اعتاد الناس في السابق على أن شهر رمضان الكريم شهر مخصص للعبادة وقراءة القرآن فقط، ولكن في الآونة الأخيرة بدأ بعضهم في الاهتمام بالنشيد الهادف، مؤكدين أنه من أبواب الخير، وأن الاستماع له لا يتعارض مع طبيعة الشهر الفضيل. ويتذرع من يدعمون هذا التوجه بأن كثيرًا ممن كانوا يستمعون إلى الغناء ويهتمون بالمطربين يتوقفون عن ذلك خلال رمضان، ويميلون إلى سماع الأناشيد، مما يمثل فرصة مناسبة لاستقطاب هؤلاء، وتحفيزهم على الإقلاع النهائي عن الاستماع للأغاني، فماذا يرى المنشدون، وهل هناك حفلات سيتم تنظيمها خلال هذا الشهر؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في الاستطلاع التالي: حفلات متعددة بداية يؤكد المنشد موسى آل عميرة المكنى (أبو علي) أن الحفلات الإنشادية في رمضان ذات طابع مختلف قائلًا: أكثر الأناشيد في شهر رمضان تأخذ طابع الروحانية والابتهال والدعاء، وقال: لو نظرنا إلى الواقع الإنشادي سنجد أن الناس في هذا الوقت يميلون للاستماع إلى الأناشيد ذات الطابع الروحاني التي تذكر بفضائل الطاعات في الشهر الكريم، فهذه من أنواع الإنشاد التي يميل إليها الكثير من مستمعي النشيد، خاصة في رمضان، وبالتالي توجد أشياء كثيرة جدًا يريد الجمهور الاستماع إليها في رمضان، أولها القرآن الكريم، ولكن هذا لا يعني غياب الحفلات الإنشادية في شهر رمضان، فقد دعينا للمشاركة في أكثر من حفل خلال هذا الشهر الفضيل، وهذا يعني أن هنالك بإذن الله تعالى الكثير من الحفلات التي ستقام، والتي ستحمل في طياتها روحانية وذكر لله تعالى. ومضى أبو علي قائلًا: بعد أن يؤدي الجمهور صلاة التراويح تبدأ فعاليات المخيم، ومن المتعارف عليه أن فعاليات المخيم والمشاركات الإنشادية تكون في الغالب فيها بعد صلاة التراويح، حيث يقوم بعض الإخوان بإنشاد بعض الأناشيد المرحة، وإن كانت الأجواء في المخيمات هي أجواء إنشادية، فإنها تكون أناشيد روحانية فيها نوع من الابتهال لله عز وجل، وبالتالي نجد أن الجمهور يستحسن الإنشاد في رمضان. فالكثير من الناس يهجرون الاستماع للأغاني، وهذا يعتبر مؤشرًا إيجابيًا، حتى المغنين يتوقفون عن الأغاني في هذا الشهر للتفرغ للعبادة، والجميع يقدمون كتاب الله على كل شيء. أما التوجهات الفنية للنشيد فتدور كلها حول الابتهالات والدعاء. وأوضح أبو علي أنه سيقوم بإحياء عدة حفلات إنشادية خلال شهر رمضان المبارك، وستضم الكثير من المنشدين، وقال: سيشارك معي في هذه الحفلات بعض المنشدين منهم المنشد أبو عبدالملك الذي سيكون معي في بعض الحفلات في مدينة الرياض، وسيتم تحديد الوقت وأماكن تلك الحفلات خلال هذه الأيام، وهناك حفلات أخرى في مدينة الدمام أيضًا، وتحديدًا في نادي القادسية، ولكن حتى الآن لم يتم تحديد مواعيد هذه الحفلات بشكل دقيق، وسيتم ذلك خلال الأيام القليلة القادمة، ومن المؤكد أن مواعيد انطلاق الحفلات ستكون بعد الانتهاء من صلاة التراويح. واختتم أبو علي قائلًا: هذه ليست هي المرة الأولى التي نقيم فيها حفلات إنشادية في شهر رمضان، فهذا شيء معتاد دائمًا، وأيضًا الجمهور في رمضان هو نفسه الجمهور في بقية الأيام الأخرى، وإن لم يزداد عدد الحضور في شهر رمضان المبارك، فإنه لم ينقص بإذن الله تعالى، ولو نظرنا إلى السنوات السابقة لوجدنا أنه كانت تقام في المخيمات حفلات إنشادية حيث يأتي بعض الشيوخ لإلقاء كلمة، ثم بعد ذلك تبدأ الأناشيد في المخيم، وكان عدد الجماهير هائلًا جدًا. استقطاب الجمهور من جانبه يوضح المنشد ياسر حلس الخصوصية الشديدة لشهر رمضان قائلًا: رمضان شهر له خصوصيته وأهميته الخاصة في التقرب إلى الله بالطاعات والعبادة، ولذلك كان بعض السلف يتفرغ للعبادة وقراءة القرآن، ويترك مجالسة طلبة العلم؛ لأن شهر رمضان موسم عظيم، ومخصص للإقبال على الله، فترى عامة الناس مقبلون على الطاعة. واعترف حلس بأن الحفلات الإنشادية في رمضان ربما تكون شحيحة وقليلة، وقال: أعتقد أن الانشغال بالعبادة وطبيعة رمضان تمنع إقامة هذه الحفلات ذات التفاعل الحقيقي، وعلى مدار السنوات الماضية لا أذكر أن مهرجانًا إنشاديًا مميزًا أقيم في شهر رمضان المبارك، وأذكر أنه طلب مني في إحدى السنوات، وكذلك من فرقتي (نداء) و (حداء) المشاركة ببعض الأناشيد التي ترعاها إحدى الفضائيات الطيبة في أحد الأسواق الشهيرة بجدة، ولكني اعتذرت وبشدة؛ لأن الموعد المحدد لنا كان يوم السابع والعشرين أو الثامن والعشرين من شهر رمضان. واستدرك حلس بالقول: لكني بصورة عامة أرى أن إقامة هذه الحفلات في رمضان هي فكرة ممتازة أعتقد أنها ستجد استحسانًا من الجمهور، ولا يوجد ما يمنع من تنفيذها، بل على العكس ربما تجد قبولًا واسعًا من جماهير النشيد، ومن عامة الناس باعتبار الإنشاد الديني سيكون مقبولًا لدى عامة الناس في رمضان، وهي فكرة جيدة أيضًا باعتبار أن رمضان يوافق إجازة الصيف لدى الطلاب والطالبات لكن أرى أنه إذا تم الحفل فلا يتعدى موعد إقامته النصف الأول من رمضان. ومضى حلس بالقول: أكثر الأشخاص يهجرون الأغاني في رمضان تعظيمًا لهذا الشهر الكريم، وهذه فرصة طيبة للمنشدين وفرصة سانحة أدعوهم لاقتناصها لجذب من يتسمع الأغاني وتعريفه بالنشيد، شريطة أن يكون النشيد هادفًا ومتميزًا، ويؤدى بطريقة فنية ومهنية، فأنا أدعو من هذا المقام كل من يستطيع أن يستغل هذه الفرصة؛ لأن يبادر مخلصًا نيته لله، فلعل أحدهم يترك الغناء وسماعه حتى بعد شهر رمضان، ويستقيم أمره فيحصل بذلك الأجر العظيم لك وله. اختلاف الصورة من جانب آخر يؤكد أيمن اليوسف مدير مؤسسة بارقة للإنتاج الفني أن شهر رمضان المبارك يمكن استغلاله لخدمة الإنشاد الهادف، ولا ينبغي النظر إليه على أنه فترة ركود، وقال: في رمضان تتغير الأمور تمامًا حيث يقل الطلب على ألبومات الأغاني وينصرف الناس عن الاستماع لها، خاصة في بداية الشهر، فتجد الشاب الذي يهوى الغناء يستبدله بالإنشاد، وكذلك تنتشر المهرجانات الإنشادية وتزداد بشكل واضح. نحن أقمنا قبل ستة أشهر حفلة إنشادية للمنشد حامد الضبعان، وامتلأت القاعة بشكل لم نتوقعه، حيث بلغ الحضور ثلاثة آلاف شخص والصورة كما تشاهدها. هذه الحفلات لم تكن مرغوبة من المشاهدين في السابق، لكنها أصبحت الآن تشكل منافسًا قويًا للحفلات الغنائية، وتبث بكثرة عبر القنوات الفضائية المختلفة. ومضى اليوسف بالقول: من الأشياء التي لمسناها في هذا الجانب، ومن خلال عملنا بالإنتاج أن محلات بيع التسجيلات الفنية تقوم بشراء كميات كبيرة من ألبومات الإنشاد لبيعها خلال شهر رمضان، وأصحاب هذه المحلات يؤكدون أن الشباب يطلبون هذه الأشرطة بدلًا عن أشرطة الغناء، ولله الحمد كانت نقله لكثير من الشباب من الغناء إلى الإنشاد، وبعضهم يستمر على الاستماع للإنشاد، ويقلع عن الاستماع للموسيقى حتى بعد انتهاء شهر رمضان، وكثير من محلات بيع التسجيلات الفنية قد غيرت مجالها وتخصصت في بيع ألبومات الإنشاد بدلًا عن ألبومات الفن والطرب. واختتم اليوسف قائلًا: الله الحمد كنا قبل خمس سنوات لا نجد على الطريق السريع أي محلات لبيع ألبومات الأناشيد، والآن تغير الوضع بشكل ملفت، والحمد لله.