أكد الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى أن المجتمع المصري الآن يتطور بشكل سريع حيث نرى اليوم أحزابا ومعارضة وهناك مظاهرات لم يكن يسمح بها منذ سنوات ، معربا عن قناعته بأن النظام السياسي هو الذى يقود هذا التطور. وقال الدكتور جهاد عودة إننا إذا كنا نريد ديمقراطية فيجب أن ندرك أن الديمقراطية لا تبنى إلا على أساس المطالب الضيقة أو الفئات الاجتماعية التى لها مطالب محددة ، محذرا من أن تشقق ما يسمى " السلطوية السياسية " سوف يؤدى إلى فوضى عارمة فى المجتمع ، أما تشقق " السلطوية الاجتماعية " فهو ما يحافظ على الاستقرار بحيث نعيد معادلة الاستقرار فى مصر. واعتبر الدكتور جهاد عودة أن ما يتردد عن توريث السيد جمال مبارك " نوعا من الاشاعات التى لها مروجوها " مطالبا المعارضة فى مصر بأن تقول كلاما دقيقا ولا تروج لمثل هذا الكلام الذى ليس له أى أساس .. وفيما يلي نص الحوار : مصر اليوم مختلفة • المجتمع المصري إلى أين ؟ المجتمع المصري يتطور بشكل سريع وربما سرعة هذا التطور هو ما يدفع الناس لطرح هذا السؤال وهذا هو الخلاف الذى بيني وبين معظم الناس الذين يتحدثون عن مستقبل مصر .. أنا أسال .. مصر منذ خمس سنوات هل هى مثل مصر اليوم ؟ بالطبع لا .. اليوم نرى أحزابا ومعارضة وهناك مظاهرات لم يكن يسمح بها منذ سنوات ولأول مرة فى التاريخ السياسي المصري نرى أن حركة 6 أبريل تطلب تنظيم مظاهرة وردت وزارة الداخلية على الطلب باعتراض على يد محضر وهذا لم يكن يحدث قبل ذلك إطلاقا وهذا تقدم إيجابي بمعنى أن كل واحد الآن يعرف حدوده وتطوره وهو على خلاف السابق حيث كانت وزارة الداخلية تنهى الموضوع من أساسه .. هذا الموقف يؤكد على تطور إيجابي لم تشهده مصر من قبل. هناك بعد آخر وهو الترشيد الاجتماعي للسلوك المجتمعي بمعني أنه لأول مرة وزارة الداخلية أصدرت الدليل الشرطي لحقوق الإنسان , وأنها الوزارة الوحيدة التي تلزم نفسها إلي جانب الإلزام القانوني باحترام حقوق الانسان وبالتالي تعاقب ضباطها عند الاساءة وهناك حالات كثيرة لذلك .. كل هذه الأشياء لم تكن موجودة من قبل. مشيعو فكر الإخوان • كيف يستقيم حديثكم عن حقوق الإنسان وحماية وزارة الداخلية لهذه الحقوق ، في الوقت الذي يساق فيه أعضاء من جماعة الإخوان المحظورة مثلا إلي المعتقلات والمحاكمات العسكرية بشكل يؤكد رجال القضاء أنفسهم أنه يتنافي مع حقوق الانسان ؟ بالنسبة للمحاكم العسكرية هذه مسألة مرتبطة بنص دستوري وبحق رئيس الجمهورية وبالتالي من يقولون هذا من رجال القضاء هم مشيعو فكر الإخوان داخل القضاء ، لكن المسألة في الأساس قانونية ، يعني عندما يحمل شخصا سلاحا ويهدد الناس ماذا نفعل له ؟ الإخوان ليسوا أبرياء من حمل السلاح ففي الماضي وفي الحاضر هناك عدة تجارب تورط فيها الإخوان في ذلك هناك كارم الأناضولي باعترافاته كعضو إخواني أنه نظم أول محاولة انقلاب مسلح عام 1974 وحديثا هناك ميليشيات جامعة الازهر وميليشياتهم في كل الجامعات. جماعة غير شرعية • لكن النص الدستوري كفل لكل مواطن حق المثول أمام قاضيه الطبيعي يعني من حقهم المثول أمام القضاء المدني لأنهم ليسوا عسكريين؟ هذا صحيح ولكن الإخوان جماعة غير شرعية بالقانون وبالتالي هي تهدف إلي تغيير نظام الدولة بالقوة .. أى أننا أحيانا ننسي من هم الإخوان. خذ وطالب • لماذا إذن هذا الإحساس بالنقمة من قبل الناس ؟ استراتيحية " خذ وطالب " تحدث نوعا من التطوير للنظام السياسي وتفعيل القوى المجتمعية بمعنى أن الناس قد لا يكونوا يلتفتون إلى بعض المشكلات ، ثم بعد ذلك يتغير الأمر بالنسبة لهم .. وبالمناسبة إذا كنا نريد ديمقراطية فيجب أن ندرك أن الديمقراطية لا تبني إلا على أساس المطالب الضيقة أو الفئات الاجتماعية التى لها مطالب محددة ، قد تكون وظيفية أو غيرها ، وبالتالى يبدأ الناس فى التوافد على الهيئات التنفيذية تطلب منها التفاوض على المشكلات التى تهمهم وهذا ما يطلق عليه لأول مرة فى مصر " التفاوض المجتمعى العام " وهذا لم يكن موجودا فى مصر من قبل إلا فى الثلاث سنوات الماضية .. فمثلا مجلس الشعب بات الآن وسيطا مشهورا جدا بين المواطنين والهيئات التنفيذية المختلفة فى الدولة وهذا يعد مؤشرا جيدا جدا على هذا التطور المجتمعى فى مصر. فى المجمل أنا أعتقد أن النظام السياسي المصري يعيش الآن حالة صحية جيدة جدا بحيث يسمح النظام وخاصة وزارة الداخلية للناس بأن تعبر عن مطالبها بشكل منظم. تشقق السلطوية • هل يمكن توصيف مصر بأنها دولة فرد ؟ أم دولة مؤسسات ؟ مصر تتحول الآن إلى دولة مؤسسات .. وهناك نوعان من المؤسسات ، فهناك فكرة المؤسسات الرسمية مثل الوزرارات والبرلمان والغرف التجارية وغيرها .. وهناك المؤسسات الاجتماعية .. ومصر الآن تشهد حالة من تشقق السلطوية الاجتماعية .. فمثلا لا يمكننا أن ننكر أن مصر كانت نظاما سياسيا سلطويا .. الآن نحن نتحول إلى نظام سلطوي من نوع آخر ناتج عن تشقق السلطوية الاجتماعية ، وبالمناسبة هى التى تحدث تغييرا أسرع وهذا هو الأصح من وجهة نظرى لأن السلطوية السياسية إذا تشققت أسرع ستكون هناك فوضى فى المجتمع.