قضية السجون السرية التي تم اكتشافها في العراق أخيراً تعيدنا إلى ذكرى سجن «أبو غريب» الرهيب الذي تعرض فيه مئات من العراقيين للتعذيب الجسدي والنفسي الرهيب على أيدي جنود أمريكيين انتهكوا فيها كل الأعراف الدولية. لكن أن تُعاد المأساة علي أيدي العراقيين على مواطنين عراقيين رغم كل الإدعاءات بالتخلص من نظام صدام حسين الوحشي يجعل كل تضحيات الشعب العراقي من أجل نيل حريته وكرامته في مهب الرياح. إذا كان ما خرج من صور عن سجن أبو غريب شكل صدمة للعالم الحر، إلا أنه كان واحداً من سلسلة من السجون التي أقامتها الولاياتالمتحدة لتمارس فيها التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغير الإنسانية والمهينة تحت دعوى الحرب على الإرهاب، في العديد من الأماكن. فقد كانت صحيفة واشنطن بوست قد كشفت ما وصفته ب«فضيحة السجون السرية» وإن هناك خمسة عشر سجنا أقامتها واشنطن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بثماني دول تابعة لما كان يُطلق عليه في الماضي أوروبا الشرقية، إضافة إلى سجونها في أفغانستان، وسجن خليج جوانتانامو المشهور . الغريب هنا هو أن يعترف الأمريكيون بخطأ ممارساتهم لتقع فيها الحكومة العراقية بدعوى تحقيق الحرية والكرامة لمواطنيها. فهل تخلص العراقيون من ديكتاتور قمعي ليقعوا في يد ديكتاتوريات جديدة تُمارس معهم نفس ما كان يُمارسه النظام الصدامي السابق؟!