كشف موزعو الحديد في المملكة إلى ان الازمة التي تشهدها معظم الاسواق تتحمل جزءا كبيرا منه شركة سابك، معتبرين في بيان صدر امس تلقت “المدينة” نسخة منه أن أسعار المواد الخام الداخلة في إنتاج حديد التسليح (خام الحديد، خردة الحديد، وكتل الحديد الصلب) بدأت بالارتفاع من بداية شهر فبراير 2010م، وان رفع سابك التي تمتلك 50 في المائة من حصة السوق لم يكن كافيا، وأن إبقاء سابك على أسعار بيعها أقل من مستويات الأسعار العالمية أخلّ بالقوانين الأساسية التي تحكم الاقتصاد الحر والأسواق الحرة، مما أدى إلى خلق فجوة سعرية قاربت 800 ريال، بين اسعارها والمنتجات المحلية الاخرى. وأكّد «فوزان محمد الفوزان – من شركة الفوزان لمواد البناء» بأن الطاقات الإنتاجية التصميمية للمصانع المحلية لمنتج حديد التسليح تبلغ 7.25 مليون طن للعام الحالي 2010م، وأن حجم الاستهلاك المتوقع لهذا العام سيكون بحدود 6.25 مليون طن. وأضاف أن الطاقات الإنتاجية الفعلية لا تقل عن 85 في المائة من الطاقات التصميمية، وهذا يعني بأن الإنتاج الفعلي يعادل حاجة السوق بالحد الأدنى، وأفاد بأن ما أطلق عليه «أزمة الحديد» تبدو في ظاهرها نقصاً في الحديد بينما هي عكس ذلك. مشيرا إلى أن غالبية من أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع جانبوا الحقيقة في أغلبها بسبب عدم إدراكهم لأبعاد المشكلة، وبسبب العديد من تفاصيلها التي تصل حد التعقيد أحياناً ويستعصي فهمها حتى على المتمرسين في عالم الحديد. *50% من حجم السوق من جهته اوضح «علي الدحيم الشتوي – “ الراجحي للصناعة والتجارة» أن شركة سابك تنتج 3.2 مليون طن من حديد التسليح سنوياً، بينما تنتج بقية المصانع الأخرى 4.05 مليون طن سنوياً . وأكد أن حديد سابك يغطي حاجة السوق بحدود تقارب 50 في المائة من حجم الاستهلاك الكلي، بينما تقوم بقية المصانع بتغطية الباقي، وأشار إلى أن الطاقات الإنتاجية الحالية تكفي حجم الطلب، وأنها مرشحة للزيادة خلال السنوات الثلاث القادمة حيث يتوقع أن يصل حجم الإنتاج المحلي إلى 12.1 مليون طن سنوياً في عام 2013م بينما لن يزيد حجم الاستهلاك عن 8 ملايين طن في نفس العام، وبأن المملكة ستشهد فائضاً في الإنتاج سيؤدي إلى استقرار السوق أكثر بحكم شدة المنافسة التي يتوقع أن تؤدي إلى تقليص الهوامش الربحية للمصانع والتجار على حد سواء. وعلى نفس الصعيد وفيما يتعلق باسباب وارتفاع الأسعار أفاد المهندس « رائد إبراهيم المديهيم ” شركة المهيدب لمواد البناء – بأن كلمة أزمة» تعبر عن نقص في الحديد، وهذا التعبير ليس سليماً ولا دقيقاً في ظل كفاية الإنتاج المحلي. وأشار إلى إن الحديث بشفافية يقتضي التوضيح بأن سبب ما حدث ويحدث هو أن أسعار المواد الخام الداخلة في إنتاج حديد التسليح (خام الحديد، خردة الحديد، وكتل الحديد الصلب) قد بدأت بالارتفاع من بداية شهر فبراير 2010م، وتوالت ارتفاعاتها ولا زالت حتى اللحظة، وما حدث حقيقةً أن تجاوب شركة سابك جزئياً مع معدلات ارتفاع الأسعار العالمية من خلال رفع السعر «100 ريال» مع بداية شهر مارس لم يكن كافياً حتى لمقاربة الأسعار الجديدة، فبالنتيجة أبقت شركة سابك على سعر بيع حديد التسليح دون الأسعار العالمية، بينما اضطرت المصانع الأخرى لرفع أسعارها بما يتماشى مع ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وبالتالي تكلفة الإنتاج. *فجوة سعرية وكشف« المديهيم» ، أن إبقاء سابك على أسعار بيعها أقل مستويات الأسعار العالمية أخلّ بالقوانين الأساسية التي تحكم الاقتصاد الحر والأسواق الحرة، مما أدى إلى خلق فجوة سعرية قاربت 800 ريال بين أسعار منتجات حديد سابك وبين أسعار المنتجات المحلية الأخرى، وهذا الوضع لم يكن سليماً – تحت أي ظرف – لأنه أدى إلى توجيه كامل الطلب المحلي باتجاه منتجات سابك حصراً دون غيرها بسبب فرق السعر، ومن الطبيعي أن إنتاج سابك لا ولن يلبي طلبات الجميع لأنه لا يكفي سوى 50% من حجم الطلب الكلي. وأضاف إلى أن هذه الفجوة السعرية ما كان يجب أن تكون – لأي سبب كان – لأنها بدورها خلقت سوقاً سوداء وممارسات خاطئة قام بها البعض من خلال تخزين متعمّد، ومحاولات لشراء الذمم، بل دخل بعض المواطنين والمقيمين على خط إعادة المتاجرة للاستفادة من فروقات الأسعار بالسوق السوداء. وأفاد بأن الإشكالات التي حصلت جاءت نتيجة حتمية للفجوة السعرية التي يجب أن تعالج فوراً ودون تأخير.