبت المشاعر الإيمانية تجدينهم بالمرصاد .. حتى يعودوا لما هم عليه من إحساس بما حولهم واستشعار اللحظات الإيمانية التي يمرون بها فهم يجاهدون أنفسهم، ويسابقون الوقت من أجل اغتنام هذه اللحظات الإيمانية، - ياااااااااااااه كم هم عظماء هؤلاء الذين يتأهبون دائمًا وأبدًا إنهم فعلًا صائدو اللحظات، - صائدو اللحظات؟!!! - أجل صائدو اللحظات أولئك الذين يقتنصون اللحظات الإيمانية لحظات الخير فلا يتركونها تذهب سدى، وما أكثرها في هذا الشهر الفضيل!! - بل قولي ما أكثرها في حياتنا،. - وما امتداد الحياة إلا من النقطة التي يريد أن يبدأ منها الإنسان حياته، إذ ما أجمل أن يدرّب المرء نفسه على الصبر وعلى تجديد الهمّة والعزيمة حتى يستمرّ على ذلك ليس شهرًا بل طوال حياته، حنان سعيد الغامدي