كنا ننتظر حل الأندية الأدبية ليحل محلها مراكز ثقافية كبرى يُمارس فيها مختلف الأنشطة الأدبية والفنية والثقافية،ويتبع المركز الثقافي الأم في كل مدينة مراكز ثقافية صغرى للجنسيْن تنتشر في جميع أحياء مدننا،تعنى باكتشاف المواهب الأدبية والفنية،وتعهدها بالصقل والرعاية والتنمية،وشغل أوقات فراغ شبابنا وأطفالنا من الجنسين بما يعود عليهم بالنفع والفائدة،مع وجود مراكز ثقافية متنقلة تجوب القرى النائية، وفي الوقت الذي تردد أنَّ وزارة الثقافة والإعلام تفكر جدياً في استبدال الأندية الأدبية بمراكز ثقافية فوجئنا بإصدار لائحة الأندية الأدبية،التي تعكس لنا ضعف الدور المنوط بها لضعف ميزانيتها المخصصة لها طبقًا للمواد المالية والإدارية باللائحة. أولاً: اللائحة الإدارية: وسأتوقف عند لجان الأندية الأدبية ؛ إذ حُصرت في ثلاث لجان تحدد أنشطة النادي التي اقتصرت على الأنشطة المنبرية،ولجنة الإعلام والنشر،ولجنة المطبوعات،وهذا هو نشاط الأندية الأدبية الذي كانت تُمارسه الأندية قبل هذه اللائحة،أي أنّه لا توجد أية خطوة تطويرية لأنشطة الأندية الأدبية،وذلك بتحويل اللجان إلى فرق عمل،فقد ثبت فشل هذه النوعية من اللجان لمحاولة البعض الإنفراد بالعمل،ونحن نريد أن نوطن أنفسنا على العمل بروح الفريق،ونوجد فرق عمل تشمل الآتي: 1- فريق عمل لتنمية المواهب الأدبية والفنية من الجنسيْن،ويتم اكتشافها من خلال الأنشطة المدرسية والجامعية. 2- فريق عمل للأعمال السينمائية الوثائقية والتسجيلية،وفن الدراما التلفزيونية،وفن كتابة الحوار والسيناريو السينمائي والدراما التلفازية،تضم مختصين وموهوبين في هذا الفن، ويُختار فيلم تسجيلي،أو وثائقي من أعماله،ليدخل ضمن مسابقة كل سنتيْن عن أفضل فيلم تسجيلي للأندية الأدبية،وترصد للعمل الفائز جائزة كبرى تصل إلى مليون ريال يوزع على فريق العمل الفائز. 3- فريق عمل للكتابة المسرحية،وإعداد الحوار المسرحي،وتشمل مسرحيات شعرية، ومسرحاً للطفل، ومسرحاً اجتماعياً، ويختار من ضمن أعمال هذا الفريق عمل ليدخل ضمن مسابقة أفضل عمل مسرحي للأندية الأدبية، تقام كل سنتيْن، وترصد جائزة كبرى للعمل الفائز لا تقل عن مليون ريال،يوزع على فريق العمل الفائز. 4- فريق عمل للرواية،والقصة بكل أنواعها. 5- فريق عمل للشعر. 6- فريق عمل للنقد الأدبي،لعمل دراسات نقدية للأعمال الأدبية على اختلافها. 7- فريق عمل للنشاط المنبري. 8- فريق عمل لفن الدعاية والإعلان عن الأعمال الأدبية للأدباء والأديبات،وعن أنشطة النادي والإشراف على موقعه الاليكتروني،ورصد أنشطته المختلفة،وتخصص جائزة لأفضل موقع إليكتروني على مستوى الأندية،وكذلك تُخصص جائزة لأفضل دورية صادرة عن الأندية الأدبية. 9- فريق عمل المطبوعات،ويتولى الإعداد والإشراف على مطبوعات النادي ودوريته الشهرية،أو الفصلية،أو الحوْلية. على أن تضم فرق العمل هذه أعضاء من الجنسيْن طبقاً لتخصصاتهم ومواهبهم وأعمالهم،وتُرصد ميزانية ضخمة لهذه الفرق إن أردنا أن نحدث نهضة أدبية وفنية في مجتمعنا. والهدف من المسابقات هو إيجاد المنافسة الشريفة بين فرق العمل في الأندية الأدبية لإيجاد أعمال متميزة وراقية،ولإيجاد حوافز لفرق العمل لتعمل وتُجيد في أعمالها. ثانياً: اللائحة المالية: المادة 12 المتعلقة بمكافآت الإداريين من أعضاء مجلس الإدارة جد متواضعة،فرئيس النادي مكافأته الشهرية 5000 ريال، ونائبه 4000 ريال، والمسؤول الإداري 3000 ريال، والمسؤول المالي 2000 ريال. وهذا يعني أنَّ الجهاز الإداري للنادي غير متفرِّغ،وبهذا فلن تحقق الأندية الأدبية ما هو مرجو منها،مع أنَّه كان يُنتظر تفريغ الجهاز الإداري