قال خبراء ان سوريا التي بدأت اصلاحات مهمة لتحرير اقتصادها منذ تولي الرئيس بشار الاسد السلطة في العام 2000، عليها ايضا السعي الى ضمان التوازن الاجتماعي. وفي السنوات الاخيرة، تقوم الحكومة بعملية تحديث للنظام المالي وسمحت بالمصارف الخاصة وتحرير صرف العملات وتحسين مناخ الاعمال، لكن الخبراء يرون انه لا بد من ادخال اصلاحات جديدة اقتصادية وسياسية واجتماعية في هذا البلد الذي يواجه نموا سكانيا كبيرا (2.4 بالمئة)، وبلغت نسبة البطالة 20 بالمئة حسب تقديرات غير رسمية بينما يعاني 5.3 ملايين شخص من الفقر حسب دراسة للامم المتحدة. وقال خبير اقتصادي طلب عدم كشف هويته ان الانتقال الى اقتصاد السوق ترافق مع الازمة المالية العالمية وعوامل طبيعية سيئة مثل الجفاف "وسعت الهوة بين الاغنياء والفقراء"، ويقول صندوق النقد الدولي ان نسبة التضخم تجاوزت ال 15 بالمئة في 2008 قبل ان تتراجع بشكل كبير تحت تأثير تباطؤ الاقتصاد العالمي. وادى خفض الدعم الحكومي للمحروقات والمنتجات الغذائية الاساسية الى تآكل اجور الطبقات الفقيرة. وفي الوقت نفسه حلت انظمة مدفوعة محل تلك المجانية في قطاعات مثل الصحة والتعليم. وادى الجفاف الذي يضرب شمال شرق البلاد منذ اربع سنوات الى زيادة الهجرة من الارياف ودفع الحكومة الى اتخاذ "اجراءات عاجلة" مثل توزيع مساعدات غذائية، وقالت الحكومة التي حددت هدفا لها "تحسين مستوى معيشة المواطنين" انها تحتاج الى 25 مليار ليرة سورية (500 مليون دولار) لتتمكن من زيادة اجور حوالى 1.4 مليون موظف، بنسبة عشرة بالمئة. وقال مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط بول سالم إن "سوريا اليوم تدرك اهمية الاقتصاد كعنصر استراتيجي لاستقرار النظام"، واضاف ان "المشاكل الاقتصادية والاجتماعية تصبح سياسية وامنية في مرحلة ما اذا ما تفاقمت". من جهته، قال حاكم المصرف المركزي السوري اديب ميالة لفرانس برس "بذلنا جهدا كبيرا في الاصلاح وسوريا قطعت مراحل لا بأس بها"، واضاف ان "اكثر ما يعطل الاصلاحات هو المقاومة التي تبديها بعض الذهنيات لتقبل طريق الاصلاح". اكد ضرورة "اصلاح الذهنيات" مشيرا الى "البيروقراطية". ولتحسين بناها التحتية خصصت سوريا استثمارات في قطاعات النقل والزراعة والري والمياه والسكن والطاقة. وقدر الخبير الاقتصادي سمير سعيفان الاستثمارات الضرورية سنويا لضمان نمو نسبته 7 بالمئة وتطويق البطالة والفقر ب12 مليار دولار على الاقل. واقر بول سالم بوجود "نمو اقتصادي مهم لكنه بطيء لان المنظومة القانونية والسياسية (الشفافية والمساءلة والفساد والحرية في التعامل) لا تتوفر في سوريا". وقال ان "النموذج التركي كان موجها لسوريا"، مشيرا الى ان "الوضع التركي منذ ثلاثين عاما يشبه سوريا الآن وآخر 15 سنة تركيا انطلقت واصبحت واحدة من اكبر اقتصادات العالم".