كنت إلى وقت قريب غير ملم بمضامين مشكلة زواج القاصرات.. ولكن من خلال متابعتي غير الدقيقة أيضاً لمست أن هناك تناولاً جاداً عن هذه المشكلة أو القضية على مساحة صحافتنا المحلية.. فلاحظت أن هناك تركيزاً شاملاً على معطيات وأسباب هذه المشكلة ومن خلال كل ذلك استطعت أن أقف على أدق التفاصيل التي جعلت لهذه المشكلة حجماً ومكاناً، وهنا لا بد من وقفة تجعلنا أكثر قدرة على فهم ذلك التناول الموضوعي الذي أطلعت عليه في إحدى الصحف المحلية، وكان عبارة عن بحث موضوعي دقيق كتبته الباحثة القانونية في حقوق الإنسان حصة بنت سلمان بن عبد العزيز آل سعود حيث استعرضت واقع، وحقيقة، وحجم، هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة من الجانب القانوني والحقوقي لحقوق الإنسان، ولا غضاضة في ذلك لدى الباحثة أن أشير إلى بعض الوقفات التي لا بد من تحديد حجمها، وتأثيرها في تنوير الرأي العام، إذا صح القول وللحق إن هذه الظاهرة، أو المشكلة « زواج القاصرات « قد أخذت اهتماماً إعلامياً هذه الأيام على صدر صحفنا المحلية مع مشكلة العنف الأسري، التي استفحلت وتحتاج إلى علاج جدي وج`ري. ولا شك hن قضية الطفلة اليمنية (نجود علي) التي أوردتها الباحثة مع عدد من القضايا والشواهد كانت من الأحداث الهامة التي لا بد من الوقوف عندها خصوصاً وإن عمر تلك الطفلة البريئة كان لم يتجاوز العشر سنوات، فألفت كتاباً عن قضيتها أو حادثتها نال شهرة عالمية وترجم إلى عدة لغات، وأوردت خبر الطفلة اليمنية الأخرى البالغة من العمر (12) عاماً والتي زوجت من شاب عمره (20) عاماً مما قاد إلى وفاتها بسبب أضرار فسيولوجية عقب الزواج مباشرة، أما هنا في المملكة العربية السعودية فتناول التقرير قصة «فتاة القصيم» لتؤكد تلك القصة ان هذه الظاهرة لها وجود في كل المجتمعات، وتستحق النقاش على كافة الأصعدة حيث تشير القضية ان والد تلك الفتاة أقدم على تزويجها برجل سبعيني مقابل (85 ألف) ريال، وهي لم تتجاوز بعد الاثنى عشر ربيعاً، لتقوم والدتها برفع دعوى ضد الأب، لموافقته على زواج ابنتها الصغيرة، وحظيت القضية باهتمام من منظمات حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية، وكذا دعم المحامين، إلا ان الأم سحبت القضية التي كان يأمل الناس في أن تكون سابقة تمهد الطريق لمستقبل أفضل، وقد تناول البحث تضليل البعض حول هذه المسألة بزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنوات، وأوضحت الباحثة ان هؤلاء لم يعطوا لأنفسهم حتى فرصة تأمل حقيقية تمكنهم من فهم هذه الواقعة على صورها الصحيحة، وهذه المسألة لا يجب تناولها في موضوع جانبي بل تحتاج إلى عرض شامل عن قدسية أصحابها، وليست كأي مسألة يمكن تناولها باختصار. وقد أوضحت الباحثة أنه بعيداً عن الجدل فإننا أمام هذه الظاهرة أو المشكلة، نعتبر جميعاً مسؤولون عن حماية أطفالنا ورعاية مصالحهم، وأتوقف أمام التعميم الذي صدر مؤخراً عن وزارة العدل السعودية إلى كافة المأذونين الذي ينص على أنه لا يجوز تزويج الفتيات الصغيرات لرجال أكبر سناً منهن بكثير، وان هذا التعميم يعتبر في ظني حلاً لمشكلة أخرى، لأن المشكلة التي نحن بصدد الحديث عنها هي التعاقد على تزويج فتيات صغيرات في السن وليس مشكلة الفجوة العمرية بين الفتاة والزواج وفي هذا السياق، وقد تناول البحث العديد من الجوانب الهامة حول السبب التاريخي وراء موافقة الأب على تزويج ابنته وتصرف بعض أولياء الأمور في هذه الجزئية، واختلافات المجتمعات والأزمنة في هذه الحالة، وكانت المطالبة الواضحة أن تقوم الجهات المسؤولة بسن قانون شرعي، ونظام واجب التنفيذ على الجميع، مع تحديد عقوبات رادعة واضحة يتم تنفيذها على ولي الأمر الذي يوافق على تزويج الفتيات الصغيرات، كما تمت المطالبة بتأسيس سلطه تراقب حالات الخطبة والزواج، وهذا الأمر يحتاج إلى وقفه جماعية للحد من الظاهرة التي ستتحول حتماً إلى مشكلة، إذا لم نجد لها الحل والحل العاجل إلى جانب هذا التنوير الشامل عبر وسائل الإعلام المختلفة من هذه الظاهرة وخطورتها إذا ثبت تصنيفها كمشكلة.