بين د.عبد الله العسكر" عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بالخرج" وجوب نفقة الأب على ابنته فقال:"النفقة على الأولاد ذكورا وإناثا واجبة على الوالد ما داموا دون سن الرشد وذلك لعجزهم عن الكسب وهذا الحكم بالإجماع كما حكاه ابن المنذر، وأما إن بلغوا سن الرشد: فأما الابن فإن استطاع الكسب بنفسه فلا يجب على الوالد النفقة عليه إلا أن يشاء، وأما إن كان لا يستطيع الكسب لإعاقةٍ مثلا أو عتهٍ فيه فهذا حكمه حكم الصغير في وجوب النفقة عليه ، أما البنت فأكثر العلماء يرون وجوب النفقة عليها حتى تتزوج وذلك لعجزها عن الكسب ولأنها غير مأمورة بالتكسب والعمل. ولكن يمكن أن نقول: لو أمكن للبنت أن تعمل عملا لا يضر ببدنها أو دينها فقد يقال بعدم وجوب النفقة عليها من قبل والدها قياسا على الابن ،وهل يجب على الوالد تزويج ابنته ؟ (وهذا فيما إذا كان المجتمع قد جرى العرف فيه على أن تجهيز البنت يكون على أهل المرأة) نقول: إن كان المهر الذي يدفع لها كافيا فيؤخذ منه ، وإن كان لا يكفي وجب على الأب أن ينفق من ماله بما يتم به تجهيز ابنته في حدود ما يتم به الزواج من غير مبالغة ولا تقتير، وأما الزوجة فالنفقة على زوجها واجبةٌ حتى ولو كانت غنية إلا أن ترضى وتتنازل ، لأن هذا من حقوق الزوجية المقررة في الإسلام ، ولا يجب عليها التكسب والعمل لكونه من واجبات الزوج، وفيه بيانُ عظمة هذه الشريعة وإكرامها للمرأة . وأضاف العسكر موضحاً دور المرأة لو منعت عنها النفقة الواجبة فقال:"وأما إذا امتنع الوالد أو الزوج عن النفقة الواجبة مع قدرته عليها فإن لمن تحته أن يأخذوا من ماله ولو بغير علمه قدر كفايتهم فقط ، وقد أذِن النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي سفيان أن تأخذ من مالِه بغير علمه ما يكفيها وولدَها بالمعروف ، كما ثبت في الصحيحين . وحين نقول إن النفقة واجبة على الوالد في حق أولاده فهذا مقيد بثلاثة شروط نص عليها الفقهاء – رحمهم الله - ، وهي : أحدها: أن يكونوا فقراء, لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم ، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به: فلا نفقة لهم ؛ لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة . الثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم , فاضلا عن نفقة نفسه، إما من ماله وإما من كسبه، فأما من لا يفضل عنه شيء , فليس عليه. الثالث: أن يكون المنفِق وارثاً لقول الله تعالى: (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ)؛ ولأن بين المتوارثين قرابة تقتضى كون الوارث أحق بمال الموروث من سائر الناس ، فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم. وأما مقدار النفقة الواجبة: فهو توفير الطعام واللباس والسكن بما جرت العادة والعرف به. بمعنى أن المجتمعات تختلف في تقدير ذلك، فلا يصلح أن نحدد مبلغا معينا ونقول هذا هو مقدار النفقة الشهرية ونعمِّمه على جميع المجتمعات، فالأمر إذاً راجع لتقدير القاضي في كل بلد ، لكن الأمر كما قلنا ينضبط بما تسد به حاجة الطعام واللباس والسكن. ويضاف إلى ذلك العلاج فهو من ضروريات الحياة التي لا تقوم إلا بها. وعلى الوالد أن يحتسب في نفقته على أولاده والبنات منهن على وجه الخصوص، ومثله الزوج في إنفاقه على زوجته فهو مأجور مثاب على هذه النفقة, وقد ثبت في البخاري قوله -صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك".