قبل الخوض في حديث عن أهمية تطبيق الحكومة الإلكترونية للمواطن، والتي أعتقد أنها الأكثر اهتمامًا لديه من أخبار التغيير الوزاري، وذلك نتيجة لثلاثة أحداث هامة تمت وهي: الأول: استحداث المدن الاقتصادية مع توسع الحكومة في مشاريعها الصناعية في الجبيل وينبع ورابغ وراس الزور، وكذلك تطور نظام الاتصالات في الخدمات البنكية والبريدية وتطبيق نظام سداد للخدمات الحكومية. الثاني: استحداث المحاكم المتخصصة، وتطوير نظام القضاء والأنظمة الشرعية، وتحديث القوانين الاستثمارية لتسهيل إجراءات التقاضي. ثالثًا: تطور أسلوب التعليم انطلاقًا من وزارة التربية والتعليم إلى تطوير المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لتنتهي إلى التعليم العالي باستخدام الحاسب الآلي في أغلب برامجها. وما يربط هذا التطور والتنمية مع المجتمع والإعلام هو (الانترنت) الذي أصبح يرصد ويتابع أعمال التنفيذ للمسؤولين في الدولة من الوزراء إلى موظفي الاستقبال، ويتم المتابعة والرصد بنوع من الحرية والشفافية يشارك فيه الكاتب والمحلل الاقتصادي والاجتماعي هموم الوطن، ثم ينتظرون تعليقات المواطنين على موقع إلكتروني ليكون خلاصة النقاش هو الفيصل في المرافعة والمدافعة دون رقيب يمنعهم أو نظام يحاسبهم. خلال هذا السنوات السابقة ارتفع وعي المجتمع من الاعتقاد أن الإصلاح يأتي من تغيير (الوزراء) إلى الوعي بالمطالبة بإصلاح النظام الاداري لمراقبة (الادارة التنفيذية) وهم وكلاء الوزارة، والمساعدون، والمديرون العامون للقطاعات الحكومية، هؤلاء الذين لا يتغيرون مع تغير الوزراء ويمكثون عشرات السنين في مناصبهم دون أن تمتد إليهم قرارات التغيير الإداري. وهنا لا يستطيع المجتمع المدني أو الإعلام مراقبة كافة العاملين في الإدارة التنفيذية بدون استخدام تقنية الإنترنت وتطبيق الحكومة الإلكترونية E-government التي تقدم الإحصائيات الصحيحة حول المعاملات التي أنجزت ومراحلها الزمنية، وهنا أهمية إقرار الحكومة الإلكترونية ضمن خطة التنمية التاسعة (2011 – 2015) أمر ملح وضروري نتيجة العرض التالي: منذ أن صدر قرار مجلس الوزراء رقم (520) وتاريخ 5/7/1383ه بتأسيس لجنة عليا للإصلاح الإداري لتساعد الأجهزة الحكومية القائمة على أداء واجباتها بكفاءة وفاعلية، ثم توالت التعديلات عليها لتواكب خطط التنمية السابقة، ولكن ظل الإصلاح الإداري غير قادر على مواكبة التنمية السريعة للوطن ولحاجات المواطن، ولعل القرارين الهامين اللذين حاولا تسريع وتيرة العمل الحكومي من خلال قرار مجلس الوزراء رقم (99) وتاريخ 14/6/1411ه، والتي نصت بها الفقرة (خامسًا) على تفويض مجلس الوزراء هذه اللجنة ممارسة اختصاصاته المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (25) من نظام مجلس الوزراء، ليكون بمقدورها أن تتخذ القرارات المتعلقة بإحداث وترتيب المصالح العامة بصورة نهائية دون الرجوع إلى مجلس الوزراء، ومع ذلك وبعد تسع سنوات صدر قرار آخر من المقام السامي رقم 7/ب/6629 وتاريخ 7/5/1420ه، بتشكيل لجنة وزارية عليا سميت «اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري» لتقوم بوضع وتنفيذ مشروع وطني متكامل لإعادة الهيكلة الإدارية للأجهزة الحكومية، ودراسة نظام الموظفين وحجم الوظائف وأعدادهم، ومدى الحاجة إليهم، ومدى حجم كل مصلحة أو وزارة قياسًا بالمهام المنوطة بها هذه اللجنة لها (11عامًا) وهي تعمل على تطوير الأجهزة الحكومية في توحيد أهدافها ووحداتها الإدارية ونشاطاتها الخدمية، وإزالة ما بها من ازدواج أو تضارب أو غموض، والعمل على التوازن بين حجم الادارات الحكومية والمهام المنوطة بها، لتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين. ومع ذلك وإن قدمت هذه اللجنة بعض اهدافها خلال الفترة الماضية، إلا أنها لم تستطع زيادة الفاعلية التنظيمية أو رفع كفاءة الأجهزة الخدمية أو تسهيل مسارات نظم العمل بصورة مطردة مع التوسع في متطلبات التنمية، بل ان نشر الأخبار والمواضيع وتخزينها في الانترنت كشف للحكومة وللمجتمع المدني، انه لا يوجد درجات توافق بين وزارة الشؤون البلدية والقروية وبين وزارة المياه والكهرباء في التوسع العمراني، ولا بين وزارة النقل وامانات المناطق في انشاء الطرق واقامة القطارات، ولا بين تخصيص الطيران المدني وتطوير الخطوط الجوية السعودية، ولا بين وزارة الصحة وبين الدفاع المدني في تجنب الكوارث، ولا بين وزارة التجارة والصناعة وبين هيئة الدواء والغذاء في حماية المستهلك. ختامًا: ما أريد أن أطرحه من هذا المقالة المتقاطعة هو تفعيل (اللامركزية الإدارية) من خلال تسريع تطبيق الحكومة الإلكترونية، مع أهمية تفعيل دور إمارات المناطق في تحمل مسؤولية الإشراف ومتابعة مشاريع الحكومة المركزية، وترشيد الإنفاق من خلال اعادة هيكلة (ديوان المراقبة العامة) وتغيير شامل لنظام (الخدمة المدنية) لكي تستوعب الكفاءات الوطنية للخدمة العامة، وهنا وبعد ذلك لا يهم المواطن التغيير الوزاري بقدر ما يهمه خطة التنمية الجديدة وكيفية تنفيذها وإنجازها، وكل عام وأنتم بخير، ورمضان كريم. www.abm.com.sa