كشف الدكتور عدنان عباس عدس مدير إدارة المنطقة التاريخية بأمانة جدة عن توقيع وزارة الشؤون البلدية والقروية عقدًا مع شركة مطورة للمنطقة، مبينًا أنه يمكن للمالك أن يختار أحد البدائل المعروضة وهي الشراكة أو الحصول على إيجار سنوي “عقد إفادة”، حيث تقوم الشركة بترميم المبنى وتشغيله ضمن منظومة معينة داخل المنطقة، لافتًا إلى أن المباني تؤجر حاليًا من 30 إلى 50 ألف ريال سنويًا، وسيكون الإيجار عن طريق الشركة أعلى من ذلك وسيرتفع كل ما بدأت المنطقة تظهر بشكل أفضل. وأكد أنه في حالة رفض بعض ملاك المباني الأثرية بالمنطقة التاريخية توقيع عقود مع الشركة المطورة سيتم الاستحواذ على المباني وفق لائحة المناطق التاريخية التي تمت الموافقة عليها من المقام السامي، مشيرًا إلى أن هناك حلاً لمشكلة بعض المباني التي يكون وراءها العشرات أو المئات من الورثة بما يبقيها رهينة لمشاكل الورثة، وبين أن هناك آليات للحيلولة دون تعطيل هذه المباني حيث سيتم الاستحواذ عليها وترميمها وتشغيلها وفتح حسابات يتم إيداع الإيجارات فيها. أسباب تردي أوضاع المنطقة وتحدث د. عدس عن أسباب تردي وضع المنطقة التاريخية قائلًا : جميع مراكز المدن التاريخية تصيبها حالة من الانحطاط نظرًا لعدة عوامل من أهمها عدم إدراك السكان المحليين لقيمة هذا التراث الذي يعتبر من الجواهر الثمينة، ومن الممكن أن تدر دخلاً كبيرًا إذا وظفت بصورة تنمي السياحة، وكلنا نعرف أن جدة هي مدينة ساحلية يتوفر بها الكثير من عناصر الجذب، ويثبت ذلك زيادة أعداد كبيرة من السياح لها خلال العطل سواء من داخل أو خارج المملكة. وأضاف: بادرت الحكومة قبل 40 عامًا بوضع مخطط لجدة التاريخية، ولكن للأسف آليات تنفيذ هذا المخطط لم تضع نصب أعين المسؤولين بالطريقة الملائمة حتى يتم توفير الميزانيات اللازمة، رغم أن الدولة صرفت 200 مليون على إنارة شوارع المنطقة وأوجدت إدارة وحاولت مساعدة الملاك بإيجاد قروض لترميم هذه المباني، لكن التنمية من خلال قروض الترميم يلزم لها ملاك واعون ومتفهمون، لافتًا إلى أن هناك أيضًا مسؤولية على الجهات الحكومية التي لم تقم بزيادة وعي هؤلاء الملاك بضرورة القيام بأعمال الترميم بشكل احترافي وأيضًا بتوفير السبل والآليات بمنح الملاك قروضًا لصيانة وإصلاح المباني. وزاد: وفي ظل عدم توفر ذلك اتجه الملاك إلى استخدام هذه المباني للحصول على دخل بطريقة جائرة ولكنه لم يكن كافيًا، وقد قامت الأمانة قبل حوالى 15 سنة بالسماح بإزالة الرواشين أو النوافذ في الطابق الأرضي لغرض فتح الدكاكين في محاولة لإيجاد دخل للملاك وحتى لا تتأثر هذه البيوت، ويستخدم الدخل في ترميمها وصيانتها ولكن هذا لم ينجح، وها نحن الآن نرى ماذا أصبحت عليه المنطقة التاريخية وهي تعاني الكثير من المشاكل فتجد البنى التحتية متهالكة. الصيانة مفقودة وحمل عدس بعض الجهات الخاصة جزءًا من مسؤولية ما حدث للمنطقة التاريخية مضيفًا: وهناك جهات مسؤولة يجب أن نتساءل: لماذا لم تقم بدورها مثل شركات الكهرباء والهاتف والمياه والصرف الصحي، بالصيانة وإصلاح الشبكات ورفع كفاءتها؟ فلو تكلمنا عن الصرف الصحي والمياه فهناك طفوحات متكررة وأغطية الصرف صدئة مع غياب صيانة الشبكة، ولا يختلف الحال بالنسبة لشبكة الهاتف، فالتمديدات العشوائية تغلب على المنطقة والأسلاك تكاد تحجب ضوء الشمس من كثرتها وتغطي واجهات المباني، وأيضًا الكهرباء حيث نرى كابلات الضغط العالي مكشوفة في شوارع المنطقة. وقال إن اللجنة العليا لتطوير المنطقة التاريخية تعتزم الرفع للجنة التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة، لعمل اللازم في ضوء توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، بحيث تقوم جميع الجهات بالصيانة المطلوبة، على أن تتم محاسبة الجهة المقصرة. عدم توفر القروض واستطرد متحدثًا عن أسباب تردي الوضع في المنطقة قائلًا : وهناك عوامل أخرى أدت إلى ما نراه حاليًا في المنطقة، وهو عدم توفر القروض للقيام بأعمال الترميم، والدولة حاولت في السابق ولكن كما نعلم هذه أملاك خاصة والمال العام لا يصرف على الأملاك الخاصة، وشهدنا أن خادم الحرمين الشريفين أصدر قبل عامين أمرًا لبنك التسليف والادخار بتوفير قروض مجزية للمباني التاريخية على مستوى المملكة، بشرط أن يتم دراسة كل مشروع بحيث يطور المالك مشروعًا معينًا لإعادة استخدام المبنى أو المنشأة بطريقة سياحية جذابة ويتم الرفع للهيئة العامة للسياحة واعتماده، ومن ثم الموافقة عليه ومخاطبة البنك لإعطاء القروض اللازمة لهذه المشاريع. مخطط جديد للتطوير وعن التحركات التي سبقت الحرائق المتكررة في المنطقة قال: نحن بدأنا من قبل الحريق الأخير وهناك مخطط عام عُمل من قِبل جامعة الملك عبدالعزيز وبنى عليه من قبل المطوّر، وهناك مخطط آخر سيتم تسليمه بعد حوالى أسبوعين وهو من متطلبات تسجيل جدة كمنطقة تراث عالمي، وهذا الملف أعدته هيئة السياحة والآثار بالمشاركة مع أمانة محافظة جدة وتم تسليمه لمنظمة اليونسكو، وسيتم أخذ قرار بذلك خلال سنة، كما تم إعداد دليل فني للترميم متاح عن طريق صفحة في الشبكة العنكبوتية وبإمكان أي مهندس متخصص الحصول على نسخة مجانية من موقع الأمانة، ونحن كإدارة للتاريخية مجندون لخدمة أي مالك يريد استشارة هندسية، أو مساعدة فنية متعلقة بالحي التاريخي ونقدمها له مجانًا ونساعده أيضًا في الحصول على القروض. البداية ب 44 مبنى وأضاف عدس: بأن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لديها عدد كبير من المباني في المنطقة، وهناك عضو منها في اللجنة العليا للتطوير، وهناك مخاطبات مع الوزارة لترميم هذه المباني، وسيبدأ المشروع بشكل مرحلي حيث تقوم الشركة بتطوير نواة أولى في حارة الشام المطلة على ميدان البيعة بحيث يتم إعادة تأهيل 44 مبنى بعد ترميمها بشكل سياحي جميل، وسيكون بعضها فراغات مكتبية والأخرى فراغات تجارية كمقاه ومطاعم تقدم المأكولات التراثية والمأكولات العالمية، وسيكون هناك أيضًا متاجر تبيع بعض التحف والحرف والمشغولات اليدوية، إضافة إلى نزل تاريخية مثل الفنادق والشقق المفروشة لراغبي الشعور بالإحساس التاريخي، ومنتديات ثقافية وساحات للألعاب والفنون الشعبية وأخرى للتشكيليين بحيث نعيد الحياة الطبيعية للمنطقة ونوفر فرص عمل للسعوديين. ونحن نستهدف المواطن العادي الذي نريد جذبه وأن يتمتع بهذه البيئة.