في النخبة السياسية – العربية والإسلامية – كثيرون يعلقون الآمال على أمريكا كي تضغط على إسرائيل لتحقيق تسوية الصراع العربي الصهيوني في فلسطين،تحقق ولو الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التي أقرتها قرارات الأممالمتحدة. لكن الأمد قد طال دون أن تمارس أمريكا أي ضغط على إسرائيل..والواقع في الأرض المحتلة يعلن للعالم أن إسرائيل توشك أن تكمل التهويد والابتلاع لفلسطينوالقدس الشريف دونما ضغط أمريكي بل وتحت حماية الفيتو الامريكي الذي كاد أن يكون وقفاً على حماية الجنوح الاسرائيلي خارج الشرعية الدولية، وفي ظل تصريحات لكل الرؤساء الامريكين ديمقراطيين وجمهوريين بأن العلاقة بين أمريكا وإسرائيل علاقة حضارية وروحية تتجاوز القوانين التي تحكم وتنظم العلاقات بين الدول!.. فلماذا هذه "الحماية" الأمريكية غير الطبيعية للاستعمار الاستيطاني الصهيوني على أرض فلسطين؟! إن الحقيقة التي يغفل عنها هؤلاء الذين يعلقون الآمال على أمريكا كي تضغط على إسرائيل إنما تكمن فى أوجه الشبه بين الشخصية الأمريكية والشخصية الصهيونية وفي "الفكرية .. و الأيدلوجية" التي توحد بين عقيدة الآباء المؤسسين لأمريكا وهي العقيدة الحاكمة للمؤسسات التى تحكم صناعة القرار في أمريكا وبين عقيدة الصهيونية اليهودية،التي قامت وتقوم باغتصاب فلسطين ..وإن الكشف عن الحقيقة والوعي بها يجعلنا أمام "توأمة" بين "الشخصية والأيدلوجية الأمريكية وبين نظيرتها اليهودية الصهيونية " إن الآباء المؤسسين الذين استعمروا أمريكا وهم بروتستانت متطهرون يؤمنون بالمسيحية الصهيونية قد أبادوا الهنود الحمر،لتكون أمريكا أرض بلا شعب، وشعب بلا أرض .. كما صنع العبرانيون القدماء مع الشعوب التي غزوا بلادها في أرض كنعان ! .. ومن يقرأ نصوص العهد القديم التي وصفت إبادة العبرانيين لسكان أرض كنعان يجد نفسه أمام إعادة إخراج لهذه المأساة الدموية من قبل المؤسسين لأمريكا مع الهنود الحمر.. ومن قبل اليهودية الصهيونية مع أهل فلسطين !. وهؤلاء الآباء المؤسسين لأمريكا قد اعتبروا أنفسهم بعثا لبني إسرائيل .. واعتبروا خروجهم من انجلترا إلى أمريكا محاكاة لخروج العبرانيون من مصر الفرعونية .. فالملك جيمس الأول ( 1566-1625م) ملك انجلترا الذى خرجوا من بلاده – اعتبروه "فرعون" واعتبروا خروجهم إلى أمريكا هو خروج إلى "كنعان الجديدة" و"القدسالجديدة "فهم من ثم "شعب الله المختار"!. ولهذه الأيدلوجية والعقيدة التى حكمت شخصية الآباء المؤسسين لأمريكا، أطلقوا على البلاد الأمريكية التي استعمروها استعمارا استيطانيا أسماء عبرانية مثل "عبرون" و"كنعان", كما أطلقوا على مواليدهم أسماء عبرانية مثل "أبراهام" و"سارة" و "أليعازر" وفرضوا تعليم العبرية فى مدارسهم وجامعاتهم .. حتى أن أول دكتوراه منحتها جامعة هارفارد سنة 1642م كان عنوانها ( العبرية هى اللغة الأم) وأول كتاب صدر في أمريكا هو "سفر المزامير" وأول مجلة صدرت حملت عنوان ( اليهودية) .. كما أطلقوا على نهر كولورادو الاسم التورانى القديم " باشان" .. وسمحوا ببناء المعابد اليهودية – فى أمريكا – قبل السماح ببناء كنائس المسيحيين الكاثوليك!!. فنحن أمام " توأمة" بين هؤلاء البروتستانت اللذين أسسوا أمريكا وبين العبرانيين الذين غزوا أرض كنعان قديما، والذين غزوا فلسطين بدعم أمريكي وغربي في العصر الحديث ,وأما جذور للحماية الأمريكية لإسرائيل بجهلها أو بتجاهلها الذين يعلقون الآمال على ضغط أمريكي على إسرائيل كي لا تنفذ على أرض فلسطين ما نفذه الآباء المؤسسون لأمريكا على أرض الهنود الحمر!.. ولان كيسنجر هو الابن البار لهذه الشخصية والأيدلوجية الأمريكية فلقد استصدر عام 1975م من الإدارة الأمريكية قرارات تمنع الضغط علي إسرائيل وتوجب عرض أي اقتراح أمريكي للتسوية أولا على الإسرائيليين وتعدل بإدارة الصراع لأجله لان الحل عندهم هو ما صنعه العبرانيون القدماء والمحدثون .!