إذا لم نوجه الشباب للعمل، والبناء، وللابتكار والاختراع وتطوير قدراتهم ومواهبهم فسوف يتجهون للمجالات المتاحة، التي تضر في كثير من الأحيان، أكثر مما تفيد، وتدرس السلطات الفرنسية اليوم، وضع ضوابط على استخدامات الفيس بوك، بعد إعلان مقتل شاب في حفل ماجن، تم الترتيب له عبر الفيس بوك، وقد احتفل كثير من الإعلاميين السعوديين بالفيس بوك على اعتبار أنه وسيلة للتواصل، أو ما يسمى اليوم بالميديا الاجتماعية، وتشير كثير من الشكوك حول نشأة الفيس بوك على اعتبار أن وراءه أيدي صهيونية يهودية، فهو أداة تخريب لا أداة تجميع، وإداة فتنة وليست أداة فضيلة، ويسعى كثير من المتحمسين في البلاد الإسلامية العمل على (أسلمة الفيس بوك)، عن طريق تبادل رسائل الوعظ والإرشاد، وتبادل الأشرطة الدينية وفتاوى كبار العلماء، حتى وصلت إلى مجموعة تتبنى العمل على جعل الرسول صلى الله عليه وسلم، أعظم شخصية محبوبة في الفيس بوك، ومستوى المحبة في الفيس بوك يقاس بعدد الأصدقاء. الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس بحاجة للفيس بوك ليعتبر محبوباً، فإيمان العبد لا يكتمل إلا بكمال محبته صلى الله عليه وسلم، وهو المصطفى المحبوب من الرحمن عز وجل، وصفيه من خلقه، والشفيع يوم القيامة، وخير خلق الله، وصاحب آخر رسالة سماوية، وعليه أنزل القرآن، وأسرى به للسماء، وخاطبه القرآن في أكثر من موضع بكمال خلقه (وإنك لعلى خلق عظيم)، فهو لا يحتاج للفيس بوك، لإثبات محبته، فالفيس بوك لم يوجد لذلك، وأي محاول لأسلمة أو تحسين الفيس البوك ليكون إسلامياً، تضييع للجهود، وهو كمن يريد أن يحول شبكة المجاري، إلى شبكة مياه عذبة، فهو أمر مستحيل وإن تم، يتم بصورة عرجاء، مختلقة، غير دائمة، ومعرضة للإضطراب. الفيس بوك، قناة الدعارة المفتوحة، ومهنة من لا مهنة له، وعمل أقل ما يقال فيه إنه تضييع للوقت وللجهد في عبث لا طائل وراءه، وقد أطلعت على مواقع بعض الشباب، الذي استمروا في الفيس بوك لعدة سنوات، فرأيت الضياع بعينه، والتشرد على أبشع صوره، وقتل المواهب، وقتل القدرات، والتراجع للخلف، فالشاب يجد أمامه مئات بل ألوف أسماء للبنات للتعارف، ويساعد الموقع، الذي خصص وبدأ أساسا لهذا الغرض، لكل أنواع التواصل، من الطلاسم، والكتابة، والمراسلة للفيديو، وللصور، والشات حياً على الهواء، ويساعد على التعريف بسبل التعارف لمن لا يعرف هذه المهارة، فهو يعطي باقة من الهدايا المقترحة كل يوم، من علب حلوى، وزجاجات خمر، وورد، وقبل، وضم، بل يزيد لمن يصبح ضليعاً فيه، ببث بعض الهدايا الخليعة، مثل الملابس الداخلية، وأدوات أكثر حساسية، ووقاحة. وهناك ألعاب متنوعة لإثارة الجدل والحوار، مثل الحظ اليومي، ولعبة العرافة، ومثل لعبة بيع وشراء الأصدقاء، وهي الأخطر، لأنها تضع لكل صديق سعراً، ويزيد هذا السعر مع كثرة البيع والشراء، فيتحول الجميع الى (سوق النخاسة)، وهو السوق المعروف في التاريخ الغابر، ببيع وشراء الإنسان، وتصبح قيمة الإنسان أنه مجرد سلعة للبيع والشراء، وكأن الفتاة أمة معروضة للبيع في سوق النخاسة، وكأن الشباب عبيد معروضون للبيع، وتختصر قيمة الإنسان في قيمته المادية التي تحددها قيمته المالية في هذا السوق بسبب المزايدة عليه. الموقع بشع، وآثاره الاجتماعية مدمرة، والعجيب، أن الشباب لاه فيه، والطيب والخلوق منهم يريد أسلمته، لكنه فخ، لأن الأصل فيه هو الدعارة، واستخدامه في امور حسنة، هو من باب الاستعارة، والأفضل أن يقوم الشباب المبتكر بتطوير موقع خاص بهم، يستطيع أن يبدأ صحيحاً ويستمر صحيحاً ويخاطب العقول صحيحاً.