تقرير مثير بثته قناة العربية في اليومين الماضيين عن دليل الدول الفاشلة لعام 2010 وهو دليل تضعه سنويا مجلة «فورن بولسي» الأمريكية. ومن بين 177 دولة تصدرت الصومال وتشاد والسودان واليمن هذا الدليل بدرجة «فاشل» وتراوحت دول أخرى فيه بين الفشل المطلق والفشل الجزئي والفشل شىء ما؟! وليس هناك تعريف واضح للقول بأن دولة ما هي دولة فاشلة. والمعيار الرئيس للحكم على فشل الدول وفق ما يراه الكاتب الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي يكمن في «إساءة استخدام السلطة والاعتداء على الديمقراطية». لذا ومن أجل جعل هذا التعريف أكثر دقة تم الاتفاق على بعض معايير للحكم على فشل الدول وضعها «صندوق من أجل السلام» يتضمن : • فقدان الدولة السيطرة الفعلىة على أراضيها. • تآكل السلطة الشرعية لاتخاذ قرارات جماعية. • عدم القدرة على توفير الخدمات العامة المعقولة. • عدم القدرة على التفاعل مع الدول الأخرى باعتبارها عضوا كامل العضوية في المجتمع الدولي. ورغم ما يمثله هذا المؤشر في الحكم على دول العالم فإن هناك من لا يرى أية فائدة من قذف مثل هذه الصفة في وجوه الدول لأنها لا تساعد على تحقيق أية مساعدة أو تقدم لها. وبالعكس فإن صفع دولة ما بوصفها بالفاشلة هو عامل استفزاز يدفعها إلى وضع دفاعي أكثر منه من عامل مساعدة لها. ولعل أهم ما يثيره المنتقدون لهذا الوصف هو أن فشل الدولة وإن كان لا يُنتج الإرهاب إلا أنه يوفر مساحة مناسبة لنمو الحركات الإرهابية حيث يمكن للإرهابيين أن يجدوا موطئ قدم لنشاطاتهم. وعلى هذا فإن مثل هذه الدول يمكن أن تكون «حاضنات للإرهاب»؟! ولبيان ما يحمله هذا المصطلح من استفزاز فإن الرئيس الصومالي شريف أحمد الذي انتخب العام الماضي كرئيس لدولة الصومال الذي تصدرت دولته مؤشر الدول الفاشلة ينفي أن تكون دولته دولة «فاشلة»؟ فالصومال هي عرضة لقوى خارجية تتمثل في متطرفين يشنون حربا ضد الصومال. فيما أسماه الرئيس الصومالي أعمال عنف عدمي أعلنوا فيه تحالفا مع تنظيم القاعدة لتعيث فسادا في أنحاء شرق أفريقيا. ويرى السيد شريف أحمد أنه يجب أولا أن نتخلى عن فكرة انهزامية بأن مشاكل الصومال لا يمكن تجاوزها، لأن هذا يقود إلى التقوقع على الذات. وبأنه يجب ثانيا أن نتخلص من الوهم الخطير بأن الصومال لا علاقة له مع بقية العالم. لذا فإن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم من المجتمع الدولي للصومال ضد المتطرفين وضد ظروفها المحلية. وهناك تطورات إيجابية في الصومال، كما يرى الرئيس، تؤكد على أن الصومال ليس دولة فاشلة، وبأن ما يحدث فيها هو خطر ليس فقط على الصومال ولكن على العالم الأوسع. وهكذا فإن المؤشرات التي يقاس بها فشل الدولة ليست دقيقة فدولة مثل كوريا الشمالية تخلو نسبيا من أعمال العنف، وهو ما يُخرجها من التعريف بأنها دولة فاشلة رغم وضعها من قبل الغرب ضمن الدول الأكثر تهديدا للسلام العالمي؟ لذا فإن «فشل» الدولة ليس مفهوما مفيدا يمكن أن يؤدي إلى حلول إيجابية تنعكس على الدولة المعنية أو «الفاشلة».