قصص العراقيين وتحديدًا المهمشين الذين يقضون معظم أوقاتهم يتجولون على أرصفة وسط عمان كثيرة ولا حدود لها وتنطوي على الكثير من المفارقات رغم أن مطالبهم بسيطة ومباشرة، وفي التقرير التالي تعرض“المدينة” حصيلة جولة لها في المكان العراقي وسط عمان حيث طلبت من بعض العراقيين التحدث كما يحلو لهم عن أنفسهم: المواطن العراقي علاء طالب (23سنة) يعمل في مطعم بالساحة الهاشمية ويقول: أنا أقيم في الأردن منذ سنتين على الأقل، وسبب مجيئي إلى عمان هو صعوبة العيش في العراق بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية هناك حيث كنت أعمل عامل بناء في بغداد. وأكد طالب أن الوقت المحدد لأي عراقي في الأردن هو ثلاثة أشهر فقط حيث بعد انتهاء الأيام المحددة لإقامتي في الأردن أقوم بالسفر إلى أي دولة مجاورة (مثل سورية) لأصل الحدود وأقوم بختم جواز السفر ثم أعود إلى الأردن مرة أخرى، وهكذا كل ثلاثة أشهر وإذا مضت المدة المحددة لأي عراقي في الأردن يقوم بدفع غرامة دينار ونصف الدينار أردني عن كل يوم مخالف. ولا يشعر علاء بالارتياح في الأردن؛ لأن دخله الشهري لا يكفيه ولأنه مطارد من قِبل شرطة الوافدين بعد أن دخل كسائح ولا يملك تصريح عمل ويضطر إلى العمل متخفيًا. وقال ظافر تحسين القيسي (33 سنة) ومهند ماجد (39سنة): إنهما يقيمان بعمان وعاشا أكثر من ثلاث سنوات في الأردن ويعملان في المبيعات في شركة تسويق مباشر. وقالا: إن وضعهما الأمني في الأردن غير مستقر وإنهما غير مرتاحين نهائيًا من حيث الإقامة والمعاناة. وقال مهند: أما من حيث الإقامة فبالنسبة للعراقي بالذات الإقامة غير مفتوحة في الأردن بعكس السوريين، واللبنانيين وغيرهم من الأشقاء العرب، وعند قضائنا المدة المحددة في الأردن وهي 90 يومًا تقوم شرطة الوافدين الأردنية بملاحقتنا وتغريمنا دينارًا ونصفًا عن كل يوم زائد وعند الإمساك بنا يقومون بتسفيرنا إلى العراق ويختم على جوازنا عدم العودة إلى الأردن. وعند دخولنا إلى الأردن لا يمنح لنا تصريح للعمل حيث إن الحكومة الأردنية تنظر إلى جميع العراقيين بأنهم مستثمرون فقط. وقال ظافر: إن خروجه من العراق كان عاديًا جدًّا، أما على الحدود الأردنية فواجه بعض المتاعب للدخول إلى الأردن ولقد رفضت الحدود الأردنية دخول شقيقه ثلاث مرات متتالية إلى الأردن. ولا يخفي الشابان تأييدهما للنظام السابق في بلديهما؛ لأنه كان نظامًا مقتدرًا، ويتكفل بالأمن العام خلافًا للوضع الحالي مع أنهما يعتبران أن صدام كان ينبغي أن يركز بعد انتهاء الحرب مع إيران على إعادة الإعمار وليس الدخول في حرب جديدة. وخلال جولة“المدينة” في وسط البلد عمان صادفت بمحمد زكي إبراهيم (29 سنة) وهو مواطن فلسطيني بوثيقة عراقية وعائلته بالعراق حيث أتى إلى الأردن بعد سقوط بغداد ولم يستطع العودة إلى بغداد لرؤية أهله هناك، وذلك بسبب الوثيقة العراقية، ولا تستطيع العائلة أيضًا القدوم إلى الأردن بسبب هذه الوثيقة. وقال محمد زكي: لم أستطع إخراج جواز سفر أردني في عمان وذلك لتعاسة الإجراءات في الأردن، ولي أخ يعيش في سورية، ويملك نفس الوثيقة ولا يستطيع الحضور إلى الأردن أو الرجوع إلى بلده العراق، ويوجد أخ ثالث بالعراق في منطقة الدورة لا أستطيع جلبه إلى الأردن للعلاج حيث أصيب من قِبل المقاومة العراقية عن طريق الخطأ بطلقة في كتفه وأصيب بشلل نصفي وذلك لصعوبة الإجراءات على الحدود الأردنية. ويقول محمد: إن المعيشة في الأردن صعبة جدًّا من ناحية الاستقرار؛ لأننا ملاحقون من قِبل شرطة الوافدين وأنا لا أملك سوى ورقة من المكرمة الملكية التي أتيت بها من العراق ولا أملك حتى إثباتًا شخصيًا فإذا أمسك بي من قِبل البحث الجنائي أو شرطة الوافدين فسوف تتم إهانتي قبل معرفة شخصيتي. وزارت“المدينة” حي المحطة الأشهر من حيث كثافة العراقيين فيه وسط عمان، والتقت بالمواطنة العراقية فضيلة محمد خميس (40 سنة)، التي قالت: أعيش لوحدي في عمان منذ 13 شهرًا أبيع الدخان في المحطة وكل ثلاثة أشهر أذهب إلى العراق وأحضر الدخان معي إلى عمان. وقالت سنية عليوة راضي (56 سنة) وهي تبيع السجائر أيضًا: أنا مرتاحة في بيع الدخان؛ لأنني أجني منه بعض المال.