الزواج حياة مستقلة لها أسرارها وأمورها الخاصة، رابطة بين شريكين في الزمان والمكان والآمال. إدراك ذلك المبدأ يحتم احترام ودعم ما بين الزوجين، فإن طلبا المشورة من أحد أعطاها بعلم أو استعفى بأمانة، وإن رأى ابتلاء ظاهرًا عليهما عرض المساعدة إن استطاع، أما البدء بأوامر ونواه وأسئلة وإنكار فهو يضعف ما بين الزوجين؛ لأنهما يفكران ويستشعران أهمية الكلام ويغالط أحدهما أو كلاهما نفسه فيما كان هينًا منسيًا متفقًا عليه ويبدأ بينهما خلاف ظاهر أو صامت. معاناة أزواج كثيرين ليست من كلام عابر ونصيحة لطيفة بل من آراء وميول شخصية ثقيلة ودون طلب ولا لمشكلة ظاهرة حقيقية. أمور في المسكن والمقتنيات والعمل والدراسة والسفر والذرية والهواية لم يشتك منها الزوجان ولم تؤثر في حياتهما وسعادتهما كيف يتوقع عاقل أن يشرح لهما ما يحب هو ويبغض واثقًا مصرًَا على رجاحة رأيه حتى يظنا أنهما مخطئان في اختيارهما؟ وكيف يلتزم الزوجان بكلام فلان وفلانة -من قريب وبعيد- كأنه قرآن منزل بينما هو خوض في أمور ليست مصيرية بل دنيوية بحتة ويجوز ويصح فيها آراء عديدة؟ المستشار مؤتمن عندما يطلب رأيه أما الكلام المرسل بتكرار وإلحاح ودون طلب فهو تدخل مهما زينته ميولنا وتفسيراتنا. فكر فيمن يستحوذ بالكلام عن بيتكم وأثاثكم ومواعيد الأكل والنوم وعن اولادكم ومكان السكن والعمل والدراسة ووجهة عطلتكم واستثماركم حتى حفظت قبل كل مقابلة أنه سيحقق وينكر أمور حياتك، ثم فكر فيمن تقابله ويسليك وتسليه ويذكرك وتذكره وتتكلمان فيما يهم الجميع، لا يذم الطعام والبيت وأي اختيار لكما، يبارك ويعجب بما يستجد من ذرية أو متاع أو سفر، اللهم إلا إن سألته رأيه فيقوله ويقف بعده بأدب ويشير لأولوية الخيار لكما. أيهما أقرب للقلب وللانسانية التي تحفظ للزوجين حريتهما واحترامهما وتجربتهما وعلاقتهما؟ أيهما تتلهف للقائه وايهما يثقل عليك؟ فلنتجنب المبادرة بالتحقيق وبالتبرع بالكلام لئلا نفسد ونعكر، ولنبث الأمل والحياة والحب بما لا يكلفنا: بالكلام الطيب والأسلوب اللطيف والنبرة الهادئة. أي كلمة لطرف تنتقل للآخر كلمة أو فعلًا يومًا ما، فلننظر ماذا نقول وكيف نقول، والظاهر هو دائما المعنى لا النية الخافية التي نقحمها في كل شيء. الزواج رابطة عظيمة بئس من دس في طرفيها الشكوك والخلاف ونعم من بث الطمأنينة والاتفاق، وحديثو الزواج والمقبلون عليه أولى بالحرص. الانكار والمخالفة والتدخل ليست في الدين ولا العقل مرادفة للاهتمام والحرص والمشورة. يقول سيدنا وحبيبنا الرؤوف بنا عليه الصلاة والسلام: “بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا”. وكل عام وأنتم في بِشر ويُسر وخير. [email protected]