ليس ثمة من يمكن أن يرفض مبدأ المفاوضات كآلية لحل الخلافات بين الأطراف المتنازعة على أساس الافتراض بأنه إذا كان من الممكن التوصل إلى حلول عادلة وشاملة للقضايا الخلافية فلا داع للجوء إلى القوة لتحقيق هذا الهدف ، لكن المتتبع لمسيرة 17 عامًا من المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية سيتوصل إلى النتيجة بأن الطرف الإسرائيلي استخدم المفاوضات طيلة تلك الفترة كغطاء لتنفيذ مخططاته الشريرة في الاستيطان والحصار والتهويد والترانسفير ، لا سيما في ظل الحقيقة أنه كان من المؤمل أن تؤدي المفاوضات في مرحلتها الأولى التي أدت إلى توقيع اتفاقيتي أوسلو أن تتوج بإعلان قيام الدولة الفلسطينية عام 1999 ، وهو ما لم يتحقق حتى الآن ، حيث أن إسرائيل ظلت تتبع أسلوب المراوغة والمماطلة والتهرب من استحقاقات السلام وفق المرجعيات الأساس بما في ذلك مبادرة السلام العربية وخريطة الطريق والرؤية الأمريكية الخاصة بحل الدولتين ، ضاربة بعرض الحائط كافة القرارات والتوصيات الدولية المعنية . من هذا المنطلق فإن العرب الذين أعطوا خيار السلام والمفاوضات الفرصة تلو الأخرى أصبحوا في حاجة ماسة الآن للحصول على ضمانات أمريكية - باعتبار واشنطن الراعي الأساس لعملية السلام - تؤكد على أن استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين سيؤدي في غضون عامين إلى قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب يونيو 1967 ، بما في ذلك القدس العربية ، العاصمة المرتقبة لتلك الدولة . استباق وزيرة الخارجية الأمريكية لاجتماع لجنة مبادرة السلام العربية بإعلانها أمس الأول بأن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين ستبدأ الأسبوع المقبل ودعوتها الدول العربية بذل المزيد من الجهود لإحراز تقدم في العملية السلمية يبدو مستغربًا ، لأن استئناف المفاوضات يظل رهناً بالقرار الذي سيتخذه الوزراء العرب اليوم ، ولأن المسؤول عن عرقلة عملية السلام هو إسرائيل وحدها ، من خلال مواصلة انتهاكاتها للاتفاقيات والقرارات الدولية وأسس عملية السلام بما في ذلك القرارين 242 و338 الصادران عن الأممالمتحدة ومبدأ الأرض مقابل السلام ، بما يعني أن واشنطن لا تزال بعيدة كل البعد عن القيام بدورها المأمول كوسيط نزيه في عملية السلام.