كثيرون لا يعرفون عن الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة الدكتور عبدالله المصلح سوى غزارة علمه، وتفانيه في خدمة الدعوة، ولكن قليلون هم من يدركون تحليه بروح المرح والفكاهة، أو وقفوا على أعمال الخير الكثيرة التي يقوم بها، والتي في مقدمتها الإصلاح بين الناس، الذي يقول إنه إحدى هواياته المحببة إلى قلبه. ويسرد المصلح بعض المواقف الطريفة التي مرت عليه في رحلة حياته، ونتعلم من إحداها عشقه لروح المغامرة والتحدي، فتعالوا نقلب سويًا بعض صفحات كتاب حياته: حب القراءة بداية يوضح المصلح اهتمامه الكبير بالقراءة، وميله الدائم لقضاء أغلب أوقات فراغه بين الكتب، وقال: أكثر الكتب التي أميل إلى قراءتها هي كتاب الله -عز وجل-، ثم قبسة من قبسات النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ثم أعرج على ما تصدره المجامع الفقهية من أبحاث، ويليها قراءتي فيما يجد ويتعلق من أبحاث الإعجاز العلمي باعتبارها رسالة عنيت نفسي بها أسأل الله العون.وعن كيفية التوفيق بين قضاء أوقات الفراغ في القراءة وبين تمضية بعض الوقت مع الأسرة يقول: “وقتي مقسوم بين البقاء مع الوالدة والزوجة والأبناء، والقسم الثاني أقضيه في غرفة أعددتها لنفسي في مسجد الحي أخلو بها بربي وأبحاثي التي أقرأها أو أكتبها”. وعن علاقته بالشعر ومدى استمتاعه به أوضح المصلح أنه يميل إلى الاستماع إلى الشعر ولا يقرضه، وقال: هناك نوعان من الشعراء، أولهما شاعر لسان وثانيهما شاعر أذن، وأنًا شخصيًا من النوع الثاني، حيث أميل إلى سماع الشعر الهادف وأستمتع بأشعار الحكمة، وبالنسبة للبيت الذي استوقفني هو قول المتنبي: إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألا تفارقهم فالراحلون هم بواكير الطفولة ويعود المصلح بذاكرته إلى الوراء متذكرًا أيام طفولته الأولى، ويقول: “قضيت معظم أوقات طفولتي في مدينة الرياض حيث ترعرعت بمدارس تحفيظ القرآن، التي كانت هي المنطلق لمدارس تحفيظ القرآن بالمملكة العربية السعودية، وكانت تتبع لوزارة التربية والتعليم ومعهد إمام الدعوة. عشت بحي “دخنة” وللمفارقة فإن كثيرًا من سكان الرياض أنفسهم لا يعرفون الكثير عن هذا الحي لاسيما بعد اتساع المدينة وتمددها، هو من أقدم الأحياء، وكان بيتهم يقع بجوار مفتي الديار سابقًا الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله. ومن المواقف التي لا تزال راسخة بذهنه يقول المصلح: “هناك موقف لا أنساه، وهو عندما كنت أتعلم بمدارس تحفيظ القرآن بالمسجد، وكنت أجلس عقب الانتهاء من الدراسة مع زملائي، وكان يمر علينا بعض طلاب المدرسة المحمدية، وهي من المدارس الحكومية، فكانوا يسخرون منا ويقولون لنا: “ابن سينا قصاع القملة” قلت لهم: سوف أتحداكم بإذن الله ومن ثم ذهبت للمدرسة المحمدية بالصف الثاني الابتدائي، وفي نهاية العام كان ترتيبي الأول عليهم، وبعد ذلك عدت ثانية لمدرسة تحفيظ القرآن، وكان هدفي هو أن أبين لأصحاب المدرسة الأخرى أن طلاب تحفيظ القرآن ليسوا بقصاعين القملة إنما هم قصاعين للتفوق”.وعن علاقة الشيخ المصلح بالرياضة والهوايات التي يفضلها يقول: “من أمتع الأمور التي أمارسها هي الإصلاح بين اثنين من المتخاصمين سواء أكانت بين شخصين أو مسجدين أو خصومة بين شيخين، فهناك مشكلات قد حدثت بين شيخين. أما أكثر أنواع الرياضة التي أحبها فهي رياضة المشي والسباحة، فأنا أتقنها جيدًا. وقال (مازحًا): أريدك أن تمر علي لنرى من سيفوز بال“سباحة”. وأبان المصلح عن عشقه الكبير للعمل الإعلامي وقال: “من البرامج التي تعجبني كذلك هي لقائي مع المسلمين في مختلف مناطقهم، وقد تحقق له هذا في برنامجين تليفزيونيين يعرضان أسبوعيًا، أحدهما يعرض على قناة (اقرأ) والآخر على قناة (الرسالة) وقبلهما عملت لمدة عشرين سنة في التلفزيون السعودي في المحطة الأولى حيث كان لدي برنامج شهير اسمه (قضايا وردود). أمنية تحققت وعن علاقته بالسفر والترحال يؤكد المصلح أنه كثير الأسفار، لكن معظمها يكون لغرض العمل أو لتقديم ندوة أو محاضرة أو حضور مؤتمر، ويقول: أسفاري كثيرة، ولكني لم أذهب خارج المملكة إلا لمهمة علمية أو دعوية، فإن كان ثمة برنامج علمي أو دعوي فإني أسارع إليه، ولي في فجاج الأرض من فضل الله صحبة في الخير ورغبة في العمل الصالح. ومن المواقف التي علقت بذاكرته، يقول: عندما كنت أدرس في كلية الشريعة بالرياض كنت المسؤول عن الأنشطة الثقافية والاجتماعية تحت مسمى (الأمين العام للأنشطة الثقافية والاجتماعية)، وجاءنا ذات يوم دكتور مشهور اسمه عبدالله رشوان وقدمته لمحاضرة ألقاها في كلية الشريعة. بعد انتهاء المحاضرة أعطاني بطاقتي التي كتب على أحد صفحاتها الدكتور عبدالله رشوان فقلبت البطاقة لأجده قد كتب “الدكتور عبدالله المصلح” وقلت في نفسي: هذا طموح وسأحققه في المستقبل، والحمد لله على تحقيقه. وكشف المصلح أنه هو الذي أدخل النشاط بكلية الشريعة في أبها، ويقول: “لا زالت الكؤوس التي ملأت مكتبي تشهد حتى اليوم بعشقي للرياضة، لكني مع ذلك أحزن بشدة عندما أرى حال أبنائنا وما أصبحوا فيه من تعصب شديد للأندية التي يشجعونها”. وعن أغرب الفتاوى التي وجهت له أثناء قيامه بالإفتاء على الهواء مباشرة أن اتصل عليه أحد الإخوان من جنسية عربية، وقال له: إنه سيتزوج ولا يعلم ماذا سيفعل عند دخوله على امرأته فقلت له: ادعني لوليمة لكي أحضرها، وسأهمس في أذنك لكي أقول لك ماذا تفعل، ولكنه لم يدعني. وختم المصلح حديثه بانتقادٍ وجهه إلى بعض الفضائيات قائلًا: “بصورة عامة فأنا قليل المشاهدة للقنوات الفضائية، ولكن يحزنني ما أجده في بعض القنوات المنسوبة لهذا البلد وبها ما لا تؤمن عواقبه على القيم الراسخة والأخلاق الحميدة”.