•بعض رسائل القراء تفتح أمامي آفاقاً لا يمكن تجاهلها ، وهذه رسالة بعث بها أحدهم تعقيباً على الخبر الذي انفردت به هذه الصحيفة قبل أيام ، في عثور الجهات المختصة على مبلغ (40) مليون ريال ، كانت مخبأة في سرداب سريّ داخل منزل أحد كتّاب العدل الأربعة المتورطين في قضية تزوير صك لأرض تبلغ قيمتها (600) مليون ريال فقط لا غير ! .. يقول القارئ الظريف: «أرجوكم، لا تظلموا الرجل.. فأكبر الظن أنه لم يكن يهدف لإخفاء الأموال تحت البلاطة كما تعتقدون.. بل أراد بوصفه (كاتب عدل شرعيّ) حماية أمواله (الحلال) من (الاختلاط) غير العارض بأموال البنوك المشكوك في أمرها.. لذا قام بوضعها في سرداب آمن داخل منزله، طمعاً في حلول البركة وزيادة الغلّة!. • لاشك أن أوجه الفساد وأشكاله تتعدد بتعدد ممارسيه وأرطبوناته.. غير أن الوجه الأبرز والأكثر حضوراً على مستوى عالمنا الثالث يتمثل في تسنم (الأسوأ) للمنصب المُهم.. و كنت قد أشرت في مقالٍ سابق إلى حكايةٍ جرت فصولها في إحدى الدول الشيوعية -سابقاً- حين تم اكتشاف أمر صِلة مسئول كبير في تلك الدولة ؛ بالمخابرات الأمريكية ،التي طلبت منه طلباً واحداً فقط ، هو انه كلما شغر منصبٌ مهم ، فعليه أن يختار أسوأ المرشحين إمكانية، وأقلهم أمانةً وصلاحيةً للعمل.. وهكذا ظل ذلك المسؤول يختار الأسوأ عشرين عاماً، حتى ملأ بهم كل المناصب المهمة وغير المهمة، محققاً طلب المخابرات الأمريكية، في نخر عظام تلك الدولة من الداخل بسرية وهدوء، وهو ما أدى إلى سقوطها فيما بعد. • الفساد شرٌ لم تسلم منه حتى المجتمعات المتقدمة.. ومن السذاجة الاعتقاد أنه يمكن القضاء عليه نهائياً ، فغاية ما تسعى له الحكومات هو كبح جماحه؛ والتقليل من انتشاره ، من خلال أجهزة وأدوات الرقابة التي تهدف لاحتواء ذلك الأخطبوط ومحاصرة أذرعته التي لا تنمو إلا في الأركان المظلمة .. ولا شك أن التساقط المتتالي للمفسدين في أرضنا، والذي بتنا نشهده علانيةً في صحفنا، يأتي كنتيجة طبيعية للسياسة التي ينتهجها الملك الصالح عبد الله بن عبد العزيز، الذي أفزعت همته و إرادته خفافيش تلك العقود الموقعة بالحبر السري .. حين أرسى بقراره التاريخي مبدأ المساءلة لكل موظف أياً كان موقعه؛ ومهما علا شأنه.. فلا أحد فوق المساءلة في عصر عبد الله بن عبد العزيز. • ثمة مثل في موروثنا الشعبي مفاده: «إذا حلقوا رأس ولد عمك فاكشف رأسك» والمعنى واضح، فما جرى لشبيهك سيجري عليك حتماً.. لذا أتوجه لكل من على رأسه (بطحا) أو في بطنه (لحمة نية) بالقول: «اكشفوا عن رؤوسكم.. فالموسي مقبل لا محالة.. بعد أن لفظتكم حتى سراديب الأرض». [email protected]