حيث إنني أسافر كما الناس جميعا هربا من لهيب صيف جدة، ورضوخا لطلب أولادي للخروج من أجوائنا الاجتماعية الأكثر سخونة، تهيأت للسفر واعتراني القنوط قبل ركوبي خطوطنا المتميزة بخدماتها الرائعة، والخارجة عن كل قوانين الملاحة العالمية، فحتى خطوطنا خاضعة لأهوائنا الوطنية من الحب والعشق للخروج عن كل القوانين في حياتنا اليومية، فرئيس خطوطنا من الواضح أنه من المعجبين بالمافيا الدولية وبالألعاب البهلوانية، وحفلات السيرك العالمية، ما إن وضعت رجلي اليمنى داخل الطائرة، إلا وقد بدأت الحفلة التي لم أعرف وجودها، إلا عند صعودي سلم الطائرة، فقد بدأ المسافرون من أول لحظة يتساءلون عن درجة الحرارة داخل الطائرة، هل هي طبيعية أم قررت الخطوط أن تضيف خدمة الحمام المغربي لمسافريها؟ وما إن أقلعت الطائرة وطبعا يعد هذا تأخيرا طبيعيا لخطوطنا وهي دائما تتأخر عن التطوير العالمي للخدمات، وليست ملزمة بالمواقيت المتعارف عليها دوليا، فهي صورة مشرقة للدكتور الملحم من الخروج عن كل ما هو مألوف للأمان الجوي والملاحة العالمية من قوانين ونظم دولية، حتى بدأت المسابقات، والجري والأصوات اللاحضارية، فبعد إقلاع الطائرة بثوان، أصبحنا في ملاه سعودية، من أطفال يتسابقون في الممرات، ورجال يتنزهون عند المضيفات، ونساء يتكلمن بأصوات عالية عن آخر الأزياء وكأننا في عزيز مول أو مجمع العرب، فالأطفال كانت أصواتهم تعلو وتعلو، ولا يوجد أحد على متن الطائرة يوقف هذا المهرجان، الذي اكتمل عند تقديم الطعام، فالكل خارج داخل على المنطقة المخصصة للطعام، حاملين بأيديهم ما أرادوا من طعام، وما أدراك ما هو الطعام، لحوم قد جفت، وأسماك تنادي بالخروج من لائحة الطعام، وخضار صعب هضمها، وسلطة من مخلفات الأزمان، وحساء عفا عليه الزمان، وهذا ليس بالمهم مادام الأمن والأمان، ولكن تفاجأت بأن الطائرة الجديدة معطلة منذ الإقلاع، فالتبريد لا يعمل، والأجهزة الاتصالية موقفة لإشعار آخر، أما حركة المقاعد، فهي بالفعل أروع ما في القصة، فتارة تصعد إلى الأعلى، وتارة تتقدم إلى الأمام، وتارة لا تعرف بأي اتجاه تسير، ولا إلى أي هدف وضعت، فناديت المشرف، فقال لي حديثه المعروف من قبل كل موظفي الخطوط « مش ذنبي» اسألي الكابتن! وعند سؤالي عن الكابتن، فالجواب كان أكيد لا يقدر أن يترك غرفة القيادة، لأسباب أمنية، وهل أكثر من تعطل معظم الأجهزة، معنى أمنيا، وسلامة الركاب؟ فأصبحت معلقة بين الأرض والسماء لمدة تزيد عن ست ساعات لا أعرف هل سألاقي حتفي أم سأنزل بسلام؟ وأنا أدعو على إدارة الخطوط «بأن ربنا يريهم الحقيقة» ويجعلهم يعانون كما نعاني لربما يصحون من غفلتهم، ويحاسبون حسابا عسيرا من قبل إله لا ينسى مظلمة العبد للعبد، فكيف بملايين الأنفس البشرية التي سلامتها في يد من لا يعرف قوانين أمن الملاحة العالمية، ولا هي من سيرته الذاتية، فرقاب العباد أصبحت في يد إدارة تحتاج لإرادة جبارة بأن تستيقظ من سباتها قبل فوات الأوان، لأن النهاية قريبة فلن تستطيع طائراتنا التحمل أكثر من ذلك، ولابد من كارثة جوية، لتضع كل طاقم هذه الإدارة تحت المساءلة، والمحاكمة المحلية والدولية، هذا إن لم يرفع عليهم قضية عالمية من قبل مجلس الملاحة الجوية العالمي، ليضع خطوطنا في أسفل القائمة، وتكون قضية عالمية، فنحن لسنا بحاجة لها في هذا الوقت، ولا هذا الزمن، فكفى بسمعتنا العالمية، كمستهترين بالأنظمة الدولية، فكيف بجهاز يمثل دولتنا، ويكون مضادا لقوانين الملاحة الجوية؟ لابد من رادع، ولابد إلى من يقف بوجه هذه الإدارة التي أصبحت بلا ضمير، ولا حس وطني، ولا تخاف من أحد لأنها أصبحت تأخذ في العلن كل الميزانيات الحكومية، لتضعها في غير محلها، وهذا ليس على أحد بخافٍ، فالوضع المزري يراه الجميع، ولكن الكل ساكت.. لماذا؟ هذا سؤال محير يقلقني، وأتساءل ما هي الحكاية؟ فلابد من رفع أصواتنا عند مليكنا وولي عهده ولابد أن نجتمع وأن نوصل أصواتنا بأن خطوطنا أصبحت ملاهي جوية، وخطرا على أرواحنا وسمعتنا الدولية. همسة الأسبوع إِنَّا لِلَّه وَإِنَّا إِلَيْه رَاجِعُوْن [email protected] http://basmasaoud.blogspot.com