في كل أنحاء المعمورة وشتى وسائل الإعلام المقروء منها والالكتروني لم اسمع بحياتي عن الإعلام الأحمر، فما أعرفه بأنه يوجد الأصفر وهو أسوأ أنواع الإعلام المعروف عالميا بنقله لأبشع أنواع الفضائح والنميمة واختلاق القصص عن المشاهير من السياسيين والممثلين عامة، ولكن أن يكون إعلام أحمر، فماذا يكون؟ صرعة جديدة؟ أم توجه جديد ؟ أم ظاهرة فريدة؟ والجواب عندي.. أنه كل هذا، من أين جاء هذا المسمى ؟ فأقول: انني من ابتكرته، ومنكم من يقول لماذا؟ فأقول إنها قصة السيدة صاحبة الخمسة ملايين التي نشرت خبرها مجلة «رؤى» منذ ما يقارب الشهر ولا زالت التغطية مستمرة ، خبر في الصفحات الأولى ، من المفترض أن يكون مثيرا على غلاف العدد فحواه أن سيدة أعمال تقطن مدينة جدة، ولم تكشف المجلة عن اسمها ، عمرها 33 عاما تبحث عن عريس مقابل إعطائه خمسة ملايين ريال، ولا تبالي إن كان الزواج مسيارا ولكن على حسب شروطها، ومقاييسها، وقد نقلت المجلة عن المرأة بالخط الواضح والعريض احتياجها المثير، وطلبها بالخط الأحمر المعروف لدى العشاق والمتيمين بالليالي الحمراء، بدون وازع ولا رقيب بأنها لن تستطيع الصبر بعد الآن، فليتسابق الرجال والولدان والشباب، والشاذون ، لنجدة هذه المرأة من براثن العازة قبل أن تدخل في براثن المحظور والفسوق والتحريم ، وعندها هرع الرجال والشباب ومن يسمون أنفسهم بشهداء الواجب لنجدة هذه المرأة، والتكالب على هذا المبلغ المهيب، ضاربين عرض الحائط بالمبادئ والقيم، والكرامة، واحترام الذات ، وشيم هذا المجتمع الذي «كان» وأقول «كان» ، يعطي الرجل الوصاية بحكم إنفاقه على نسائه كما أوصانا القرآن وسنها الرحمن، كشرط من شروط التفضيل ، فأين نحن من هذا، فبجرة قلم من مجلة، أضيئت لنا الطرقات وسطعت الكشافات على حال معظم الرجال في هذا الزمان، فسنترال المجلة كاد أن يعلن الانتحار من كثرة ما انهال عليه من مكالمات من كل حدب وصوب ومن مختلف الأعمار وكل الطبقات، وحتى بتوصية من الزوجات بالحث على الاقتران بصاحبة المال ، غير عابئين بالقيم والشيم والأمثال، وحتى بكلمات القرآن وفقه نبينا خير البرية والأحرار. قد وجدت هذه المجلة مصطلحا جديدا سميته بالإعلام الأحمر، يبشر بولادة جديدة لنوع جديد من تجارة الرق، والعنف النسائي ، وإن كان مغلفا بطبقات من الحلل البراقة، واللون الأرجواني ، لتنشأ مدرسة جديدة لم يسبقها إليها حتى المجلات الغربية، فاصطنعت لها لونا عالميا وطابعا محليا للإثارة ، مبطنا لتوصيل المرأة للانحدار وبجدارة، إلى أسفل أودية السفاهة والقذارة ، أفبعد هذا نسأل عن المسؤول عن هذه الجريمة ، عن هذه الخطيئة ، وعن هذه الفضيحة، من المسؤول عن نشرها؟ ومن أخطأ بحق المرأة المسلمة العربية الأبية؟ ومن فضح ستر إناثنا ليتاجر بهن كالرقيق؟ وينثر الرماد ويغشي البصيرة؟ لأرقى وأسمى معنى للأنثى التي خط التاريخ على مر الزمان بصماتها، من شجاعة وإقدام واحترام وأمومة. وهنا أستشهد بكلمة الملك عبدالعزيز رحمه الله «أنا اخو نورة» ، فأين هذه المجلة من هذا الكيان؟ أبفعلها فكرت أن تصبح من أشهر المجلات وتزيد من مبيعاتها على حساب شرف المرأة السعودية وكرامتها؟ لتسلط الضوء على انهزام الرجل في بيئتنا ، وتسلب منا احترام الذات، وتضعنا للإيجار والبيع على حسب أهواء ناشريها، والمسؤولين عنها، ألم يقرأوا عن المرأة الخمسينية التي كانت تعرض مسح السيارات مقابل عشرة ريالات أمام أشهر مركز تجاري بالرياض، بهدف إطعام أطفالها، أم أصبحت قلوبهم ميتة وغلب اللون الأحمر على طباعهم الإنسانية، كم يوجد من الأمهات يشتغلن لإطعام أطفالهن، ولم تسلط الأضواء عليهن ولم نكتب سيرهن لأننا أصبحنا في زمن الإعلام الأحمر ، الذي يمجد الإثارة، ويثير أقبح أنواع القضايا الاجتماعية ، وينسى الأجساد والأرواح المتفانية لتنشئ أجيالا ضائعة بين الفقر والعوز، والانسياق وراء ما تقتضيه الأحوال الآنية، من رق وتشريد، واشتعال ثورة داخلية على المجتمع والإعلام والمسؤول عن ضياعهم ، في مهب ريح عاتية أعطت أولويات للانحلال والنزول من قمم جبالنا الشامخة إلى منحدرات مجهولة الطريق والهوية، وماتت القلوب والضمائر عند بعض أصحاب القرار في الإعلام عن ما سميته الإعلام الأحمر. فالقرار مازال بيدنا يا معالي وزير الإعلام لنغير صفحتنا وألواننا لتصبح ناصعة البياض فهذا هو لوننا، وهذا هو لون إسلامنا أبيض نقي لامع، يجول الآفاق ويطير بجناحين كحمامة سلام بيضاء اللون، هدفها توصيل الرسالة وأداء الأمانة لمن يريد أن يأتيه اليقين بهدوء وسلامة. همسة الأسبوع عن عبدالله بن مسعود قال: منهومان لا يشبعان : صاحب العلم وصاحب الدنيا ولا يستويان، فصاحب العلم يزداد رضا الرحمن، وأما صاحب الدنيا فيتمادى بالطغيان. *كاتبة سعودية للتواصل مع الكاتبة [email protected][email protected] basmasaoud.blogspot.com