ليس من قبيل الصدفة أن منطقة الشرق الأوسط هي من أكثر المناطق في العالم التي تعيش منذ عشرات السنوات أزمات وحروبًا وتوترات متواصلة، بدءًا من نكبة فلسطين، والعدوان الثلاثي على مصر، وحروب اليمن، والسودان، ولبنان، والحروب العربية الإسرائيلية، والحرب العراقية الإيرانية، واحتلال الكويت، والملف النووي الإيراني، مرورًا بالحروب الصغيرة مع الحوثيين، والصحراء الغربية، وصولاً الى الخلافات الحدودية العربية - العربية، وموجة الإرهاب، وغيرها الكثير. وكل ذلك يستدعي بالضرورة أن تعمل كل دولة على تعزيز قوتها الدفاعية، وأن تمتلك ما أمكن لها من أعتدة وأسلحة تسمح لها بالحفاظ على الاستقرار، وبفرض الأمن الداخلي، أو بالاستعداد لمواجهة محتملة من خارج الحدود. والدول القادرة على بيع الأسلحة محدودة ومعروفة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وكوريا الشمالية ودول أخرى في أوروبا الشرقيةوالغربية. وتعمل هذه الدول على الترويج لبيع أسلحتها بنفس الحماس لبيع أي سلعة أخرى خدماتية أو صحية أو غذائية؛ لأنه بقدر ما تتمكن هذه الدول من رفع مبيعاتها بقدر ما تحقق مداخيل مالية كبيرة تعيد استثمارها في عمليات التطوير والتحديث في نفس القطاع، وفي القطاعات الأخرى التي تضمن لها التفوق ليس فقط العسكري، بل أيضًا الاقتصادي والمالي والتجاري والتكنولوجي. وليست كل الأزمات مفتعلة من دول إنتاج السلاح أو بعضها، ولكن هناك دور ما لهذه الدول إذا استدعى واقعها الاقتصادي إشعال حروب، أو افتعال أزمات. وبما أن دول منطقة الشرق الأوسط لديها بعض الإمكانيات التي تتيح لها شراء الأسلحة نقدًا، فقد كثر الاهتمام بدول هذه المنطقة إلى حد كشفت أحدث التقارير الصادرة عن المؤسسة الهولندية «سيبري للأبحاث الإستراتيجية والعسكرية» التي تتّخذ من مدينة «أمستردام» مقرًّا لها أن منطقة الشرق الأوسط استأثرت ب 17% من التوريدات العالمية للأسلحة بمختلف أنواعها خلال الفترة ما بين العام 2005 حتى 2009، بزيادة بلغت 22% قياسًا الى ما بين العام 2001 حتى 2004، إلى جانب استحواذها على 36% من صادرات الولاياتالمتحدةالأمريكية من الأسلحة خلال تلك الفترة. ووفقًا للتقرير فقد توزعت حصص الأسلحة الموردة من الولاياتالمتحدة إلى منطقة الشرق الأوسط على النحو التالي: 33% لدولة الإمارات العربية المتحدة، و20% لإسرائيل، و13% لجمهورية مصر العربية، وبنسب أقل إلى السعودية والكويت وسورية والعراق ودول شمالي إفريقيا. وبغض النظر عن أنواع الأسلحة التي تم تصديرها، فإن الأهم هو أن كلفة هذه الأسلحة بلغت مئات مليارات الدولارات، يُضاف إليها مليارات أخرى للسنوات المقبلة بدل صيانة، وقطع غيار، وتجديد، وتحديث، ودورات تدريب متواصلة. ولو أمكن العمل جديًّا على وضع حد لكل أزمات الشرق أوسطية لأمكن استثمار هذه الأموال في مشاريع إنتاجية كفيلة بأن ترتقي بالعالم العربي إلى مصاف الدول المتقدمة. ولكن يبدو أن هذا حلم ممنوع علينا أن نحققه ..!! [email protected]