زعلة: ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الانتماء وتجدد الولاء    المركز الوطني للأرصاد يحذر من المعلومات الفردية غير الرسمية عن مناخ المملكة    غارة إسرائيلية على «الضاحية» تقتل 8 وتصيب 59.. وأنباء عن مقتل قيادي كبير في حزب الله    "الصندوق العالمي": انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن مرض الإيدز والسل والملاريا    الذهب يرتفع بعد خفض سعر الفائدة.. والنحاس ينتعش مع التحفيز الصيني    حركة الشباب تستغل النزاعات المحلية الصومالية    خطيب المسجد النبوي: يفرض على المسلم التزام قيم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها    حافظ :العديد من المنجزات والقفزات النوعية والتاريخية هذا العام    رئيس جمهورية جامبيا يصل إلى المدينة المنورة    خطيب المسجد الحرام: أعظم مأمور هو توحيد الله تعالى وأعظم منهي هو الشرك بالله    "رفيعة محمد " تقنية الإنياغرام تستخدم كأداة فعالة لتحليل الشخصيات    تشكيل النصر المتوقع أمام الاتفاق    الجبير ل "الرياض": 18 مشروعا التي رصد لها 14 مليار ريال ستكون جاهزة في العام 2027    إصلاحات في قانون الاستثمار الجزائري الجديد    محافظ بيش يطلق برنامج "انتماء ونماء" الدعوي بالتزامن مع اليوم الوطني ال94    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    الأمم المتحدة تؤكد أنها نفذت خطط الاستجابة الإنسانية ل 245 مليون شخص    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    «اليوم الوطني» يستذكر بطولات التأسيس وبناء الدولة الحضارية    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    إسرائيل - حزب الله.. هل هي الحرب الشاملة؟    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    التزامات المقاولين    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    قراءة في الخطاب الملكي    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    قصيدة بعصيدة    حروب بلا ضربة قاضية!    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    نائب أمير منطقة جازان ينوه بمضامين الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس مركز أسبار الدكتور فهد العرابي الحارثي: الوطن ليست فرسا جامحة تسقط فرسانها 2/2
نشر في المدينة يوم 07 - 06 - 2010

علاقة وطيدة * ألم تكن ثمة خلافات بينكم وبين الأمير خالد الفيصل يمكن أن تكون وراء استقالتكم؟ الحمد لله أنه لا يزال على قيد الحياة – وأسأل الله له طول العمر – وهو يقرأ ويسمع. علاقتي بالفيصل علاقة قوية ووطيدة قبل «الوطن» وبعد «الوطن». على الإطلاق لم تكن هناك خلافات. ذكرت بنفسك أن «الوطن» كانت صحيفة قوية ومتميزة فعلى ماذا نختلف؟ الفشل هو الذي يختلف الناس حوله وعمن يتحمله، لكن النجاح يتعلق به الجميع. * ألم تمارس عليك ضغوط؟ على الإطلاق. زملائي في مجلس الإدارة يعلمون أنني تقدمت باستقالتي مرتين وقمت بتوديعهم وتلقيت اتصالاً بأن رئيس التحرير قد ذهب ولا يوجد أحد ليخلفه. الحصان الجموح * «الوطن» أخذت بعدًا منفتحًا إلى حدٍ ما.. وهناك من يرى أن ليبرالية الدكتور فهد الحارثي هي وراء ليبرالية الوطن؟ هل تعني جملة «ليبرالية الوطن» أن الصحف الأخرى غير ليبرالية؟ * نحن نتحدث عن الوطن؟ ولكن عندما يطرح السؤال بهذه الصورة فإنه يوحي بأن صحيفة «الوطن» لديها عقيدة سياسيّة وفكريّة مختلفة عن بقية الصحف وهذا غير صحيح. كنت أقول بعد استقالة الأخ جمال خاشقجي أن ما ينشر في صحيفة الوطن ينشر في بقية الصحف سواء في ما يتعلق بالإصلاح الاجتماعي أو الثقافي أو الفكري، نفس الكلام ينشر في بقية الصحف. فلنقم بإجراء دراسة تحليل مضمون لما ينشر في الصحف السعودية ضمن ما يصب في الخط الإصلاحي الذي يقوده الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. سنجد أن الذي ينشر في «الوطن» هو نفسه الذي ينشر في الصحف السعودية الأخرى. من ضمن السياسات التي أعدت للوطن أنه في العصر الذي أصبح الناس فيه يمتلكون مصادر أخرى لاستقاء المعلومة غير الصحافة الورقية فإن التركيز ينبغي أن يكون على جانب الأفكار والرأي، والمقصود ليست مقالات الرأي فقط؛ بل المقصود هو كل ما يحمل رأيًا أو رؤية. عندما تم الأخذ بهذا التوجه في «الوطن» ظهر حجم الرأي في مقدمة ما هو واضح في وجه الصحيفة. بالتالي أصبح الأبرز وسط كل الأشكال الإعلامية الأخرى من خبر وتحليل وتحقيق وغيره. أصبح الرأي هو الواجهة. بينما الرأي في الصحف الأخرى كان ضمن مجموعة أخرى من المنتجات الصحفية. وإذا نظرت إلى ما يكتب في «الوطن» ستجد أنها كتبت مثلاً عن الاختلاط، كل الصحف الأخرى تنشر عن الاختلاط وربما بدرجة أقوى. كتبت الوطن كذلك عن المرأة وحقوقها، وكل الصحف السعودية تكتب عن هذا الأمر وأيضًا بدرجة أقوى. وكتبت الوطن عن الهيئة وكذلك الصحف الأخرى. هذه هي فلسفة «الوطن» في التعامل مع الشأن الإعلامي. أنا لا أزكي رئيس تحرير أو ألومه لكنني أتحدث هنا عن الفكرة. ورؤساء التحرير الذين ذهبوا من الووطن لم يذهبوا لنفس الأسباب. البعض يقول إن الوطن حصان جامح يرمي رؤساء التحرير يمنة ويسرة. هذا كلام جميل لكنه ليس موضوعيًا لأن كلاً من رؤساء التحرير الذين ذهبوا كانت لكل واحد منهم ظروفه التي تختلف عن ظروف الآخر. تفاهمات صعبة * لماذا ذهب قينان الغامدي أول رئيس تحرير لها مثلاً؟ في فترة من الفترات كانت هناك صعوبة في التفاهم بين قينان الغامدي وبين جهات حكومية، بينما ذهب جمال خاشقجي على ما أظن لصعوبة في التفاهم بينه وبين المؤسسة الدينية، بينما ذهب طارق إبراهيم لصعوبة في التفاهم بينه وبين إدارة المؤسسة نفسها. كل له أسباب خاصة ومختلفة. الرأي في الواجهة * وأنت مؤسس وواضع لهذه البنية.. ما هو تفسيرك للتغيير المتكرر لرؤساء التحرير رغم أن عمرها لم يتجاوز عشر سنوات، وهل كنت تتوقع هذه التغيرات السريعة؟ بطبيعة الحال لم أكن أتوقع ذلك، ولكن لو تتراجع «الوطن» خطوة إلى الوراء وتقوم بتغيير إستراتيجيتها – وأنا لا أدعوها إلى ذلك إذا تغيرت هذه السياسة وتراجع الرأي إلى الخلف وتقدمت عليه منتجات صحفية أخرى ربما أصبحت «الوطن» مثلها مثل بقية الصحف الأخرى. لكن لا يوجد موضوع نشرته «الوطن» ولم تنشر بقية الصحف مثله. المشكلة في طريقة التعامل. اختلاف عن خاشقجي * هناك من يرى أنك سننت سنة اتبعها بعدك جمال خاشقجي وهي الإشراف على الصحيفة عن بعد، سواء من الرياض أو جدة بينما الصحيفة في أبها، كيف تمكنت أن تصبح رئيسًا للتحرير من خارج أبها؟ هناك حقيقتان في اختلاف وضعي عن وضع الأخ جمال خاشقجي. أنا كنت رئيس مجلس إدارة ولم أكن رئيس تحرير، لم أتدخل في عمل رئيس التحرير لأننا الذين قمنا بالدراسات التأسيسية والاستشارات وبالتالي كنا أحرص الناس على تطبيق مقتضيات هذه الدراسات لتحقيق الأهداف. من أكبر الأسباب التي دفعتني للقبول بمنصب رئيس مجلس الإدارة أنني كنت وراء عمل هذه الدراسات وسعيت لتطبيقها. كان هناك رئيس تحرير موجود يداوم في أبها ويقيم في أبها. النقطة الأخرى أنه خلال فترة التأسيس التي استمرت سنتين ونصل لم أكن أنقطع عن أبها، وكنت أذهب إليها أسبوعيًّا حتى وإن كنت أمارس بعض مهامي في الإدارة والأمور الأخرى من مدينة الرياض لكني كنت أسبوعيًّا في أبها. انفتاح غير مسبوق * كيف ترى الإعلام السعودي من خلال قنواته الجديدة؟ يصعب على أي أحد متابع للتطورات التي مر بها الإعلام السعودي ألا يعترف بأن هناك تطورًا كبيرًا سواء على المستوى المادي والتقني والاستثماري في هذا المجال على مستوى الأداء نفسه. تمكنت كثير من الوسائل الإعلامية في المملكة من مواكبة ما يحدث في العالم من تقنيات ومن أساليب جديدة في التعامل مع إعلام الناس والمساهمة في تثقيفهم كما هي رسالة الإعلام في أي مكان. الأهم من هذا كله من خلال الفترة الأخيرة هناك توجه إصلاحي كبير يقوم به الملك عبدالله، وهناك انفتاح لم تشهد المملكة مثيلاً له من قبل في ما يتعلق بالحريات العامة في المجمل وفي حرية الإعلام والرأي بصورة أخص. لم أكن شخصيًا أتصور في يوم من الأيام أن يكون هناك هذا المستوى من الحوار ومن النقاش والاختلاف والإيمان بالحق في الاختلاف والتعدد القائم الموجود في الساحة الثقافية والإعلامية السعودية. رؤى وتصورات من مشارب ومنطلقات فكرية ومتعددة لا تمس الثوابت بطبيعة الحال ولا تمس ما يتصل بوجدانيات الناس، لكنها في الخلاصة أصبحت تمثل مصدر ثراء كبير للثقافة السعودية والإعلام السعودي والإسهام في ترسيخ ما نسميه بثقافة التسامح. خطوة مهمة بشرط * كيف تنظر إلى المطالبة بتحويل التلفزيون والإذاعة ووكالة الأنباء إلى مؤسسات عامة أو هيئات؟ إذا كان الهدف من التحويل هو إعطاء مزيد من المرونة في حقوق الإنسان ومزيد من المرونة في التعامل مع منتجات لا تخضع لتقاليد المنتجات الصناعية الأخرى ولها تقاليدها وأعراقها وأشواقها واختلافها في التسعيرة والاتصال بمنطلقات إبداعية وشخصية. هناك من يبيعون الأفكار والخيال ويبيعون ما هو ليس محسوسًا. بالتالي يحتاج هؤلاء إلى مزيد من المرونة في التسعير والصرف وإعطاء خطوط الإنتاج بحيث تصبح أكثر سرعة ووهجًا وذكاءً. إذا كان هذا هو الهدف فلا شك أنها ستكون خطوة مهمة جدًّا. أصبحت لدينا مؤسسات إعلامية في العالم العربي وغيره مؤسسات إعلامية بهذا التصور الذي ذكرته لك وحققت نتائج عالية جدًّا على مستوى الأداء والعائدات الاستثمارية. أما إذا كان الهدف مجرد التمظهر الإداري وأنها كانت مؤسسة وأصبح لها مجلس إدارة، وتدار بنفس العقليات القديمة الأولى ولا تحقق هذه الأهداف فلا لزوم لذلك. فصل الثقافة * ألا ترى أنه قد آن الأوان لفصل الثقافة عن الإعلام بأن تصبح أيًّا منهما وزارة مستقلة عن الأخرى؟ إذا كان فصل الثقافة عن الإعلام سيعطي الثقافة موقعًا أكثر تقدمًا ويعطيها فضاءً أرحب ويجعل منها واجهة مهمة وكبيرة تليق بموقع المملكة الديني والتاريخي في العالم العربي والإسلامي والدولي فأعتقد أن هذا هدف مهم جدًّا. إذا أردت أن اختصر رؤية كثير من شعوب العالم المختلفة غير الإسلامية فهم يعتبرون أن المملكة هي بترول ولا يعرفون عنها أشياء كثيرة لأن حملات العلاقات العامة ذات تأثير بسيط. لكن عندما يتحول الأمر إلى منتج ثقافي مهم سيلتفت إليه كل العالم. لا أحد في الدنيا لا يعرف الأهرامات والآثار المصرية والثقافة الفرعونية. لماذا؟ لأنها اتجهت للناس من خلال عدد من القنوات والأنشطة، ابتداءً من ما يكتب عنها وانتهاءً بالسياحة وأفواج السياح مما جعل الحضارة المصرية في مقدمة اهتمامات العالم. أنت في المملكة العربية السعودية لديك ثروات ثقافية هائلة في ما قبل الإسلام وما بعده. ربما كانت آثار ما بعد الإسلام أكثر أهمية لأنها ثروتك الحقيقية وواجهتك هي الإسلام. كل الباقي ينتهي ويصبح جزءًا من تاريخ الكون. لكن الإسلام مستمر. إذا كان الهدف من إيجاد وزارة خاصة بالثقافة هو تحقيق هذه الأهداف الكبرى فأهلاً بذلك. أما إذا كان الهدف هو مجرد زيادة وزارة أخرى على الوزارات الأخرى فهذا ليس مهمًا. مصطلح باهت * أثرت جدلاً كبيرًا في الأوساط الثقافية في أكثر من محاضرة وتناولت مفهوم «موت النخبة» أو الثقافة الأفقية.. ماذا كنت تقصد بموت النخبة؟ هو القائم اليوم عمليًا وفعليًا في كثير من أسواق الثقافة في العالم. كانت صناعة الإعلام وصناعة الثقافة تتولاها النخبة وتنتجها النخبة المتمكنة من أدوات الإنتاج في هذا المجال، سواء كانت تأهيلاً علميًا أو خبرة أو ممارسة. هناك سوق ومتلقين هم الجمهور والناس في أي مكان. مع وجود التقنيات الحديثة الحالية تغير الوضع وأصبحت المنابر التي كان يحتكرها صانعو الثقافة أكثر اتساعًا ولم تعد ضيقة ولا تتسع إلا لهم. صارت أكثر اتساعًا وبالتالي جاء معه متطلعون يريدون أن يصبحوا مثلهم. لذلك اختلطت البيئتان بيئة الجمهور وبيئة صُنَّاع الثقافة، أصبح مستهلك الثقافة يشارك في إنتاجها لأن المنابر تعددت بشكل كبير ومذهل. أي مواطن عادي بسيط يستطيع أن ينشئ صحيفته الخاصة أو مدونته. الصحف ووسائل الإعلام المختلفة فتحت المجال لما يسمى حاليًا بصحافة المواطن كما تعرف في العالم كله. أصبح بإمكان أي أحد أن يغطي الحدث ويصوره ويكتبه ويبعثه لصحيفة لا ينتمي لها. أصبح الجميع صحفيون ومنتجو ثقافة. لم تعد اللغة عائق ولم تعد هناك لغة خاصة بالنخبة كما كان سائدًا. أصبحت اللغة أقل أهمية. يمكن للناس أن يكتبوا بأي لغة، بلغة الثقافة الشعبية أو بلغة النخبة. حتمية الحداثة * يلاحظ أنك عندما كنت رئيسًا لتحرير اليمامة كنت وراء الحداثة.. وعندما جئت للوطن كنت وراء الخطاب الليبرالي؟ في أي حركة ثقافية وفنية لا بد أن تكون هناك منجزات وأن يكون هناك ضحايا لتلك المنجزات ولابد أن يكون هناك آخرون منهزمون، ووضعي في الهرم الإداري لليمامة كرئيس تحرير كان سببًا في أن يفكر الناس أنني أدير كل شيء بيدي وبشكل مباشر، لا أنكر أنه كان هناك زملاء من الشباب المتحمسين الذين كانت لهم بصمة مهمة في كل الأعمال التي تمت سواء في اليمامة أو في الوطن. وكنت ولا زلت من المؤمنين بأن التحديث أو الحداثة، (ونحن نعيش اليوم مجتمع ما بعد الحداثة)، هي حتمية لا بد منها. وهي متواصلة من العصر القديم. كل عصر له حداثته على المستوى الصناعي أو الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي. لا يوجد مجتمع إلا وكانت له حداثته. و‘إذا كانت هناك مجموعة لوثت هذا المصطلح إيديولوجيًا أو دينيًا فأنت لا تستطيع أن تلغيه من تاريخ الإنسانية. عليك أن تصفي المصطلح وتطهره مما علق به من تلوث بدلاً من أن تلغيه. في أيام اليمامة كنا نعتقد في الجانب الفردي والشعري على وجه الخصوص أن هناك حركة شعرية رائدة على مستوى العالم العربي تقودها مجموعة من الرموز في فضاء الشعر، وهي تجربة مغرية. لم يكن في الذهن أن فلان مستقيم أخلاقيًا أو غير مستقيم أو أن لديه كفريات في شعره. هذا موضوع آخر وكل السعوديين متفقون على أنهم أصحاب دين وتراث وثقافة، ولكن هذا لا يمنع أن تكون هناك توجهات شعرية مفيدة ينبغي أن يحسها الناس ويقومون بتجربتها. كنت متحمسًا لهذه الفكرة. الطرف الآخر غير المتحمس والذي يخاف دائمًا من التحديث، حتى ولو كان على المستوى الاجتماعي كما يلاحظ ذلك في مجتمعنا الآن لم يكن أمامهم أسهل من أن يتهموا الآخرين بأنهم جلبوا إلى الساحة ما يمكن أن يدفع إلى الكثير من الشكوك في عقائدهم، وأن الشاعر الفلاني في لبنان لديه في شعره تجاوزات دينية. نحن نقول إنه حتى في الشعر العمودي هناك من تجاوزوا في أشعارهم، ولديهم كفريات أو تجاوزات في الأخلاق. هذا لا يعني أن الشعر العمودي سيء لذاته أو شعر الحداثة
سيء لذاته، يمكن أن يكون السوء في ما يحمل من أفكار في الشعر فهو وسيلة من وسائل التعبير. إذا وضعت فيه إيمانًا تجد إيمانًا، وإذا وضعت فيه كفرًا تجد كفرًا. محطة مهمة * عشتم أول تجربة برلمانية من خلال أول دورة لمجلس الشورى.. كيف كان شعورك وأنت تشارك في تلك الدورة؟ ربما كان من حسن حظي أن مرت بي أحداث أعتبرها محطات في حياتي ومن ضمنها مجلس الشورى. كنت في الدورة الأولى لإنشاء المجلس. ربما إذا كنت في الدورة الثانية أو الثالثة لما اعتبرتها محطة في حياتي. لا شك أن تلك التجربة كانت مهمة في حياتي وفي طريقة تفكيري وتعاملي مع كثير من القضايا والأمور. أحسست أنني انتقلت من مستويات فردية في معالجة بعض الأمور المتعلقة به وببعض أموره. حتى على المستوى الإعلامي إلى إطار جماعي من الناس لهم القدرات في التفكير ونفس المستويات في كل شيء. هذه بحد ذاتها تنقل الإنسان من مستويات تفكيرية معينة إلى مستويات أخرى. هذه هي الإيجابية الرئيسية، لأنني انتقلت من عالم أعرفه جيدًا إلى عالم لا أعرفه. انتقلت من عالم التعليم في الجامعة والإعلام إلى نشاط سياسي كان مجهولاً في المملكة وغير موجود. ظهور بلا موافقة * في تلك الفترة ظهرتم في أحد برامج قناة الجزيرة وكان هناك تردد لدى كثيرين من الظهور في هذه القناة.. هل أخذتم موافقة من جهات مختصة؟ لم آخذ أي موافقة من أي شخص على أول ظهور لي في قناة الجزيرة في برنامج «الاتجاه المعاكس»... * لماذا ظهرت في ظل تخوف الآخرين من هذا الظهور.. هل كنت تؤدي رسالة؟ أنا أو أنت إعلاميان ومعنيان بالشكل الثقافي والاجتماعي والسياسي في البلاد، ليس غريبًا أن أدعى لمثل هذه المناسبة وليس غريبًا أن استجيب. * ولكن الموضوع كان عن الشورى؟ لم يكن عن الشورى وكان عن المملكة ككل، ولكن طرح موضوع الشورى باعتباري عضوًا في مجلس الشورى. لا توجد غرابة في الموضوع، ربما كنت الصدفة هي التي جعلتهم يحدثوني. المهم أنهم حدثوني واستجبت. * وأذكر أنه جاءك تقدير من خادم الحرمين الشريفين عندما كان وليًا للعهد؟ نعم، ومن سمو الأمير سلطان أيضًا. * بماذا تفسر هذا التقدير لظهورك في الجزيرة؟ ربما وجدت الطروحات التي طرحت في البرنامج قبولاً منهم فأرادوا أن يشجعوني. الملك عبدالله والأمير سلطان في مناسبتين مخلفتين قالوا عن ذلك الحدث كلامًا طيبًا فجزاهم الله خيرًا وكانت دفعة مهمة لي وكنت شديد الافتخار بها، واعتبرت تلك الإشادة وسامًا على صدري. كذلك أشاد بي ملك البحرين لأن الذي كان معي في البرنامج كان معارضًا له. الآن عاد إلى بلاده وأصبح وزيرًا للعدل منذ عشر سنوات. قناعة بالمستقبل * نعيش ما يمكن اعتباره مشروعًا للإصلاح يتزعمه الملك عبدالله بدون شك.. إذا أردنا أن نمحور هذا المشروع في نقاط معينة فما هي أبرز نقاط الإصلاح من وجهة نظرك؟ في تصوري فإن أهم ما يمكن أني لاحظه أي مواطن سعودي ومثقف سعودي هو أن الملك عبدالله له إيمان مطلق بأنه لا بد أن ينقل هذه البلاد إلى مستوى متقدم في ما يتعلق بعلاقتها بالمستقبل وبالعالم. لن تكون هناك علاقة سوية لأي مجتمع بالمستقبل وبالعالم إلا إذا حاول أن يزيد في مساحة المشتركات بينه وبين هذا العالم وبينه وبين فرص المستقبل لأنه بدون ذلك سيظل منعزلاً عن المستقبل وعن العالم. الملك عبدالله معلوم أنه شديد القناعة بهذه الفكرة وبالتالي يتقدم في هذا الاتجاه بخطى ثابتة رصينة تراعي البناء الذي قام عليه المجتمع السعودي فكريًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا وما يتم من خطوات تحاول دائمًا ألا تصطدم ببعض الرواسخ في تقاليد هذا المجتمع وثقافته لكنها تحاول أن تأخذ بيده إلى مستويات متقدمة أكثر. هذا في ما يتعلق بالمرأة وحقوق الإنسان والحريات العامة وإصلاح القضاء والإصلاحات الإدارية الأخرى والمشروعات التنموية التي هي محطات في اتجاه المستقبل في مقدمتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كاويست وفي مقدمتها كذلك مدينة الطاقة الذرية المتجددة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.