في ليلة من الليالي الملاح، وقبل أن يلوح الصباح، جلس المواطن غرقان مع زوجته أم الولدان، أطرق عندها ساعة، ثم هم بأن يحدثها بما راعه وما يزعج الأذن عند سماعه، أخذ يحدثها بما قاله له جاره المواطن غلبان، يقول: جاءني اليوم جاري الودود وهو من اصحاب الدخل المحدود انه المواطن (غلبان) فقال لي: سأحدثك بحال عجب، يثير الغضب، فقد كانت الإجازة الصيفية وما أدراك ما الصيفية، فيها حل وترحال، وتسلية النفس بما في الطبيعة من جمال، وتغيير الحال بالحال، فبين أبها والباحة والطائف، كان الغلا سمة المصايف، فسلب مني متعة الأوقات الطائف، فصرفت مرتب الشهر وما أدخرته لصروف الدهر، وبعد ان انقضى شعبان وهلت ليالي رمضان وجاء شهر الرحمة والعتق والغفران استبشرت وتهللت سرائري أنا المواطن الغلبان، فالصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع، وجالت عربات التبضع في الأسواق وصالت، وغصت بأنواع المأكولات، والأواني والأدوات، ويستمر نزف الجيب الجريح، وما زلت انا المواطن الغلبان اتذكر ذلك الزمان المليح وذاك المثل القائل (الباب اللي يجي منه الريح سده واستريح) ولكن الدنيا أصبحت اليوم كلها أبواب لا احد يستطيع أن يسد او لما يأتيه منها أن يرد، وما ان انتصف شهر الرحمة حتى عادت في الأسواق الزحمة، فيعود ماراثون التسوق والكل لجديد العيد متشوق، وحال المواطن الغلبان يقول في السر والإعلان، أرهقتني الصروف وتزايد المصروف بسبب تقارب الصعب من الظروف، فصيف رجب وشعبان واطعمة رمضان والعيد السعيد وما يحتاجه الأبناء من صبايا وصبيان، وما بعد العيد يتبع، وقبل ان لريقك تبلع، تجيء أيام الدراسة، وتأتيك طلبات الدفتر والكراسة، فأين المفر، وكيف المستقر، ثم سكت المواطن غلبان عن الكلام المباح ثم بكى وناح وقال: ليس لنا في أمر تأخير الأزمان وتقديمها من شيء ولكن لماذا لا يتم تأجيل بدء الدراسة إلى ما بعد استلام راتب شهر شوال فبالراتب يتحسن الحال ويحسن المقال، أو يطرح مجلس الشورى الموقر دراسة تتعلق بصرف راتب إضافي لشهر رمضان يدعم كفة الميزان لجيب المواطن غلبان وقد سبق وان كتب الكتاب عن ذلك الرأي فنتمنى على مجلس الشورى طرح تلك الآراء حول صرف الراتب الاضافي في شهر رمضان للدراسة لما في ذلك مصلحة عامة لكل شرائح المجتمع وتكون عونًا لهم ومعينًا. فلاح الصباح وسكت الجار اللماح عن كل الكلام المباح. ثم غفا ونام واستسلم للأحلام.