يخطئ كثيراً من يقول ان حالة الفساد المالي والاداري والفكري التي تعيشها بلادنا هي وليدة هذه المرحلة بل انها حالة كانت متجذرة ومتشعبة المسارب منذ عقود لكن أبا متعب أدام الله عزه ورفع قدره ومكن قوته استطاع بعون الله ورعايته ان يكشف استار ذلك الفساد وينبش جحوره حتى بانت سوءاته وها هو يعلنها عليه حرباً ضروساً لا رأفة فيها أو هوادة حرباً ستطال كما قال حفظه الله “كائناً من كان” وها هو رعاه الله يعلنها صريحة صادقة حازمة ضمن منهجه الاصلاحي الذي اختطه لنفسه فيقول: انطلاقاً من مسؤوليتنا تجاه الوطن والمواطن والمقيم استهداء بقول الحق جل جلاله (إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ والأَرْضِ والْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وأَشْفَقْنَ مِنْهَا وحَمَلَهَا الإنسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ثم يقول حفظه الله: واستصحاباً لجسامة خطب هذه الفاجعة وما خلفته من مآس لا نزال نستشعر أحداثها المؤلمة وتداعياتها حتى نقف على الحقيقة بكل تفاصيلها لايقاع الجزاء الشرعي الرادع على كل من ثبت تورطه أو تقصيره في هذا المصاب المفجع لا نخشى في الله لومة لائم فعقيدتنا ثم وطننا ومواطنونا اثمن واعز ما نحافظ عليه ونرعاه جاعلين نصب أعيننا ما يجب علينا إبراء الذمة أمام الله تعالى باعادة الامور الى نصابها الصحيح انتصاراً لحق الوطن والمواطن وكل مقيم على ارضنا وتخفيفاً من لوعة ذوي الضحايا الابرياء وتعزيزاً لكرامة الشهداء -رحمهم الله- بارساء معايير الحق والعدالة. ان هذه المبادئ التي استند عليها خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح في حربه على الفساد لتؤكد لنا جميعاً حجم الحب الكبير الذي يحمله هذا الحاكم تجاه شعبه ومن اقام على أرض هذا الوطن الكريم المعطاء وانها ايضا تؤكد على أن هذه الحرب على الفساد لن تتوقف حتى يتم استئصال كامل جذوره وتجفيف منابعه ووأد كل من يمارسه بيد الحق وسيف العدالة استناداً على مبادئ العدالة التي حث عليها ديننا الإسلامي وانطلاقاً من ثقل الأمانة التي يحملها خادم الحرمين الشريفين أمام ربه سبحانه وتعالى. ولعل أوامره الكريمة التي تضمنها ذلك المنهج الإصلاحي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن عمر ذلك الفساد بات قصيراً وإن كان من يمارسه على أي بقعة من بقاع هذا الوطن سينال جزاءه الرادع من غير عفو أو تجاوز ودون النظر إلى مركز إداري أو مكانة اجتماعية استناداً على أسلوب الحزم والجدية والشمولية التي تضمنها ذلك المنهج الشامل. ولعل المفرح جداً في ذلك المنهج أن أوامره لم تقتصر على نواتج الفساد الذي ترتبت عليه كارثة الأمطار بمدينة جدة بل كانت شاملة لكل عملية فسادية تطال هذا الوطن في شتى بقاعه حيث إن تلك القضية المستشرية لا تقتصر على مدينة دون أخرى ولا على فئة دون أخرى بل هي متجذرة متشعبة عبر مسارب هذا الوطن الكبير. ثم يبقى الدور الأكبر منوطاً بنا نحن أبناء هذا الوطن لنقف صفاً واحداً ويداً واحدة لمحاربة ذلك الفساد فكلنا مسؤولون وكلنا محاسبون وكلنا شركاء في حب هذا الوطن والدفاع عنه والذود عن ممتلكاته لذا يستوجب على كل فرد منا أن يكون شريكاً فاعلاً في حرب ذلك الفساد وألّا نخشى في الله لومة لائم فالوطن للجميع وحبه للجميع وممارسة أي عمل فسادي ستضر بالجميع فمن يمارس ذلك الفساد قد تجرد من أمانته ومواطنته وإنسانيته لذا علينا أن نستأصله ونبتره حتى لا يستشري داؤه والله تعالى من وراء القصد.