«المسيحيون مواطنون طيبون، يحترمون القانون،، ويفعلون ما هو عادل وجيد، ولكنهم يرفضون قوانين تضمن ما هو غير صائب أو محق، وإن الشهداء المسيحيين يرفضون الظلم، والوثنية، وعبادة الأباطرة، والانحناء أمام الباطل، وعبادة الأفراد والانحناء أمام القوة التي يتمتعون بها.» تلك عبارات تضمنها خطاب رئيس الكنسية الكاثوليكية البابا بنديكت السادس عشر، في احتفال يوم خميس الأسرار، في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، واستمع اليها جمهور ضخم من المسيحيين. * * * من حيث المبدأ، فإن هذه الأخلاقيات التي عبر عنها البابا، تتطابق مع الإنجيل، وتعليمات السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، لكن نظرة الى الواقع التاريخي في سلوك وسياسات الشعوب المسيحية في أوروبا وأمريكا، في القديم بدء من الحروب الصليبية، ثم نكبة الأندلس ومحاولة إبادة المسلمين فيها، فالحروب الاستعمارية، التي احتلت بالقوة معظم ديار العرب والمسلمين، وفي الحديث الاغتصاب الصهيوني لفلسطين، ثم مجزرة المسلمين في البوسنة والهرسك، ثم غزو أفغانستان والعراق، والمحاولات الحثيثة لتمزيق وحدة السودان والصومال. * * * كل ذلك يوضح الفجوة الضخمة بين أقوال البابا وسلوك المسيحيين على مر العصور، فإذا استعدنا موقف الفاتيكان من كل هذه الحروب، والإبادة الجماعية التي تعرضت لها الأمة الإسلامية، فإنه موقف مؤسف، يمثله ما ورد في خطاب البابا سالف الذكر من دعوة للسلام والوفاق في الأرض المقدسة فلسطين، وهو موقف بالغ السلبية والضعف، لايستنكر ظلما ولايرفض ما هو غير صائب ومحق، حسب كلمات البابا، ويساوي بين الضحية والجلاد. كذلك هو موقف الفاتيكان من مجازر البوسنة والهرسك، وغزو أفغانستان والعراق، فإنه بالغ السلبية، رغم شناعة المجازر، وتدمير مقومات الحياة للشعبين الأفغاني والعراقي ومسلمي البوسنة.