الاحتساب طلب الثواب، وأصل الاحتساب بالشيء الاعتداد به، ولعله مأخوذ من الحساب أو الحسب، واحتسب بالعمل إذا قصد به مرضاة ربه، والاحتساب في الأعمال الصالحة، وعند المكروهات، هو البدار إلى طلب الأجر، وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها، وتحقيقاً لقوله تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، وعملاً بقوله تعالى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، وامتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). ومن أنواع الحسبة رفع الدعاوى بها، وقد نُظِّم هذا الأمرُ من قبل ولي الأمرِ، ولا يجوز تجاوزه، فكما نظم من قبلُ الاحتساب عبر إنشاء جهاز الحسبة وهو الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأصبحت دون غيرها مختصة بذلك، فقد نظم ما له علاقة بالدعاوى، وصدر في ذلك (ضوابط رفع دعاوى الحسبة من المواطنين على المنكرات) من مجلس الوزراء برقم خ/133/م وتاريخ 6/1/1427ه، المتضمن أن ترفع دعاوى الحسبة من المواطنين إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لدراستها، وليس إلى غيرها، للتحقيق فيها وتحقيق الصفة لرافعها، وقد جاءت المادة الخامسة من نظام المرافعات الشرعية بالنص على أن الدعوى تقبل من ثلاثة على الأقل من المواطنين في كل ما فيه مصلحة عامة إذا لم يكن في البلد جهة رسمية مسؤولة عن تلك المصلحة، وبينت اللائحة التنفيذية معنى المصلحة العامة بأنها ما يتعلق بمنفعة البلد، على أن يراعى في قبول الدعوى في المصالح العامة أن يتقدم بها ثلاثة على الأقل من المواطنين من أعيان البلد، وإذا كان بلد المحكمة يتبع في اختصاصه بلداً آخر يوجد فيه جهة رسمية لها الاختصاص فلا تسمع الدعوى إلا من جهتها، وإذا قررت الهيئة أن الموضوع لا يستحق أن ترفع بشأنه دعوى الحسبة فعليها حفظ ملف الدعوى وإفهام المدعي بذلك، وهو الوارد بالمادتين الثانية والستين والرابعة والعشرين بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية، حيث أن للمحقق إذا رأى ألا وجه للسير في الدعوى أن يوصي بحفظ الأوراق ولرئيس الدائرة التي يتبعها المحقق الأمر بحفظها، وأما إذا قررت الهيئة أن الموضوع يستحق أن ترفع بشأنه دعوى، فعليها الرفع للمقام السامي بمسوغات ذلك لأخذ التوجيه اللازم. ويراعى في دعوى الحسبة كونها تقدم دفاعاً عن حق من حقوق الله جل شأنه دون أن يطلب فيها حق خاص، وتخضع دعاوى الحسبة لكافة الإجراءات المنصوص عليها في نظام الإجراءات الجزائية، وعلى رجال الضبط الجنائي استيفاء الإجراءات والطلبات الواردة لهم من هيئة التحقيق والادعاء العام، على أن يتقدم المحتسب بدعواه مكتوبة إلى أقرب فرع لهيئة التحقيق والادعاء العام لمحل إقامة المدعى عليه وليس إلى غيره، ويؤخذ على المتقدم بدعوى الحسبة إقرار كتابي بأنه إذا لم يثبت صحة دعواه فإنه عرضة لأن ترفع عليه دعوى من صاحب الحق الخاص المحتسب عليه أو من المدعي العام إذا انطبقت بحقه ضوابط الدعوى الكيدية، ويتم إشعار رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام من رئيس فرع الهيئة بالمنطقة فور تلقي دعوى الحسبة مع إحالتها إلى المحقق المختص لفحص الدعوى والتحقق منها، وإذا رأى المحقق أن لا وجه للسير في الدعوى أو عدم كفاية الأدلة وفقا لما ورد في المادتين السابقتين من نظام الإجراءات الجزائية فيوصي بحفظ الدعوى ولرئيس الدائرة التي يتبعها المحقق الأمر بحفظها، ثم تعرض على رئيس الهيئة أو من ينيبه لتقرير ما يراه ويفهم المدعي بذلك، وإذا رأى المحقق بعد انتهاء التحقيق أن الموضوع يستحق رفع دعوى الحسبة بشأنه فيعد قراراً بذلك، وإذا اعتمد من رئيس الدائرة أو رئيس فرع الهيئة بالمنطقة فترفع الأوراق لرئيس هيئة التحقيق والادعاء العام لمراجعته القرار، فإذا تم تأييده فيرفع للمقام السامي لأخذ التوجيه الكريم بشأنه، ومن ثم رفع الدعوى لدى الجهة القضائية المختصة حسب الأنظمة، ومن خالف هذه التعليمات من ولي الأمر فوجب الاحتساب عليه. [email protected]