كانت لي جدارًا ومتكأً.. بكيت عليها كثيرًا عندما رحلت -ولازلت- وعرفت بعدها أن الجدار قد انهار، وأن سقوطي بعدها لا محالة.. وازدردت غصتي في الحياة التي أفقدتني إياها.. كانت كل شيء كنت أشبهها وإخوتي بالجدار تارة، وبالظل أحيانًا أخرى والغطاء الدفيء.. قرأت انكشاف الغطاء بعدها على سحنة كل من عرفت.. الكل متربص.. هاتفتني إحداهن فتخيلتها ستعزيني في فقدها، ولكني تفاجأت بها تدّعي أن لها مبلغًا من المال على الراحلة، وبشهادة فلانة أخرى.. وتوالت الفلانات وتوالت النكبات ولا متكأ ولا جدار لي بعدها.. وفي زحام الحياة ووجع الفقد بحثت عنه.. عن جدارنا الآخر عن غطائنا لم ألمحه حتى.. وجدته جدارًا قصيرًا.. وغطاءً ممزقًا.. وظلاً أحاديًّا لا يمتد أبدًا.. وبنهر من الدموع والتوسلات قلت له «نحتاجك ظلاً» لم يرد مباشرة بل صاح صافقًا الباب خلفه قائلاً «وأنا» ركضت وراءه.. صحت فيه أستوقفه «لكنهم صغار» دفعني جانبًا ومضى.. قبل عدة أسابيع أخرجنا من منزلنا الذي جمعنا سنوات تحت ظلها الذي رحل برحيلها.. كنا سبعة دفع بنا جميعًا في بيت بلا ظل.. وذهب ليستظل هو في كنف أخرى، ولم يمضِ على رحيلها المر أكثر من ستة أشهر.. من بين يدي تناثر الصغار.. حاولت أن أكون لهم الجدار والغطاء والظل.. لكني اكتشفت أن ظلي ينقص عن ظلها الأرحم كثيرًا، وغطائي تخالطه شقوق وجداري للأسف كان قصيرًا فتسلقه مَن تسلق.