تخوض «المدينة» - على مدى حلقات عدة - رحلتها التى تحمل عنوان «وقائع» داخل عدد من القطاعات بالمدينةالمنورة مستعرضة سلبيات كل قطاع ومناحى القصور فيه .. سلسلة من الحلقات لا نستهدف من ورائها الضغط بالقلم على اوتار النقص بل إيضاح الصورة عن قرب كى يلتفت المسؤولون لإصلاحها .. البداية مع القطاع الصحى العجوز الذى كسر حاجز الصبر وباتت سلبياته هى الأقرب الى عيون المتابعين. زيارات للدور العلاجية التى تحولت بفعل الإهمال إلى ساحات للنفايات ومراتع للقطط السائبة ووقوف على عنابر المرضى المنومين، التى تحولت أسرتها البيضاء الى أكفان مدفوعة الأجر وقراءة بعين التوثيق لكافة السلبيات. المباني العلاجية تنهار قبل تدشينها والصحة تتهاون مع المقاولين هدوء يسبق العاصفة عاشه القطاع الصحى فى المدينةالمنورة لفترة وجيزة فرح فيها المسؤولون بصمت الأقلام عن الكلام وظنوا - أن عين المواطن - لا ترصد سقوط الهرم العلاجى بل وانهياره .. مبان حديثة تشققت جدرانها وترنحت وأصبحت لا تقوى على الصمود . وأخرى قديمة توقف نبضها وانتهى عمرها الافتراضى. وثالثة تعثرت وتعطلت تارة بأمر الإهمال وغفلة الرقيب وبفعل ألاعيب المقاولين تارة أخرى . وعلى الرغم من الأمراض التى مست كبد الأبنية والمنشآت العلاجية والتى عجزت مشارط المسئولين عن علاجها تبقى أوجاع المرضى وندرة الكوادر المتخصصة وقلة الأسرة وغياب النظافة آفات آخرى تكمل منظومة الإعياء وتؤكد بمالا يدع مجالا للشك أن القطاع الصحى بالمدينةالمنورة أصبح «عجوزا» يحتاج لرئة تتنفس وقلب ينبض ودم جديد. هذه هى الصورة بكادرها الخارجي فتعالوا نغوص فى القلب ونقترب من النبض المتعب ونقف على الحالة المتردية للقطاع الصحى «العجوز» بالمدينةالمنورة. 5 سنوات فقط مستوصف قباء للرعاية الأولية لم يمر على بنائه اكثر من 5 سنوات فقط ويرتاده الالاف من سكان حي قباء والبحر والاحياء المجاورة. وهو يعد من المستوصفات الحديثة التي قامت ببنائها صحة المدينة ورغم ذلك وخلال فترة وجيزة من افتتاحه من قبل وزير الصحة السابق ظهرت التشققات في بنائه والشروخ في جدرانه وسقوط مروع لبنيته التحتية وتسربات في تمديدات المياه والصرف. واصبح وخلال فترة وجيزة من عمره مصابا بالاعياء رغم شبابه وظهرت ملامح الشيخوخة في كافة ارجائه وامام ذلك قامت الصحة بإخلائه الاسبوع الماضي. سيد الشهداء واقعة أخرى تدل على الاهمال الرقابي للصحة. فمستوصف سيد الشهداء مستوصف جديد تم الانتهاء من بنائه والاستعداد لتسليمه لصحة المدينة الشهر الماضي. ولكن قيض الله ان يكون هناك بعض من اصحاب الضمير في لجان الاستلام الذين وثقوا ملاحظات عديدة في المبنى. أبرزها الهبوط الشديد في ارضياته واساساته. مؤكدين انه معرض للسقوط في أي وقت وامام هذه التقارير وضغوط الرأي العام وشكوى المواطنين قررت الصحة عدم استلامه من المقاول والأغرب انها طالبت (بهدمه) بعد أن اخلته الشهر الماضي وإعادة بنائه من جديد بعد اصدارها التوجيهات للموظفين بمباشرة العمل بالمستوصف دون حتى أن تشكل لجنة للتحقيق في اسباب عدم تسجيل الملاحظات وانعدام الرقابة طوال فترة البناء. أين المهندسون ؟ واقعة «سيد الشهداء» أثارت سيلا من الأسئلة عن قسم المشاريع بالصحة الغائب عن مراقبة مراحل البناء وعن سبات المهندسين المشرفين عن استلام المشروع. مما استدعى الدفاع المدني بالمدينةالمنورة التدخل عبر لجنة المباني الآيلة للسقوط وقال العقيد منصور الجهني ان اللجنة رصدت عددا من التشققات وهبوطا في ارضية «سيد الشهداء» في مواقع مختلفة وعلى الفور طالبنا بإخلائه من الموظفين لخطورته عليهم وامكانية سقوطه. اما المتحدث الرسمي للشؤون الصحية بالمدينة سعيد الغامدي فقال ان الشؤون الصحية طلبت من المقاول اعادة بناء المركز الصحي بعد رصد ملاحظات على المبنى عقب انتهاء المقاول من انشائه وبعد شهرين فقط من مرحلة التجربة. ولا نعرف كيف تثق الصحة بالمقاول مرة أخرى وتطالبه بالبناء من جديد. رغم فساد المبنى الذي قام بتسليمه. وملاحظات اخرى سجلت على المقاول في مبان اخرى تابعة للصحة. مبان متردية ومع صدمة المباني الجديدة الآيلة للسقوط تظهر ايضا المباني “المتردية” والتي تعاني من سوء نظافتها وموقعها. ومن ذلك مستوصف (حي الندوة) والذي لا نعرف لماذا تسكت الصحة عن الوضع المتردي به والتسربات التي يعاني منها. رغم عدد التقارير السلبية التي كتبتها اللجان التي شكلتها وانتدبتها صحة المدينة للتحقيق في وضع هذا المستوصف. ورغم ذلك لازال الوضع قائما كما هو بل وصل الامر ان الاهالي اصبحوا (يسدون انوفهم) عند الدخول لهذا المستوصف جراء الروائح الكهرية التي تصدر من ارجائه. باين من عنوانه مستشفى الملك فهد المستشفى المرجعي الوحيد بالمنطقة وأهم وأكبر مستشفياتها وأقدمها كثر الحديث عنه ورغم ذلك لازال (التبلد) حيال وضعه هي السمة البارزة والمؤكدة. وأصبح التعايش مع وضعه الحالى واقعا لا مفر منه بل نحسب أن الأطباء والممرضين والعاملين تكيفوا مع هذا الوضع وادمنوه خصوصا وهم يرون أنه لا جديد في وضع المستشفى وان الامر يزداد سوءا رغم الجهود التي يبذلها مدير المستشفى الجديد. والذي يحاول جاهدا اصلاح ما يمكن اصلاحه. والتركيز على (البشر) بعد ان أعياه وضع المكان. وينطبق على مستشفى الملك فهد بالمدينة المثل الدارج «الجواب واضح من عنوانه» فلكي تعرف حقيقة الوضع من الداخل يظهر لك فناء المستشفى بارزاً وشاهداً للعيان عن الوضع بالخارج. فقد انتشر وبشكل واضح في فنائه الأثاث التالف والاسرة المتكسرة والمكاتب منتهية الصلاحية واخشاب وقطع من الحديد والزنك وكل أنواع المخلفات وفي ارجاء أخرى سوء نظافة واضح وإلقاء قاذورات وبقايا أدوات طبية مستعملة وفي زاوية أخرى من الفناء تراصت عدد من الغرف بنيت بشكل عشوائي. ولحفت بالزنك وتحولت إلى سكن عمال النظافة بالمستشفى والذي يقع أغلبها جوار سكن الممرضات. حيث وضع العمال عددا من اللواقط الفضائية (الدشات) بينهم وبين سكن الممرضات واحتراماً (للجيرة) قام العمال بمشاركة الممرضات بهذه (اللواقط). مستشفى أحد اما مستشفى احد والذي يقع على الضفة الأخرى من مستشفى الملك فهد وقريباً منه فإنه فيما يبدو قد انتقلت اليه «عدوى عدم النظافة» فالفناء الخارجي هو الاخر امتلأ بالركام والاثاث التالف. فيما يبدو ان الصحة في «أزمة» التخلص من التالف لديها. مما يؤدي إلى القائها في افنية المستشفيات. فإذا كان هناك لجان للجرد والحصر والاتلاف فلماذا لا تتلف أو