· الضجة الهائلة التي نعيشها بسبب ( البلاك بيري) .. والسباق المحموم والمضحك بين الفضائيات العربية على عرض المسلسلات خلال شهر الصيام .. يؤكدان بما لا يدع مجالاً للشك أننا قد أصبحنا بالفعل أمة لم تعد تنتج إلا الكلام ! .. والكلام الفضاء فقط ! . بالمناسبة .. في لسان العرب ؛ الفضاء هو المكان الذي لا يَسْتَتِرُ فيه شيء.. لكن فضاءنا العربي المُثقل بمئات القنوات ( الفاضية ) هتك كل الأسرار ، وتحدث في كل شيء .. إلا أسرار الفساد العربي المُعتّق ، وأسرار تخلفنا وجمودنا الذي هي جزء منه !. ·قديماً.. كان لكل قوم أحمقهم .. وأحمق القبيلة شخصية إستراتيجية وإعلامية هامة، تلعب دوراً مؤثراً في حالات الحرب و السلم .. فعلى لسانها يمرر العقلاء ما لا يستطيعون قوله مباشرة.. اليوم بعض الفضائيات العنصرية والقبلية تقوم بدور أحمق القبيلة ( الفضائي ) بكل جدارة واقتدار! ·متى يفهم أصحاب بعض الممارسات الإعلامية الشاذة والصاخبة, التي لا تراعي المصالح الوطنية العليا قدر مراعاتها لمنطق (الخبطات) الإعلامية ، أو منطق الانتصار لأيديولوجياتهم وشهواتهم .. إن ذلك الغُثاء الإعلامي الرديء يسيء لسمعة المملكة أكثر مما يستطيع أشد خصومها !.. وأن اجترار بعض القضايا المحلية التي قتلت جدلاً وبحثاً ، لن ينتج سوى المزيد من (الغبار الفضائي ) في عيون من يتبنون تلك التُرّهات وكأنها قضيتنا الكبرى ؟! . ·تنتابني حالة من الضحك كلما سمعت أحداً يطالب أصحاب القنوات الفضائية ( الخليعة ) بالالتزام بميثاق (شرف) إعلامي ! .. الأضداد لا تجتمع يا سادة.. لكن ما استغربه فعلاً هو عدم تدخل هيئات حقوق الإنسان لإنقاذ كرامة جسد المرأة الذي انتهكته بعض (الفضائيات) بقسوة !. ·تخيلوا كم من الأموال سنجمع لمساعدة الجمعيات الخيرية لو تم اقتطاع نصف ريال فقط من قيمة كل رسالة من ملايين رسائل ( الشات ) اليومية، التي تملأ (الفضاء العربي ) جعجعة لا طحين لها ؟! · التقنيات الحديثة ( الانترنت - الفضائيات- الاتصالات ) زادت من اتصال العالم ( افتراضياً ) ببعضه، لكنها أعادت البشر إلى حياة الكهوف القديمة ! فالكل أصبح يعيش داخل كهف منظومته الافتراضية !.. لا أحد يقترب من أحد، ولا أحد يختلط بأحد في الواقع !! .. لقد وصلت البشرية في علومها إلى الاتصال بما هو أبعد من القمر.. لكن المسافة التي تفصل بينك - كإنسان - وبين اقرب الناس إليك أصبحت بعيدة وبعيدة جداً!. · أهم مشكلات العقل العربي- في وجهة نظري- تتمثل في عدم قدرته - حتى الآن- على ترتيب أولوياته بشكل صحيح ، فالعلم والعمل والإنتاج والتنافسية والنظام تأتي في مراتب متأخرة جداً على ذلك السلم، مسبوقةً بالله والحديث والشعر والجنس والقبيلة ! فالعقلية العربية التي تقدس (الفهلوي) لازالت تنظر إلى المنضبط على انه (سبيكة).. وتحكم على المفكر أنه ( ثقيل طينه ) وعلى الناجح انه ( محظوظ ) !.. والأدهى أن العقلية العربية لازالت مؤمنة أن الزمن وحده كفيل بمهمة التغيير في كل شيء!. · عندما نتغلب على البطالة في مجتمعنا، وعندما يكون للشباب صوت يمثلهم في مجلس الشورى، وعندما يصبح لدينا نوادٍ فنية وثقافية جاذبة،ومؤسسات مجتمعية تسوق للعمل التطوعي بشكل صحيح.. عندها فقط ستغلق كل (القنوات الفضائية الهابطة) أبوابها بالضبةو المفتاح. · كل عام وانتم بخير . [email protected]