كشف الداعية الدكتور سلمان العودة أن الدكتور غازي القصيبي، كان رجلاً موسوعيًّا جمع بين الثقافة والأدب والرواية واللغة، وجمع بين المعرفة الشرعية والمتابعة الدقيقة والاطلاع على كثير من القضايا، كما جمع بين العمل الوظيفي والعمل الإداري وتنقل في العديد من المناصب وهو نموذج يحتذى به في التغيير وتطوير الذات. وأضاف فضيلته: لقد زارنا عقب لقاءاته المتكررة بهذا البرنامج وتواصله معه وشرفنا وتحدثنا في ذلك اليوم، حيث سألناه عن محمد أبو زهرة، لأنه ذكره في بعض رواياته، حيث أكد أنه لقيه واستفاد وتعلم منه، كما حدثنا عن محمد أسد المستشرق النمساوي الذي أسلم وقراءته لكتاب "الطريق إلى الإسلام"، وكيف أن محمد أسد كان مبتهجًا أن شبابًا من الجزيرة يقرؤون كتبه وربما بلغتها الأصلية ويتعاطفون معها. وأردف الشيخ سلمان: إن أي اثنين قد يتفقان أو يختلفان، وأن الدكتور غازي -رحمه الله- نفسه لو أعاد قراءة ما كتب وأعاد قراءة حياته من جديد سيتفق معها في أشياء وسيختلف معها في أشياء، ولكن لابد أن يشيد الإنسان بالجهد والتضحية والجوانب الإنسانية والشفافية، فلا يوجد -مثلاً- في سوق من أسواق الرياض برج أو شركة، في حدود علمي، تتبع له، وذلك على الرغم من أنه تقلد مناصب كثيرة جدًّا، فهناك جوانب إيجابية عديدة في شخصية الدكتور غازي القصيبي. وقال الدكتور العودة لقد أرسل لي في مرضه أبياتًا من الشعر، حيث كان يعالج في أمريكا، هذه الأبيات فيها إيمان بالله ومعاناة، حيث يقول: أغالب الداء الدوي الوبيل أغالب الليل الطويل الطويل أغالب الآلام مهما طغت بحسبي الله ونعم الوكيل كما أرسل لي ذات مرة قصيدة أعتبر أنها معبرة، يقول فيها: أسائل الركب بعد الفجر هل آبوا وفي آخرها يقول : بعض الدروب إلى الأوطان سالكة وبعضها في فضاء الله ينساب ولفت الدكتور العودة إلى أن هذه الأبيات توحي بأنه كان فعلاً يستشعر بقرب الأجل وقرب الرحيل، مشيرًا إلى أنه خلال هذه الفترة قام بتأليف عدد من الكتب، وترجم كتاب “المؤمن الصادق”، وهو كتاب مذهل مع أنه كتب قبل خمسين سنة ولكن محتوياته ومعلوماته وأحافيره في النفس الإنسانية غريبة. نجاح القصيبي وأوضح الدكتور العودة أنك إذا ذكرت الدكتور القصيبي، فإنك لابد أن تذكر النجاحات الكبيرة التي حققها في عالم التأليف، والإدارة، كذلك صبره على النقد والمعارضين والمقاومة -إن صح التعبير- لكثير من الأشياء، كما أنه كان شديد التفاؤل، فعندما زارنا، سألته وقلت له : أنت في السبعين، فما هذا حجم الأمل والتفاؤل؟ وأشار الدكتور إلى أن القصيبي رحمه الله كان يتحدث بلغة قوية جدًّا في الأمل والتفاؤل، وحتى في الأيام القليلة الماضية كان فيه شيء من مثل هذا المعنى، مشيرًا إلى أننا يجب علينا دائمًا أن لا نفقد الأمل وأن ندرك أن اللحظة التي نفقد فيها الأمل هي اللحظة التي تتسلل أو تنسل فيها الروح من عروقنا.