جاءني صوته من القاهرة كما عرفته دائماً، نفس الصوت الجميل المغرّد الممتلئ أملاً وإشراقاً وروحاً.. وتواضعاً.. إنه صوت موسيقارنا الكبير طارق عبدالحكيم، يطمأنني على صحته، ويبشّرني بأنه بخير، وبأنه سيعود للوطن الحبيب في مدة قريبة، لن تتجاوز الأيام أو الأسبوعين بإذن الله. قال لي العميد (بنفس روحه وبنفس الضحكة التي أفتقدناها في غيابه): “أنا بخير ولله الحمد وصحتي جيدة وسأعود لبلدي قريباً”. وبأدبه المعهود وخُلقه الرفيع قال لي: “أنا أتابعك.. وأشكرك (الأستاذ يشكرني) على وفاءك وما كتبته يدل على الوفاء وقد أحضروا لي كل ما كتبته وقرأته وأشكرك ايها العزيز وهذا ليس غريب منك وسنوات صداقتنا تعني لي الكثير”، فقلت له: يا أستاذ الوفاء الذي تتحدث عنه قد تعلمناه منكم أنتم روادنا الكبار كما تعلّمنا منكم كل المعاني الصادقة والأحاسيس الإنسانية وأنا الذي أشكرك على تواضعك ومتابعتك وأنت في هذه الظروف”، فجاءت كلمته التي يعرفها ويُسعد بها كل محبيه وأصدقاءه: “يا حبيب القلب.. أنا إن شاءالله راح أعود وراح أواصل مشوار المتحف وسأعيده وافتتحه من جديد”. هكذا هو طارق عبدالحكيم.. الفنان الإنسان.. طموح دائم وآمال لا تنتهي، حتى وهو في هذه السن الكبيرة (ما شاء الله تبارك الله) كل همّه وفكره أن يترك لبلاده ومجتمعه أثراً من عطاءاته وإسهاماته، ولو بالشيئ اليسير، ومتحف طارق عبدالحكيم هو حلم من أحلام هذا الفنان العميد الموسيقار، وهذا المتحف سوف يكون علامة بارزة من العلامات الثقافية في بلادنا لو عرفنا كيف نهتم به ونعطيه ما يستحقه من اهتمام، فخسارة أن يظل هذا المتحف كل هذه السنوات “معطلاً” و”مغلقاً” بسبب إجراءات روتينية لا تعرف هذا الرجل وتاريخه الناصع، وسبق أن قلتها وسأقولها مرات ومرات، إن موضوع متحف طارق عبدالحكيم من الممكن انهاءه. إن طارق عبدالحكيم رمز من رموز الوطن، قدم وقدم وقدم الكثير، وأسهم في الرقي بثقافة بلادنا والنهوض بها، داخلياً وخارجياً، وكل من يجهل هذه الأمور ويجهل ماذا قدم هذا المبدع الكبير، عليه أن يقرأ تاريخه وسيرته وعطاءاته، فسوف تتكشّف له الكثير من الخبايا والمعلومات التي ستكون مفاجأة لمن لا يعرف التاريخ الحقيقي. وسبق أن كتبت هنا عن رد أمانة مدينة جدة حول موضوع المتحف، وما حصل قبل ذلك من اجراءات أغضبت موسيقارنا الكبير، ولن أريد الإعادة، فكل واحد يعرف ماذا قدم وماذا سيقدم، ولكني أقولها الأن وبمناسبة اتصال الأستاذ طارق عبدالحكيم وإعلانه عودته بإذن الله، إن الفرصة متاحة أمام أمانة مدينة جدة، لتصلح ما أفسدته سابقاً مع هذا الموسيقار الكبير، وأن تُدخل موضوع المتحف في أولوياتها وتعطيه ما يستحقه من الاهتمام والإنصاف، تقديراً لهذا الفنان الإنسان الكبير وما قدمه للبلاد من عطاءات وإسهامات، وتقديراً للتاريخ الذي لا يرحم والذي سيفضح كل من وقف في وجه مبدع كبير خدم بلاده وقدم لها الكثير، ومن حقه الأن وهو في هذا العمر المديد أن يرى نتيجة جهده وما بذله، فهل سنلمس واقعاً جديداً ملموساً من الأمانة، أم سننتظر أيضاً بيانات ورقية لا تسمن ولا تغني ولا لها أي قيمة سوى الإدعاءات الباطلة؟!!. * * * إحساس خلّيك معايا هنا في قلبي وأجلس قريب يا نور عيني أنا عن عيني أصحى تغيب أهواك ما أنكر أبد ولا عندي زيّك أحد