كشف تقرير إسرائيلي حديث، سُلّمت صورة منه للأمين العام للأمم المتحدة، أن إسرائيل ستتخذ إجراءات احترازية للتقليل من الخسائر المدنية في حروبها المستقبلية، وأن من بين تلك الإجراءات تعيين ضابط للشؤون الإنسانية في كل وحدة قتالية، مع وعود بالحدّ من استخدام الفوسفور الأبيض. أهمية التقرير ليس فقط كونه يكشف عن نوايا إسرائيلية بشن حرب جديدة على قطاع غزة، رغم التزام حماس بوقف إطلاق الصواريخ على سيدروت، وإنّما لأنه يعتبر بمثابة إخطار للسيد بان كي مون بأن الحروب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وطبعًا اللبنانيين مستمرة، إلى جانب طمأنة الشعبين الفلسطيني واللبناني بخسائر مدنية أقل عندما تقرر إسرائيل القيام بشن تلك الحروب (الناعمة). وكانت مصادر إسرائيلية كشفت في وقت سابق عن برنامج إسرائيلي يعتمد على الروبوتات -بما في ذلك الطائرات بدون طيار، التي تعتبر إسرائيل المنتج والمطور الأكبر لها في العالم- بشكل أساس في حروب المستقبل؛ للتقليل من الخسائر في صفوف جنودها، وهي قد اتّخذت إلى جانب ذلك كافة الاستعدادات كي تكون الطرف المسيطر في هكذا حروب قادمة بنسبة 100% من خلال إنهاء مشروع القبة الحديدية الذي سيوفر لها الحماية ضد صواريخ حماس البدائية التي تزعج أطفال سيدروت، وتسبب لهم آلامًا نفسية. يتم هذا بالتزامن مع إجراءات إسرائيلية تتم بوتيرة متسارعة، وتشكل أكبر وأخطر تهديد يواجهه الفلسطينيون منذ نكبة 1948، وهو ما تمثل مؤخرًا في خطة ليبرمان بجعل قطاع غزة كيانًا منفصلاً الذي يعتبر الاستثمار الأمثل لتعثر المصالحة الفلسطينية، واستمرار الوضع الغزاوي على ما هو عليه، وفي صدور القرار الخاص بضرورة أداء قسم الولاء لما يعرف بالدولة اليهودية العبرية كشرط أساس لاستمرار المواطنة الإسرائيلية لعرب 1948، بما يؤشر إلى أكبر عملية تطهير عرقي لأكثر من مليون فلسطيني يعيشون في الجليل، إلى جانب عملية تهويد القدس العربية بشكل كامل التي شارفت على الانتهاء. كل ذلك والفلسطينيون في حيرة من أمرهم، هل يقبلون باستئناف المفاوضات المباشرة مع نتنياهو (مفاوضات على ماذا؟ وهل تبقى شيء للتفاوض عليه؟)، ورغم أن الجواب بات معروفًا بأنهم في النهاية سيقبلون.. وهل ستكون المصالحة في صالح السلطة أم في صالح حماس؟ فإذا كانت في صالح السلطة فيجب أن تمتنع حماس، والعكس أيضًا صحيح. هذا هو الواقع الفلسطيني الذي تستثمره إسرائيل من كافة الأوجه، عندما لا تسعى فقط إلى كسب حروب الحاضر السياسية والعسكرية والتفاوضية والإعلامية والنفسية والدعائية، وإنما أيضًا حروب المستقبل، فيما لايزال الفلسطينيون يطلقون التصريحات، ويتبادلون الاتّهامات دون حساب للوقت الضائع من عمر قضية تحوّلت إلى مفاوضات مفتوحة تجد إسرائيل فيها فرصتها لتحقيق أكثر ممّا كانت تحلم به أيام بن جوريون وجولدا مائير!