لقد أكرم الله بلادنا بقيادة إنسانية مبادرة لاغاثة المنكوبين، وخير مثال حيّ هو الجسر الاغاثي لإخوتنا منكوبي سيول باكستان، ومثله ارسال أكثر من ألف خيمة لمنكوبي السنغال، ولو تتبعنا إغاثات النكبات لوجدنا المملكة من أوائل الدول في تقديم الغذاء والدواء والاسكان، ويحمد لوزارة المالية أنها تتجاوز كل ما يؤخر تأمين مواد الإغاثة لترسل خلال أيام حتى كأنما المواد موجودة في مستودعاتها. قبل عام ونصف حدث زلزال حرة الشاقة في العيص وحمد وقتها للجهات ذات العلاقة التعامل مع الحدث بشكل حضاري جيد بدءاً من تحذيرات هيئة المساحة الجيو لوجية ومروراً باستعدادات الدفاع المدني في الاخلاء وانتهاء بتأمين الغذاء والسكن لمنكوبي الزلازل الذين توزعوا على المدن المجاورة في الشقق المفروشة وأمنت لهم الوجبات الغذائية، وقد تجاوزت وزارة المالية الروتين الذي يعرقل سرعة الصرف. مناسبة ماسبق هو ما نشر في الصحف منذ أيام ان تعويضات المساكن المتصدعة لم تصرف للسكان حتى الآن، مع أن الزلزال قد كشف حالة الفقر في العيص وكان خير دليل ليبدأ الصندوق الخيري لمعالجة الفقر اعماله، ونشرت وقتها صور لم يكن متصوراً ان تكون موجودة في بلاد منحها الله من الخيرات خيراً كثيراً، وزاد الطين بلة ان تهجير السكان أمات النخل واهلك الانعام التي كان السكان يقتاتون منها. كشف الزلزال نقص الخدمات في المنطقة، ومع ذلك لم تسجل حالة وفاة لان الاحتياطات الوقائية كانت عالية، غير ان كل الحماسة انتهت بانتهاء الزلزال، ولم يعوض أصحاب المساكن الشعبية المتهالكة، ويبدو ان اللجان لا تشعر بقيمة الوقت، فهل سيصعب تقدير منزل شعبي متهالك وهو يسقط من الرياح الشديدة، فضلاً عن هزات أرضية، فهل يحتاج تقدير قيمة التعويض لهذه المدة الطويلة؟ ومن عجب ان مواطناً تكفل ببناء مسجد مع ان الأرض كانت مسجداً وطهوراً، ومن عجب أيضاً ان من يملك منزلاً شعبياً نظر في وضعه وان لم يصرف حتى الآن، لكن من يقطن خيمة لا تشمله التعويضات، ومثله من كان يسكن بيتاً مستأجراً.. وكان التوقع ان تبنى مساكن لكل المتضررين من سقط أو تصدع منزله، ومن لا يملك منزلاً، ومن كان مستأجراً، فكلهم صاحب حاجة إنسانية، متساوون في عدم وجود السكن، ومتساوون في النكبة، ومتساوون في الحاجة إلى الإغاثة العاجلة، لا ان يسارع بتجاوز الروتين قبل الهزات واثنائها حتى إذا ما هدأت هدأ النشاط وعاد العمل بالاجراءات البطيئة لمواقف صعبة، لمواطنين متخذين من الأرض فراشاً والسماء غطاء، وهم إن لم تشفع لهم الكارثة يشفع لهم الفقر والعوز. مازالت معاناة السكان مستمرة في عدم صرف التعويضات بين محاضر اللجان، فهل الامر يعود لوزارة المالية ام لغيرها، لان تقدير تلك التعويضات لا يحتاج لوقت طويل، ولا لمكاتب محاسبة، فالبيوت شعبية أو لا بيت أصلا، وكان التوقع ان نسلم مفاتيح بيوت بديلة للسكان بعد بنائها، فقد مضى الوقت الكافي، فلا منازل تؤوي المواطنين في حر شديد، ولا كهرباء في هذا الصيف الشديد ولا تعويضات تمكنهم من اصلاح الاضرار.