* حين يحول (ربع سم) بين حلم شاب سعودي وبين قبوله في خدمة وطنه، يصبح الرفض قضية، ومن حيث أكتب للناس الذين هم عندي هذا القلم، وهذه المساحة التي أخصّصها اليوم ليوسف، والشباب الذين يعيشون مع البطالة حكايات، ومع الفراغ معاناة، ومع الفقر والإحباط حقائق مأساوية، تجتمع كل هذه الحكايات في كلمة الموت الذي يفتك بهم من تاريخ التخرّج حتى لحظة القبول التي تنتهي بالرفض، وتكون الصدمة في ظل اللا فرص صدمة كبرى، حين تأني من خلال القسوة التي تكون السبب الأول في تعاسة شاب وأسرة كان حلمها أن تحقق لابنها وظيفة ليكتسب منها، ويخدم وطنه.. هكذا كانت حكاية يوسف المالكي، هذا الشاب الذي ذهب إلى مركز القبول بالأمن العام في الرياض، وفي صدره وطنه ورغبته في أن يكون أحد الجنود الذين يذودون عن ترابه، وعاد وفي قلبه غصّة، وعلى ظهره جبال من الحزن؛ لأن طوله نقص عن الطول المحدد للقبول بربع سم! وفشل في أن ينفخ عوده، أو يشد من جسده لتكون النتيجة موت الفرحة والعودة للحالة الأولى!!. * تصلني عبر البريد الإلكتروني رسائل محزونة، معظمها تقول لي اكتب لنا عن معاناتنا مع الفراغ، وانقل لمن يهمّه الأمر تعاستنا، وكم كتبت عن هذه القضية المقلقة لكلتا الوزارتين المختصة بهذا الشأن، لكن فيما يبدو وكما يقول المثل (مغني عند أصنج)، وكيف تأتي الحلول من أناس يعتقدون أن البطالة هي ليست سوى مؤشر عادي جدًا وهي الثعبان الذي يلتهم أحلام الوطن قبل الخريجات والخريجين ليكمل التعسف في تطبيق الشروط ما يتبقى لدرجة أن يصبح ال(ربع سم) المشكلة، ويكون السبب المهم الذي يقتل أحلام مواطن يريد أن يعمل جنديًّا في الأمن العام، ومن يصدق ما حدث ليوسف الذي رجع، وفي ذهنه سؤال جاف، هو أين أذهب؟! وكل الشباب يصرخون معه ومثله من كل الأشياء فاتركوهم على الأقل يلبسون ما يشاءون: طيّحني، أو كسّرني طالما أن التسكع ممنوع، والسرقة جريمة، والسهر يرفضه الآباء والأمهات، وحلقة الخضار يسيطر عليها البنجلادشيون، وحلقة السمك خليط من العمالة الأجنبية، وبنك التسليف يدعمهم بعد انتظار ربما يصل لخمس سنوات. فهل تحظى هذه الكارثة باهتمام غير عادي؟ أتمنى ذلك.. * خاتمة الهمزة أرفعها عن كل العاطلات والعاطلين، وعن يوسف الذي خذله طوله من أن يكون جنديًا في الأمن العام؛ ليبقى عاطلاً، وتبقى معاناته حتى يكبر قليلاً، وقبل الختام أنصح يوسف بشرب الحليب، والصبر الجميل، والله المستعان.. هذه خاتمتي، ودمتم. [email protected]