التقرير الذي أصدرته هيومن رايتس ووتش في 28 إبريل عام 2010م، حول العمالة المنزلية في آسيا والشرق الأوسط بعنوان: « إصلاحات بطيئة/ حماية عاملات المنازل المهاجرات في آسيا والشرق الأوسط»، و يشمل هذا التقرير الدول التالية: لبنان والأردن والسعودية والكويت والإمارات والبحرين وسنغافورة وماليزيا وسأتوقف في البداية عند مصطلح « عاملات المنازل المهاجرات»، فمصطلح «مهاجرات» لا ينطبق على الفئة التي يتحدث عنها التقرير، فالتقرير يتحدث عن عاملات المنازل المتعاقد معهن في بلادهن للعمل لفترة مؤقتة في الغالب مدتها سنتان قابلة للتجديد حسب موافقة الطرفين: صاحب العمل، والعاملة المنزلية، وهذه الفئة لا يطلق عليها « مهاجرة « لأنّها ليست مهاجرة، فالمهاجر الذي يترك بلاده ليهاجر إلى بلد آخر على حسابه الخاص، و يقيم فيه إقامة دائمة، ولستُ أدري لماذا هذا الإصرار من منظمات الأممالمتحدة، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، وغيرها على استخدام مصطلح العمالة المهاجرة على العمالة المُستقدمة في البلاد العربية والإسلامية؟ الهدف واضح، وهو اعتبار هذه العمالة مهاجرة لإعطاء نفسها مبررات التدخل في شؤون هذه الدول بفرض عليها إصدار أنظمة وقوانين تحدث فوضى في هذه المجتمعات وتضييع حقوق مواطنيها لتمكين هذه العمالة من الثبات في الإقامة بتلك المجتمعات لسنوات طويلة، لتصبح في حكم المهاجرة، وعندئذ تلزم الحكومات بمنحها جنسيات، وبما أنَّ هذه العمالة ذات ديانات مختلفة فيصبح في مجتمعاتنا الخليجية وهي المقصودة بصورة خاصة أقليات مسيحية، وسيخية، وبوذية ومجوسية.. إلخ، وعندئذ ستتحرك المنظمات الدولية والأوروبية والأمريكية الحقوقية بإيعاز وبضغوط من الولاياتالمتحدةالأمريكية تطالب بحقوق هذه الأقليات. نعود إلى التقرير، فقد طالب بمطالب لا تنطبق على العمالة المنزلية المتعاقد معها، لأنَّه بني على أساس خاطئ، فالعمالة المهاجرة تأتي إلى البلاد المهاجرة على حسابها الخاص، وتتكفل بكل تكاليف إقامتها من سكن وطعام وملبس وعلاج، ودفع تكاليف استصدار إقامتها، بينما العمالة المستقدمة بموجب عقد عمل، صاحب العمل هو الذي يتكفل بكل هذه الأعباء المالية، فما جاء في التقرير لا ينطبق على الواقع، وفيه تعدٍ صارخ على حقوق أصحاب العمل، فهو تقرير غير متوازن، أحادي النظرة مبني على ثلاث فرضيات خاطئة، وهي أنَّ العمالة المنزلية مهاجرة، وليست مستقدمة متعاقد معها، وأنَّ أصحاب العمل ظالمون 100%، والعاملات المنزليات مظلومات 100%، من ذلك مطالبته بتحديد حد أدنى للأجور وفترات الراحة اليومية والأسبوعية، وتلقي الأجر على ساعات العمل الإضافية، والتأمين الاجتماعي، وتعويض العمال والرعاية الصحية وإجازات الوضع» معروف أنَّ عقود العمل التي تتم مع العمالة الوافدة أياً كانت طبيعة عملها، تتم بكامل رضاها، وبموافقة حكوماتها حتى نجد تلك الدول توقف الاستقدام منها لأنّّها تطالب بزيادة أجور عمالتها، إلى أن يتم الاتفاق مع الحكومات المستقدمة، فالمطالبة بإصدار أحكام لتحديد حد أدنى للأجور، لا تنطبق إطلاقاً على العمالة المستقدمة، وكذلك بالنسبة لتوفير السكن والطعام والعلاج، فالعمالة المنزلية متوفر لها كل هذا، حتى فترات الراحة اليومية والأسبوعية، والإجازات المرضية والسنوية، من قال إنَّ العاملة المنزلية إن مرضت تلزم بالعمل، ولا تعالج، فكل أسرة لديها ملف في مستوصف الحي الذي تسكن فيه، ومن ضمن أفراد الأسرة العاملة المنزلية والسائق، ويأخذ كلاهما إجازة إلى أن يتم شفاؤه، والحكومة السعودية وضعت نظاماً لتوفير التأمين للعمالة الوافدة المتعاقد معها في مختلف الأعمال، وإن كانت عقود العمل تلك تنص على توفير السكن والطعام، في الجهات المتعاقدة تلتزم بذلك، وإذ أخلت بأي شرط من شروط العقد فأبواب وزارات العمل، والجمعيات الحقوقية مفتوحة لتقبل الشكاوى، ونحن في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان نتقبل الشكاوى العمالية، حتى بعد مغادرتها البلاد، ونتواصل مع سفاراتها حتى نعيد لها حقوقها, أمَّا الإجازات السنوية فتنص عليها عقود العمل، وأحياناً العامل يفضل الاستمرار في العمل بدون إجازة، ويأخذ راتب الإجازة إضافياً، إن رغب في عدم السفر بعد مضي مدة العقد، وهي في الغالب سنتان، ويأخذ قيمة التذكرة.