حضرتُ قبل أسابيع قليلة مناسبة زواج أُقيمت بأحد فنادق الخمسة نجوم، قال لي أحد المقربين من العريس بأن إيجار هذه الليلة تبلغ تكلفته 150 ألف ريال، وأنَّ الفاتورة لا تشمل تكلفة العشاء، وبعملية حسابية سريعة خمّنتها وفقًا لمظاهر البذخ في العشاء، قدَّرت أنَّ تكلفة العشاء بلغت 100 ألف ريال، وذلك يعني أن العريس قد دفع (ربع) مليون ريال مقابل خمس ساعات أمضاها وضيوفه في ذلك الفندق الفاره الواقع على مقربة من البحر. ما أذهلني هو أن “العريس وأهله” ليسوا من طبقة الأثرياء، وقطعًا لا يوجد على سطح منزلهم برج حمام ليطبّقوا عليه المثل القائل “اللي عنده قرش محيِّره يشتري حمام ويطيِّره”! وخشيت أن يكون قد لجأ كغيره من محبي المظاهر إلى الاستدانة من البنوك بغية أن يكون (زفافه) حديث الناس، ولذلك أشفقتُ عليه. وكان قد شكا لي أحد معارفي من ديونٍ تراكمت عليه، وعلى ابنه نتيجة شرائه لسيارتين ب(التقسيط)، وبيعهما ب(الكاش) لزوم تزويج ابنه، وأن هذا (الدَّين) سيظل جاثمًا على صدره طوال الخمس سنوات المقبلة، وهي مدة الأقساط المترتبة عليه، فتردّت أحواله وأحوال ابنه الذي لم يهنأ لا بزواجه، ولا براتبه. ولا أعرف شخصيًّا أي معنى للزواج إن لم يكن فارسه مقتدرًا، فلا يمكن أن “يلتمس خاتمًا من حديد”، أو أن يُقيم (فرحه) على سطح منزله، أو في (بَرَحة) الحي الذي يقيم فيه! فالأمور تغيّرت، ولا بد من الإذعان لطلبات “النصف الآخر” فوالدتا العروسين لا تمانعان من إقامة حفل الزفاف في أرقى الفنادق، إذ لا تعنيهما الفاتورة، ولا النظرة إلى ميْسرة بقدر ما تعنيهما نظرات الإعجاب، وإيجابية الانطباع لدى ضيفاتهما. وقد عجبت من عروسين بريطانيين أكدت إحدى الصحف المحلية بأنهما لا يودّان أن تبدأ حياتهما الزوجية بديون تثقل كاهلهما، لذا فقد أقاما حفل زواجهما داخل “مرآب” للسيارات، ولم يكلفهما الزواج أكثر من 6 آلاف ريال فقط، وقالت العروس “بأن مرد ذلك يعود لحصولهما على التعاضد الذي أظهره الأقرباء والأصدقاء والجيران، وتشجيعهم لهما”. لا أدعو إلى أن يُقيم أهالي العرسان مناسباتهم في (كراج) السيارات، ولكنني أدعو إلى تقدير الظروف، والتسهيل على عائلة العريس، وتمكينه من إقامة فرحه في القصر الذي يرتئيه، أصِلُ بهذا إلى أن مجتمعنا يطبّق عرفًا يصعب الانسلاخ منه، تفرضه (المظاهر) أحيانًا، و(الشروط) المجحفة التي يفرضها الطرف الآخر أحيانًا أخرى. وفي الوقت الذي لابد فيه للعريس من أن يقدم لعروسه “صباحية” لا يقل سعرها عن 10 آلاف ريال -قد تقل قليلاً- فإن النجم الأمريكي “توم كروز” لم يقدم لعروسه في صباحيتها أكثر من (مقلاة، ومشط)! ولو قدَّم (كروز) هذه الهدية لعروس لدينا لشوَّهت “حماته” وجهه بزيت المقلاة..! دعونا نتكاتف للتقليل من تكاليف الزواج؛ لكيلا يتحوّل الزواج وهو (نعمة) إلى (نقمة).