للأندية الأدبية،وصرف للعاملين فيه رواتب شهرية كبيرة تمكنهم من العيش هم وأسرهم حياة كريمة ومريحة،ليتفرغوا للعمل للنهوض بالحركتيْن الأدبية والفكرية. إن أردنا النهوض بأنديتنا الأدبية لابد من تفريغ جهازها الإداري،فالمنتخبون منهم تُفرِّغهم وزارة الثقافة والإعلام من أعمالهم،وتطلب من الجهات العاملين بها إعارتهم فترة عملهم في أنديتها الأدبية،ووزارة الثقافة والإعلام تتحمَّل رواتبهم التي لا يقل راتب رئيس النادي عن مبلغ وقدره 25 ألف ريالاً،ونائبه 23 ألف ريالاً،حتى لو كانا متقاعديْن. معروف أنَّ معظم أدبائنا ومفكرينا دخولهم متواضعة،ويعيشون بالكاد،و لا يخفى علينا الوضع المالي للأديب القدير الرقيق عبد الله الجفري -رحمه الله- الذي لا يجيد إلاَّ الكتابة،ودخله منها كان لا يكفي لعيشه هو وأولاده. أمَّا المادة 14 التي تنص على تكلفة المهام التي يكلف بها العضو داخل المملكة خارج مقر النادي 500 ريال عن الليلة الواحدة،750 ريالًا إن كانت المهمة خارج المملكة،وهذه المادة كأنها وضعت قبل ثلاثين عاماً،،وليست عام 1431ه،فكلنا يعرف أسعار الفنادق والمطاعم داخل المملكة وخارجها،والمبالغ المقدرة تحتاج إلى دفع ضعفيها في المملكة،وأربعة أضعافها خارج المملكة،وإلاَّ فأين يريد واضعو اللائحة أن يسكن هؤلاء الأدباء؟،وماذا يأكلون؟ لماذا نقلل من قيمة أدبائنا ومفكرينا؟ ولماذا تُصرف لهم تذكرة على درجة الأفق،وليست الدرجة الأولى؟. ألا يكفي أنَّهم يعطلون أعمالهم،ويتحملون مشاق السفر؟ فدولتنا ولله الحمد من الدول الغنية،فلمَ لا نُكرِّم رجال ونساء الفكر والأدب بما يستحقون؟ والمادة 15 الخاصة بالمكافآت التي تصرف للمحاضرات،فهي قليلة بالنسبة للمحاضرة التي تكون في مقر النادي،فالجهد الذي يبذله المحاضر يكاد يكون واحداً سواءً في مقر النادي،أو في مدينة أخرى،أو في دولة أخرى،فلمَ لا تُصرف ذات المكافأة التي تُصرف للمحاضرة خارج المملكة؟ المادة 16 التي تنص على صرف مكافأة للمؤلف الذي يوافق مجلس الإدارة على طباعة مؤلفه تتراوح ما بين خمسة آلاف ريال إلى عشرة آلاف ريال،وهذه قيمة متدنية جداً،وما كنت أظن أنَّ الفكر والإبداع يُبخسان بهذا القدر من قبل وزارة الثقافة والإعلام؟؟. فبدلاً من أن تدعم الوزارة أدباءنا ومفكرينا،وتقدر مكافأة للمؤلف مبلغاً لا يقل عن مائة ألف ريال عن الكتاب الواحد تحدد هذا المبلغ المتدني؟ المادة 17،وتدني مكافآت التحكيم،ولستُ أدري لماذا هذا الإصرار من واضعي هذه اللائحة على صرف مكافآت متدنية للأدباء والمفكرين؟ مادة 18 ومكافآت حضور اللجان،وهنا أتساءل لماذا لا يتساوى الأعضاء برؤساء اللجان في المكافآت التي تُصرف لهم عن حضور اجتماعات اللجان؟ المادة 20،وتدني مكافآت رئيس التحرير عن كل عدد،وكذلك هيئة التحرير،ومعروف أنّ دوريات الأندية الأدبية شهرية،أو فصلية،أو حوْلية،وموضوعاتها دسمة،تحتاج إلى تدقيق وجهد ووقتيْن طويليْن،وقيمة مكافآتها لا تعادل الجهد والخبرة والوقت المبذولين فيها. أرجو أن تؤخذ هذه المقترحات موضع الاهتمام من المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام،وكم كنت أتمنى أنَّه لو عُرضت عليَّ هذه اللائحة من ضمن الذين عُرضت عليهم قبل اعتمادها من معالي وزير الثقافة والإعلام،فمع احترامي لمنسوبي الأندية الأدبية،فهم ليسوا المخوَّلين بذلك،فهناك عدد كبير من أدبائنا ومفكرينا ليسوا أعضاءً في هذه الأندية،وأنا واحدة منهم،فهم مُهمَّشون من قِبلها،لأنَّهم ليسوا على التوجه الذي كادت تقتصر عليه،وأرجو أن يُراعى في التشكيل الجديد للأندية أن يضم كل التوجهات الأدبية والفكرية،وبمقاعد متساوية في مجالس إداراتها.