وهذا يتم بكامل رغبته، ولا يُجبر على ذلك. أمَّا إجازة الوضع للعاملة المنزلية، فقوانين الاستقدام عندنا لا تسمح باستقدام العاملات الحوامل، ويعمل لها تحليل الحمل عند دخولها المملكة، وإن ثبت حملها تعاد إلى بلدها. أمَّا العاملات المنزليات المقيمات (غير المستقدمات )، فيحصلن على إجازة وضع. أمَّا الحالة التي ذكرها التقرير بأنَّ العاملة المنزلية لا تعطي راتب شهور لتحميلها مصاريف الاستقدام، فهذا يخالف الواقع عندنا في المملكة تماماً، فالاستقدام مع الإقامة السنوية يكلف صاحب العمل مبلغاً وقدره (11700) ريال، يتحملها هو، ولا تتحملها العاملة المنزلية، أو السائق، حتى استخراج رخصة قيادة للسائق الكفيل يتحملها، بل يتكفل بدفع تذكرة سفر العاملة المنزلية إن ارتكبت جريمة سرقة أو أية جريمة أخرى بعد انتهاء محكوميتها، فكيف يلغي التقرير حقوق صاحب العمل، ويطالب بنقل كفالة العاملة المنزلية لمن تريد بدون علمه، ويسمح لها بالسفر دون علمه، فمن يحفظ حقه ؟ ثمَّ نجد التقرير يطالب بحق العمالة المنزلية المهاجرة بالخروج من المنزل يوم العطلة وقتما تشاء بدون رقابة، ومن قال إنَّ العمالة المهاجرة لا يتحقق لها هذا ؟ فنحن يوجد لدينا في المملكة من الأخوات المهاجرات الأفريقيات يعملن في خدمة البيوت، فهؤلاء أغلبهن لا يقمن إقامة دائمة في البيوت، فهن يأتين في الصبح، وينصرفن إلى بيوتهن بعد صلاة العصر، ولهن إجازة أسبوعية هي يوم الجمعة، أمَّا العاملات المنزليات المتعاقد معهن، ويأتين من بلادهن بناء على استقدامهن لهذه الغاية، فلا نستطيع السماح لهن بالخروج بمفردهن يوم إجازتهن لأنَّه عندما سمح لهن حصلت مشاكل كبرى مثل تكوين علاقات غير شرعية. واضح أنَّ التقرير اكتفى بالاستماع إلى طرف واحد، هو العاملات المنزليات دون أن يتحقق من أقوالهن بدليل أنه بدأ بزعم باطل، وهو أنَّ صاحب العمل يخصم عليها من راتبها تكاليف استقدامها، وعندنا في المملكة لا تعطى تأشيرة خروج للعامل أياً كانت مهنته رجلاً كان أو امرأة إلاَّ بعد مخالصة يقر فيها العامل في مكتب الاستقدام أنَّه استلم كافة مستحقاته، ويوقع، ويبصم على ذلك، ويختم مكتب الاستقدام على هذه المخالصة، ولا يتم ذلك إلاَّ بدفع صاحب العمل كافة مستحقات العامل، فكيف يلزمها بدفع تكاليف الاستقدام؟؟؟؟ كما نجد التقرير يذكر أنَّ صاحب العمل إذا قرر تسفير العاملة المنزلية قبل انتهاء عقدها يسفرها على الفور دون فرصة لالتماس الانتصاف على الإساءات التي تعرضت لها أو لتسوية الأجور المستحقة التي لم تحصل عليها، وهذا خلاف الواقع، فكما ذكرت أنَّ النظام في السعودية لا يسمح بسفر أي عامل إلاَّ بعد استلامه كامل مستحقاته. كما نجد التقرير تجاهل نظام مكافحة الاتجار بالبشر الذي أقره مجلس الوزراء السعودي بتاريخ21 /7/1430ه بالموافقة على نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص، والذي به عقوبات صارمة على من يرتكب هذه الجرائم تصل إلى (15) سنة، أو غرامة مالية لا تزيد على مليون ريال. الأجدر بمنظمة هيومن رايتس ووتش أن تعد تقارير عن وضع العمالة المكسيكية في بلادها، وتطالب بحقوقها، بدلاً من أن تعد تقاريرها عن البلاد العربية والإسلامية طبقاً لأجندة بلادها السياسية بعيدة عن الحيدة والموضوعية والمصداقية.