تنقل هذه المخلفات التي يبدو ان بعض العمالة قد «اكل نصفها». وعن سكن مستشفى احد -حدث ولا حرج- فالإهمال واضح بكل ارجائه واضحى وكأنه مهجور لسوء الحالة. ومسبح السكن امتلأ بالخردوات والغبار وبعض الأثاث القديم والأجهزة حتى طريق إدارة السكن بالإضافة إلى الأشجار المقتلعة والميتة وغير المشذبة. هذا الحال الذي تمر به مستشفيات المدينةالمنورة وهذا التردي في أوضاع مبانيها من حيث البناء والصيانة والنظافة يجعل الشؤون الصحية بالمنطقة امام علامات استفهام عديدة. فأين هى عن هذا الوضع المتردي وأين أجهزتها الرقابية وهل صحيح ان هذه الملاحظات مدونة بتقارير مديري المستشفيات واللجان ولكن لم يتم اتخاذ حيالها أي شيء. وكيف سمحت الصحة بإلقاء التالف في افنية المستشفيات. وأين هى من بدروم مستشفى الملك فهد الذي امتلأ بالمياه ولماذا حولت مهبط الطائرات بالمستشفى إلى مواقف للسيارات. واين هى من إلقاء بعض الاسرة الجديدة والتي تبلغ قيمة الواحد منها 40 الف ريال. «العزل» حالة منفردة مستشفى العزل بالمدينة حالة منفردة ودلالة واضحة على التردي بأبشع صوره فالمستشفى تم استئجاره بأكثر من ستمائة الف ريال فى العام لعزل المرضى المصابين بالامراض المعدية والسل. وأكدت العديد من اللجان انه مبنى غير مؤهل (للعزل) وان نسبة الإصابة بالسل تتجاوز 80% لمن يدخل المستشفى - عاملين أو زوار - وكانت العديد من التقارير قد رفعت توضح سوء المستشفى وعدم ملاءمته نهائياً (للعزل) ولكن لا حياة لمن تنادي.. وبقي الوضع كما هو عليه. ومع فصول المأساة التى تحكيها البنية التحتية القديمة للمستشفيات والشروخ في المباني الجديدة، والتعثر الصارخ في مبان أخرى كمستشفى الصحة النفسية. تعاني مستشفيات المدينةالمنورة من سوء التعقيم وسوء النظافة وسوء الإدارة.. فمن يتصدى لأوجاع مستشفيات المدينة ؟ ومن للمواطن الذى يغوص فى بؤر العلاج وكأنه غارق فى هاوية بلاقرار ؟ -------- د. ياسين يعترف بتدني نظافة مستشفى الملك فهد ويعد بمشروع لتعقيم غرف المرضى مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة المدينةالمنورة الدكتور خالد ياسين قال إن مبنى مستشفى الصحة النفسية جار العمل به ولكن المقاول متعثر بعض الشيء لظروف معينة وقد تم التنسيق مع الوزارة لتمديد فترة الانجاز وسيكون جاهزاً خلال عام وعن نظافة مستشفى الملك فهد قال لقد قمنا بعدة إجراءات ولكن تدني مستوى النظافة يرجع للشركة المتعاقد معها بسبب تأخرها في صرف الرواتب أحياناً وعدم استكمال العاملين في المواقع وبالفعل كانت هناك خطوات عملية أهمها عقد اجتماع مع سعادة وكيل الإمارة المساعد بمنطقة المدينةالمنورة وقد تم الزام الشركة ببعض الإجراءات ومنها تسديد الرواتب المتأخرة وتأمين مواد النظافة. والوضع الآن أفضل من السابق ولكننا لا نزال غير راضين عن الوضع الحالي بسبب قلة عمال النظافة. وعن التعقيم بداخل مستشفى الملك فهد وغرف العمليات قال التعقيم ليس على المستوى المطلوب ولكنه أيضاً ليس بالشكل الذي يصل إلى حد التضخيم ونحن الآن بصدد مشروع متكامل خاص بالتعقيم من ضمن مشاريع تطوير وتحسين المستشفى حيث تم تشكيل لجنة تعنى بالجودة ومهمتها التأكد من تطبيق معايير الجودة للتعقيم.