أعلم أن أقلامًا ستسيل، وأيدٍ ستكتب، وحناجر ستصيح، وقلوبًا ستتألم من ذلك الذي جرى لقافلة الحرية، وأعلم حقا أنها قلوب صادقة وأقلام شريفة تأبى الظلم وتكره الاستعلاء وتتألم لحال إخوتنا في غزة. ولو أن قراصنة في عرض البحر قتلوا أشقرا على متن سفينة تجارية عليها حرس وجنود لقامت قيامة المجتمع الدولي (يعني أوباما وربعه)، فكيف ودولة بقضها وقضيضها تقتل 19 بريئا، وتجرح أضعافهم بدم بارد وعين مغمضة لمجتمع دولي أسكرته حد الثمالة الشعارات الفارغة والأكاذيب الصهيونية المتتالية. وقبل الشجب والتنديد لا بد من شكر الأبطال الشرفاء الذين اعتلوا ظهر سفن قافلة الحرية لإغاثة الملهوفين والجائعين، والعراة والمرضى.. هؤلاء يستحقون من الإنسانية كلها شكراً لا ينتهي وامتناناً لا ينقضي، فقد آثروا ترجمة الأقوال إلى أفعال، واختاروا بكامل قواهم العقلية مرافقة القافلة الإنسانية في تحد سافر للتهديدات الصهيونية المتعالية كاسرين طوق الخوف الذي ملأ قلوبنا نحن المتخاذلين حد الرعب، وكأنما إسرائيل قوة لا تُقهر أبداً، في حين أن الحقيقة هي أننا لم نحاول كسر هذه الرهبة أبداً. تحسب إسرائيل أن بفعلتها هذه الشنعاء ستلقن الآخرين درساً لن يجرؤوا بعده على تحديها ناهيك عن إغضابها. لكن نسيت إسرائيل أن رسالتها هذه موجهة إلى النظام العربي الرسمي لا غير، فهو الذي يرتعش ويرتجف في حين يأبى الأحرار والشرفاء مهما بدوا من غير حيلة أو سلاح أن يرضخوا لهذا الابتزاز الرخيص. فقط الكبار والشرفاء هم الذين يتحدون ويتصدون، وسيبرز قريبا كبار وشرفاء آخرون لن ترعبهم مروحيات إسرائيل ولا فرقاطاتها ولا جنودها الجبناء اللئام.. ذرية من قتلوا الأنبياء، ونقضوا العهود وكذبوا الرسل وزعموا لأنفسهم الغنى ولله الفقر تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.. كل هذه المشاهد مهما بدت دامية مؤلمة، إلا أنها قدر الله من وراء ستار يقيم الحجة تلو الحجة على أولئك المتخاذلين المتعاونين مع أعداء الله على أبناء جلدتنا وحملة عقيدتنا ورفاق دربنا مهما طال المسير وبعد الطريق وكثر المخذّلون.