ثمّن العلماء والمفكرون الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء خاصة في القضايا العلنية ،وجعل الفتاوى الخاصة أيضا بين السائل والمسؤول ،ووضع العقوبات لمن يخالف ذلك فضلا عن فتح الباب أمام المجتهدين حتى يحصلوا على تولي مسؤولية الفتوى عبر عباءة هيئة كبار العلماء. ووصف العلماء القرار ب"الحكيم" وطالبوا بضرورة أن تحذو حذوه جميع الدول الإسلامية حتى نستطيع توفير الحماية القانونية للعلم والعلماء،مؤكدين أنه جاء في وقته لحماية الساحة السعودية من فوضى الفتاوى التي بدأت في الظهور خلال الفترة الأخيرة. * يؤكد د.محمد عبد العزيز واصل وكيل الأزهر أن الأمر الملكي بقصر الإفتاء على هيئة كبار العلماء ،جاء في توقيت غاية في الأهمية والخطورة أيضاً حيث أن توقيته في أول شهر رمضان المبارك هو أفضل توقيت يعكس الرؤية الثاقبة للقيادة السعودية ممثلة في شخص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لأن الشهر الكريم للأسف الشديد يحوّله الكثيرون إلى سوق للفتاوى التي تحدث كثير منها بلبلة شديدة في نفوس المسلمين ،ومن ثمّ فإن الأمر الملكي يحافظ على هيبة الفتوى ويمنع التجرؤ عليها داخل المملكة ويحميها بقوة القانون أيضاً،وقد يكون هذا الأمر مشجعاً لباقي الدول العربية والإسلامية أن يتخذوا مثل هذا القرار وهو أمر مطلوب بقوة في الوقت الحالي الذي تحوّلت الفتوى فيه إلى كلأ ٍمباحٍ لكل من هبّ ودبّ. ويضيف د.واصل : إن هذا القرار يعيد الأمور إلى نصابها بأن تخرج الفتاوى الدينية من الهيئات العلمية المتخصصة حتى يكون ذلك بمثابة الحماية لعقيدة المسلمين ،لأن هيئة كبار العلماء بالمملكة وما يشبهها في الدول العربية والإسلامية كمجمع البحوث الإسلامية والمجامع الفقهية ،تعتمد في معظم القضايا على الفتوى الجماعية ومن ثم فإن الفتاوى بذلك تخضع لاجتهاد جماعي من العلماء وليس لاجتهاد فردي قد يصيب وقد يخطئ،ولذلك فنحن نرحب بالأمر الملكي ونعتبره بداية لاستعادة الوضع الصحيح للفتوى ليس في المملكة فحسب ولكن في العالم العربي والإسلامي بشكل عام. * ويقول الشيخ علي عبدالباقي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية : إن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء قرار حكيم وجاء في وقته ، لأن الفتوى أصبحت "مهانة"على الساحة الإسلامية ،وأصبحت الأمة اليوم تعيش حالة بلبلة دينية شديدة بعد أن كثرت الفتن في مجتمعاتنا وانتحل أنصاف المتعلمين الدعوة ونصّبوا أنفسهم قضاة وأصحاب رأي، ومن ثمّ فإن قرار خادم الحرمين سيكون بداية حقيقية في العالم الإسلامي لإعادة التوازن وحماية المجتمع المسلم من الفتنة ،لأنه يجب أن يكون قرار الإفتاء في أي بلد إسلامي محددا بجهات معيّنة وطالما أن هناك جهات رسمية في الدولة يجب أن تؤول مرجعية الفتاوى إليها وتكون هي صاحبة الرأي فيها،لأن الفترة الأخيرة من عمر الأمة الإسلامية أكدت أن فتح مجال الفتوى أمام الجميع بصرف النظر عن مؤهلاتهم وعلمهم أمر ينطوي على خطر حقيقي، يؤدي إلى ارتكاب أخطاء في الدين، وإلى ضياع التعاليم الإسلامية، ونشر البلبلة بين المسلمين، ومن ثم يحدث فساد داخل المجتمع،وهو ما فطن إليه خادم الحرمين الشريفين فأسرع بإصدار الأمر الملكي استشعاراً منه بالخطر على الدين داخل قلب الأمة الإسلامية ،وإعلاناً أيضاً على أن الفتوى والأمور الدينية غير مسموح فيها بالعبث وأنها محمية بسلطة القانون وكل من تسوّل له نفسه العبث بأمر الفتوى فسوف تنتظره عقوبات شديدة ورادعة،كما أن قرار خادم الحرمين يعطي الهيئة الحق بضم من ترى فيهم أهلا للعلم الشرعي والفتوى ومن ثم فقد فتح باب الاجتهاد أمام كل من يجد نفسه الصلاح في العلم والإفتاء والحصول على الإجازة من الهيئة. ويضيف الشيخ عبد الباقي أن هناك قانونًا مماثلاً لما أقره خادم الحرمين الشريفين قد جرت مناقشته في مصر بين وزارة الأوقاف والأزهر وكان من المقترح أن يحظر الفتوى على غير الأزهريين، ورحبت به الجهات المعنية ولم تزل منذ عامين تبحث سبل تطبيقه ويقر القانون المقترح غرامة مالية على من يفتي بغير مؤهل أزهري، أو على الأقل أن يجتاز الداعية غير الأزهري اختبارات تجيز له الفتوى بشهادة موثقة من دار الإفتاء المصرية، ونتمنى أن يكون قرار خادم الحرمين الشريفين مشجعاً للمسؤولين في مصر لإعادة طرح القانون وحماية الفتوى ويكون ذلك الأمر في المملكة ومصر بداية ثورة تصحيحية في العالم الإسلامي وحماية الدين بسلطة القانون * ويثمّن د.عبد الله الحسيني رئيس جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ،ويقول: إن هذا الأمر الملكي جاء في وقته لحماية الساحة السعودية من فوضى الفتاوى التي بدأت في الظهور خلال الفترة الأخيرة،وإن هذا القرار قرار صائب لأنه يحفظ لهيئة كبار العلماء هيبتها أمام عامة المسلمين من ناحية ،ويمنع التجرؤ على الفتوى من ناحية أخرى ،خاصة وأن كل من سيحاول الإفتاء خارج الهيئة بعد هذا المرسوم خاصة في القضايا العلنية فسينتظره عقاب قانوني ،ومن ثم فهذا القرار يحفظ للفتوى هيبتها وقيمتها في نفوس الناس ،ويضيف د.الحسيني أن خادم الحرمين لم يفاجئ الناس بقراره ولكن قدم له خطوات تمهيدية حتى يكون ذلك استباقاً وتحذيراً أيضاً لكل من تسوّل له نفسه العبث بقيمة الفتوى.