كثير من الناس لا يعرفون عن الكاتب الكبير فهمي هويدي إلا أنه كاتب إسلامي مهموم بقضايا الأمة ومدافع ومنافح عنها، ولكن قليل جدًا يعرفون الوجه الآخر له، والذي يخلو من محطات وآراء لا يعرفها إلا المقربون، هويدي لم يعش شبابه كما يريد بل قضى معظمه خلف القضبان بسبب آراء وظروف سياسية في مصر، وهو من الرافضين للقب مفكر إسلامي، ولكنه يعلن اعتزازه بكونه صحفيًا وباحثًا مهتمًا بالشؤون الإسلامية، لعب كرة القدم ولم يواصل فيها، يحرص على متابعة الفنون التشكيلية، واقتناء اللوحات والقطع الفنية من كل دولة يزورها. صحفي أولًا وأخيرًا عن نشأته وتكوينه الفكري يقول هويدي: “أنا من مواليد 1937م، تخرجت في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1960م، والتحقت بقسم الأبحاث في جريدة الأهرام منذ عام 1958، حيث قضيت فيها 18 عامًا تدرجت خلالها في مواقع العمل المختلفة. ويتحفظ هويدي على "قولبته” في إطار "الكاتب الإسلامي” أو “المفكر الإسلامي”، وقال: “أنا ضد أن يسمي شخص نفسه أو يطلق عليها مسمى معين، ولكن الآخرين يطلقون عليه ما يرونه، وأنا لا أطلق على نفسي صفة "مفكر” فأنا باحث معني بمشكلات الأمة، أعتز بكوني صحفي أولًا وأخيرًا، ولا أخفي تأثري بالصحفي المصري الراحل أحمد بهاء الدين، وكذلك محمد حسنين هيكل، فأنا من الذين يجوبون العالم لتجويد عملهم الصحفي وتحليلاتهم”. خريج سجون وحول علاقته بأبناء جيله في عصر الشباب، قال هويدي: “لم أكن في يوم شابًا، فقد دخلت السجن وعمري 16عامًا، وخرجت منه فوجدت الشباب قد ولى، ولهذا فقد خرجت من السجن إلى هم العمل، ولا أستطيع أن أقول: إنني عشت سنوات وحياة الشباب بمغامراتهم وطيشهم، وذلك يرجع لأسباب ليست اختيارية، قبل دخولي السجن كنت مهتمًا بالقراءة والأدب، لعبت كرة القدم والتحقت بأكثر من نادي، ولكني لم أكمل المشوار في دنيا الكرة، وقضيت زهرة شبابي خلف القضبان بسبب الظروف السياسية في مصر في ذلك الوقت”. الكتاب والقلم وأضاف هويدي: “دخلت في عالم المسؤولية التي أبعدتني ليس فقط عن حياة الشباب ولكن عن أشياء كثيرة أحبها كالرياضة والرسم والفنون، حيث كنت قبل العمل بالصحافة أقوم بعمل رسوم كاريكاتورية. بدأت حياتي المهنية بالرسم الكارتوني، ومارست الفن التشكيلي ولازلت أحيانًا رغم كثرة مشاغلي، ولكنه مازال هوايتي المفضلة، كما أحرص على اقتناء القطع الفنية الأصيلة في كل دولة أزورها سواء في الشرق أو الغرب. أفضل أصدقائي في إقامتي وترحالي هما الكتاب والقلم، فألجأ إليهما للهروب من همومي، ومعهما أجد الراحة وتفريغ شحنات غضبي”. لم أهاجم المرأة وحول هجومه على المرأة في مقالاته وموقفه منها، قال هويدي: “لم يحدث ذلك مطلقًا، وهناك فرق بين كوني هاجمت المرأة عمومًا أو هاجمت امرأة معينة، لكني كنت مشغولًا بهموم أكثر من ذلك، فأنا ضد الآراء والعقيدة الاستشراقية، التي ترى أن المرأة ضعيفة ومقهورة، وترفض دخول المرأة في المجال السياسي، وهذا غير صحيح، فالمرأة في التاريخ العربي والإسلامي كانت قوية، فالنساء كن شيخات يعطين الإجازات العلمية منذ مئات السنين في العصر العباسي والأموي، ولكن المستشرقين الأجانب حينما وجدوا أن الرجل في عالمنا يحتكر معظم المناصب والوظائف قاموا باصطناع تلك الفكرة عن المرأة، ولكنها كلها أشياء بها مبالغات كثيرة لأن المرأة ليست بهذا الضعف ولكن كانت قوية وصامدة، ويجب علينا أن ندافع عن كرامة المرأة حتى لا تكون أداة من أدوات الرفاهية، وأنا أعترض على استخدام المرأة للترفيه والتسويق للسلع؛ لأن هذا ينال من كرامتها، ولذلك فالمرأة مهانة والرجل مهان بالعالم العربي”.