وفي الشأن نفسه، أفاد «علي صالح الدخيل – من شركة الراشد لمواد البناء – بأن قانون العرض والطلب الذي يحكم الأسواق العالمية وسوقنا المحلية تاريخياً كان دائماً هو الضامن الوحيد فقط لخلق التوازن وتحقيق العدالة لكل من المصنع، التاجر، والمواطن على حد سواء، وأن خرق هذا القانون – ولو بنية حسنة – لا بد وأن يخلق ظواهر غير طبيعية مثل ما نشهده الآن من سوق سوداء وممارسات خاطئة ستؤدي حتماً للتأثير سلباً على توازن السوق خصوصاً، وبالتالي الإضرار بالاقتصاد عموماً. * التميز بالفارق السعري وأضاف «الدخيل» بأن أسعار حديد سابك كانت دوماً هي الأعلى وتتميز بفارق سعري لا يقل عن (50 – 100 ريال) عن أية منتجات أخرى، كما وكانت شركة سابك تتصرف بموجب قانون العرض والطلب برفع أو خفض أسعارها اعتماداً على متغيرات الأسعار العالمية، وبذلك كانت تواكب المتغيرات وفق أساسيات الاقتصاد الحر، وكانت المصانع الأخرى تحذو حذوها فتتصرف بنفس الطريقة، وكان هذا الوضع يخلق دوماً توازناً تاريخياً مشهوداً في السوق السعودية، وأكد «الدخيل» بأن هذه الأزمة ما كانت لتكون لو لم يتم خرق القوانين الأساسية للأسواق الحرة وعلى رأسها قانون العرض والطلب. وحول نشوء الأزمة وتداعياتها أفاد «أحمد سويلم الشريف – من شركة الشريف لمواد البناء –» بأنه نتيجة للفجوة السعرية وضغط الطلب الكلي على منتجات سابك نفد مخزون موزعي سابك من الحديد خلال فترة قياسية، وأصبح الموزعون يواجهون ضغوطاً كبيرة من الزبائن لتلبية احتياجاتهم التي هي في جزء كبير منها لم تكن حقيقية، فالبعض أصبحوا يريدون تأمين احتياجاتهم غير الآنية بأسعار سابك الحالية لشعورهم بأنها لا بد وأن ترتفع. والبعض الأخر تعمّدوا استغلال الظرف والأزمة لشراء حديد سابك الرخيص بقصد المتاجرة به من خلال إعادة بيعه بالسوق السوداء. وأضاف « الشريف» أنه من المؤسف أن يصل الأمر ببعض المواطنين والمقيمين للتواجد على باب موزعي سابك من قبل الفجر ويصطفون في طوابير لشراء الحديد، وأنه لمن المؤسف أكثر حصول مشاكل ومشادات وصلت إلى حد التشابك بالأيدي عند العديد من منافذ بيع الموزعين. *مقترحات ويشار إلى أن جميع من حاورناهم من موزعي سابك أفادوا بأنهم كانوا على تواصل مع شركة سابك ووزارة التجارة والصناعة منذ البداية، وأنهم حذّروا مراراً وتكراراً من عدم جواز وجود هذه الفجوة السعرية الكبيرة، وأنّ الاستمرار فيها سيؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، و أنهم اوضّحوا للمسؤولين في “سابك” و”التجارة” بأن الحل الوحيد الممكن هو أن ترفع شركة سابك أسعارها تماشياً مع الأسعار العالمية التي فرضتها ارتفاعات أسعار المواد الخام، وأن على سابك أن تتماشى مع قواعد السوق الأساسية للاقتصاد الحر وقانون العرض والطلب، وأشاروا إلى أنه حتى لا يساء الفهم لا بد من التوضيح بأن طلبهم رفع أسعار سابك يعني أنهم سيشترون الحديد من سابك بأسعار أعلى مما هي عليه الآن، وأنه في كل الأحوال فإن جميع موزعي سابك ملتزمين بالبيع ضمن هامش ربحي مقطوع وثابت، وبالتالي فإن رفع السعر سيتطلب تمويل أعلى من موزعي سابك مع ثبات الهامش الربحي، وأن موزعي سابك اقترحوا ذلك مجتمعين بغرض حماية الوطن والمواطنين من المتلاعبين بالسوق السوداء ولو على حساب مصالحهم التجارية. وأجمع موزعو سابك على أن الأسعار ارتفعت في كل أسواق العالم وفي الأسواق المحيطة بحدود الأسعار العالمية الجديدة، ولكن أحداً لم يسمع ولم ير حالات مشابهة للأزمة التي تشهدها سوق المملكة. وأنه رغم ما يحدث في أسواق العالم من تذمّر واستياء من رفع الأسعار إلا أنّ أحداً لم يتدخل ليفرض سعراً معيناً للحديد متجاهلين بذلك ما تمليه استحقاقات القوانين الأساسية للأسواق الحرة لأنهم يعلمون عواقب خرق بديهيات قوانين العرض والطلب