يعتقد الكثير من الناس أن هناك كليات، أو حتّى جزئيات في الحياة، لا علاقة للشرع فيها من قريب أو بعيد. وهذه النظرة غير صحيحة، فإن الحياة لا تنفصل عن الدِّين قيد أنملة، ولا أقل من ذلك. ولكن في الشريعة عموم وخصوص، وفيها المقيد والمطلق، والمجمل والمفصل.. وقواعد شرعية، وقواعد أصولية.. مَن أدرك ذلك كله وعرفه، استطاع أن يزن الأمور بميزان قسط، ومنهج عدل. مجالات الدعوة وترشيد الناس كثيرة إذا وظّفت فيما يعود على الناس بالخير آتت أكلها ولو بعد حين بإذن ربها. منبر من منابر الدعوة إلى الله أقوى المنابر نفوذًا وتأثيرًا أدرك شأنه النبي صلى الله عليه وسلم فشرعه في الأيام الأولى منذ تأسيس دولة الإسلام الوليدة للتو على أرض المدينة، إنه منبر الجمعة، يتحدّث فيه عن أهم أحداث الأسبوع، وأصول الدّين وفروعه، وما يصلح الناس في معاشهم ومعادهم. من تلك المواضيع التي يلعب منبر الجمعة دوره الأكبر فيه، ذلك الأصل الذي يبنى عليه غيره في شؤون الناس وتنظيم حياتهم، وهو ما يسمّى بالتعداد السكاني الذي تبنّت الدولة مشكورة مأجورة إعماله في المجتمع بشكل عصري، ذي أسس وقواعد ثابتة، فكل عاقل يدرك أهمية هذا المشروع الموفق فإنه يتحتم عليه الإسهام في إنجاحه. خطيب الجمعة حينما يريد الحديث عن مثل هذه المواضيع يجب عليه أن لا يغيب عن باله أنه يخاطب طبقات مختلفة في المجتمع، فيهم الكبير والصغير، وفيهم العالم والمثقف، وفيهم المواطن والمقيم، وفيهم المسؤول والرجل العادي، وفيهم المؤثر والمتأثر، فلا بد وأن تحدد الخطبة لكل مستمع الدور الذي يمكن أن يسهم من خلاله في إنجاح المشاريع التي من شأنها تحقيق المصالح العامة، كما على الخطيب أن يعرّج مؤكدًا ما يجب على الرعية من حقوق للراعي، وأن ولي الأمر إذا أمر بأمر فيه مصلحة، وإن كان ذلك الأمر في أصله مباحًا أو سنة، فإنه وبأمر ولي الأمر له يرتقي إلى درجة الوجوب في حق الشعب. ومن تلك الأوامر الأمر بالتعاون مع موظفي التعداد السكاني، فإن الإسلام عني بالتعاون في وجوه الخير.. (وتعاونوا على البر والتقوى ..) والناظر في الشرع المطهر يجد أن التعداد والإحصاء لهما أصل في الشرع، فعله عمر -رضي الله عنه- في عام الرمادة، وفي وقت الرخاء ليستعين به وقت الشدة، وسار على ذلك من بعده أئمة المسلمين وولاتهم إلى يومنا هذا، ومنافع التعداد والإحصاء لا تُعد ولا تُحصى، فالنصيحة والمرجو من الجميع احتساب الأجر فيما ينفع البلاد والعباد. والله المستعان [email protected]