قد يكفي عنوان هذه الأسطر للدلالة على المضمون، وقد يكون من البدهي الحديث عن لغة القرآن الكريم وما آل إليه حال أكتر المتحدثين بها من ضعف ووهن يستحق الشفقة والتباكي عليهم لا عليها، ولعل أي متابع للكثيرين ممن يقف أمام الجماهير خطيبا أو محاضرا أو مداخلا سواء في الملتقيات المباشرة أو عبر وسائل الإعلام الإذاعية والفضائية سيجد مقدار التردي الذي يقع فيه هؤلاء، ليس في أعمق قواعدها ونحوها وصرفها ولكن في أبسط مبادئها، فلقد أصبح الفاعل منصوبا والمفعول مرفوعا، والثاء سينا والضاد ظاء والذال زايا وغير ذلك من الأمثلة التي تؤكد تفشي هذه الظاهرة وعلى كافة المستويات. وقد يتفاءل بعض الغيورين على لغة القرآن الكريم فيبشر بعدم الخوف عليها لأن الله سيحفظها طالما أنه اختارها لكتابه العزيز، وأنه لا ضير من صور الضعف التي نسمع عنها أو نسمعها بل ونمارسها نحن في كثير من المواقف، وقد يكون مع هؤلاء بعض الحق ولكن ليس بصورة مطلقة، فعلى الساحة الإقليمية وعلى مستويات عديدة نجد كثرة من يصيب اللغة العربية في مقتل كما يقال، خاصة إن كان من أصحاب الجاه والسلطان، وربما من حملة الشهادات العليا وليس بعيدا أن يكون من أهل التخصص العلمي وهذه هي المصيبة الكبرى. ولو أردنا مقارنة الكيف والكم الهائل من الجهود التي تبذل لنشر وتعليم اللغة الانكليزية مثلا- سنجد البون شاسعا واسعا أمام ما يبذل من جهد لتعلم ونشر لغة القرآن الكريم، والعجيب أن الذين يخدمون لغة الخواجات ليسوا أهلها غالبا، بل هم من أبناء جلدتنا، وبحجج مختلفة وتحت مظلات عديدة، فمن مراكز تدريب متطورة تتوفر فيها كل أحدث التقنيات المعاصرة وأساتذة مهرة متميزون، أو بصفة حكومية ورسمية رغبة في الارتقاء بمستوى أبنائنا وبناتنا التعليمي والعلمي، بحجة أن اللغة الأجنبية هي لغة العلم والحضارة، وأنها مفتاح التقدم والرقي المعاصر، في الوقت الذي لا تجد فيه لغة القرآن الكريم ما يعادل تلك الجهود ولا توفير الإمكانات والاهتمامات والتقدير!. ومن الملاحظ والمشاهد أن كثيرا من شباب المرحلة الثانوية أصبح يردد عبارات تشير بكل وضوح وصراحة عدم أهمية لغة القرآن لغتهم الأم بالنسبة لهم حاضر ومستقبلا، وأخشى أن تكون قناعتهم قد وصلت بهم إلى هذا الاعتقاد العميق خاصة وأن السنة التحضيرية في جامعاتنا باتت تركز وبكل قوة على اللغة الانجليزية، بل وأعلنت وزارة التربية -كما نشر في الصحف المحلية- أنها بصدد تعميم اللغة الانجليزية على القسم العلمي بالمرحلة الثانوية منذ العام القادم ، وهذا قد يكون من عوامل شرعنة الاعتقاد بأهمية اللغة الأجنبية على اللغة الأم لغة القرآن الكريم ، وبالتالي فسيأتي اليوم الذي ستتحول إلى مادة اختيارية لا وزن لها في المعدل التراكمي لطلاب المرحلة الثانوية..!!. [email protected]