حذر الدكتور محمد أحمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية من أن ضم إسرائيل الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح لقائمة التراث اليهودي مقدمة لضم المسجد الأقصى المبارك ينذر بحرب دينية وشيكة في المنطقة،خاصة وأن إسرائيل تسعى بقوة لتحويل دفة الصراع مع العرب والمسلمين إلى صراع ديني وإيديولوجي بدلاً من الصراع السياسي القائم، وحذر أيضاً من أن إسرائيل تنفذ مخططاً شيطانياً لتهويد الأرض الفلسطينية بالكامل 0 وطالب مفتي القدس في حواره مع"الرسالة" العالم العربي والإسلامي بعدم التراخي في اتخاذ مواقف عربية وإسلامية رسمية خلال هذه الأيام لمواجهة الصلف الصهيوني، وقال أن استمرار الصمت تجاه ما يحدث يمهد الطريق للنيل من حرمة المسجد الأقصى ومكانته ،داعياً إلى ضرورة انتفاض المسلمين في كل مكان لإنقاذ مقدساتهم،لأن الهجمة الحالية تتطلَّب عمقًا عربيًّا وإسلاميًّا مساندًا للانتفاضة الفلسطينية المتفجرة في الخليل والقدس. وأوضح أن الخلافات والصراعات الفلسطينية الداخلية لا تصب في النهاية إلا في مصلحة المحتل الصهيوني، وتكريس الاحتلال وإضعاف الموقف الفلسطيني وبالتالي إضعاف الموقف العربي والإسلامي، مؤكداً أن المقاومة المسلحة أصبحت معطلة وبلا أنياب حقيقية في الشارع الفلسطيني،لعدم وجود التكافؤ المسلح من ناحية، وظهور نوع آخر من المقاومة هي المقاومة السلمية التي تجري الآن في كثير من الأراضي الفلسطينية،مطالباً العرب والمسلمون بضرورة العمل على إيجاد آلية للإنفاق على المواقع الدينية الإسلامية في فلسطين بعد أن أثبتت الآليات السابقة فشلها الذريع، وفيما يلي تفاصيل الحوار ماذا عن الحرب الإسرائيلية على المقدسات في الآونة الأخيرة والتي تمثلت ذروتها في افتتاح كنيس الخراب وسبقها القرار الإسرائيلي بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح لقائمة التراث اليهودي؟ الاحتلال كرس جهوده كاملة لسلب المعالم الإسلامية في القدس والخليل والمدن الفلسطينية كافة، بهدف تغيير الوجه الإسلامي العربي للمدن الفلسطينية، وإثبات يهودية البلاد،وكنيس الخراب والتهويد الإسرائيلي للحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح، مصادرة للأماكن الدينية وفرض أمر واقع على الأرض، والحرب في هذه الأيام ليست حرب مدافع أو صواريخ بل هي حرب دينية وحرب معتقدات وتزييف للتراث والتاريخ الإسلامي،وإن ما يحدث الآن على الأرض أن إسرائيل تنفذ مخططاً شيطانياً لتهويد الأرض الفلسطينية بالكامل، وهذا واضح للعيان فحينما تكون مثل هذه الآثار وهذه المساجد وهذه الحضارة عرضة لمثل هذه القرارات الابتزازية وقرارات المصادرة الإسرائيلية فإنما يدل ذلك على أن الإسرائيليين لا يملكون أصلاً حضارة في هذه البلاد، إنما يحاولون تزوير الحضارة القائمة ويسخروا هذا التزوير لخدمة أهدافهم التوسعية والاستيطانية، وبالتالي فإن قرار ضم الحرم الإبراهيمي إلى قائمة التراث اليهودي قرار خطير ينذر بمحاولات إسرائيل دفع المنطقة إلى حافة حرب دينية خطيرة، وتتحمل السلطات الإسرائيلية كافة التداعيات لمثل هذه القرارات الخطيرة، وعلى العالمين العربي والإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ومنظمة اليونسكو والمؤسسات الدولية التي تعنى بالتراث، التحرك العاجل لحماية المقدسات الدينية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. الأقصى الحجر القادم هل تعول كثيراً على الدور العربي والإسلامي في التحرك لنصرة الأقصى والمقدسات الإسلامية خاصة في ظل الظروف الحالية؟ نحن نحذر العالم العربي والإسلامي من مغبة التراخي في اتخاذ مواقف عربية وإسلامية رسمية خلال هذه الأيام لمواجهة الصلف الصهيوني، ومن استمرار الصمت تجاه ما يحدث لأنه يمثل ضوءاً أخضر للنيل من حرمة المسجد الأقصى ومكانته استغلالاً لهذا الصمت الإسلامي المطبق، لذلك فإنه يجب أن ينتفض المسلمون في كل مكان لإنقاذ مقدساتهم، لأن الهجمة الحالية تتطلَّب عمقًا عربيًّا وإسلاميًّا مساندًا للانتفاضة الفلسطينية المتفجرة في الخليل والقدس، ويجب أن يكون هناك تحركٌ رسميٌّ لدى مجلس الأمن والأمم المتحدة لإنقاذ الموقف، وعلى الجميع أن يعلموا أن ما حدث من ضم للحرم الإبراهيمي يعد مقدمة لاتخاذ قرار صهيوني لاحق بضم المسجد الأقصى المبارك، فهم يطلقون عليه جبل الهيكل وهذا أمر له مدلوله في نظرتهم وفيما يعتقدون، وبالتالي فإن مؤسسات إسرائيلية تنذر بخطر وجمعيات استيطانية تتحدث عن هدم المسجد الأقصى وعن بناء الهيكل وبالتالي فإن المسجد الأقصى ليس بعيداً عن مثل هذه القرارات الصهيونية الخطيرة والعدوانية، فالقدس مدينة تم عزلها بجدار الفصل العنصري وتم اتخاذ العديد من القرارات الخاصة بها منذ احتلالها في عام 1967م باعتبارها القدس الموحدة عاصمة الكيان الصهيوني، وهذه كلها مقدمات تشير إلى خطر حقيقي وداهم للأرض الفلسطينية عامة والمقدسات خاصة وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، وعلى الرغم من وجود هذا الخطر فإن ردود الأمة العربية والإسلامية لم تصل بعد إلى درجة المسئولية التي تقع على عاتقها في حماية المقدسات الإسلامية والأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني بشكل عام. انقسام عربي وإسلامي ولكن هناك أصوات كثير تتهم الفلسطينيين المنقسمين على أنفسهم بأنهم سبب التجرؤ الصهيوني بهذا الشكل بسبب الانقسام الفلسطيني المتجدد؟ الانقسام الفلسطيني الحالي ليس الإسرائيليون ببعيدين عنه ،وهذه الخلافات والصراعات الفلسطينية الداخلية لا تصب في النهاية إلا في مصلحة المحتل الصهيوني، وتكريس الاحتلال وإضعاف الموقف الفلسطيني وبالتالي إضعاف الموقف العربي والإسلامي، وفلسطين اليوم في حاجة ماسة إلى ثلاثة أبعاد أساسية لابد من تفعيلها في وقت واحد، البعد الفلسطيني ويتمثل في وحدة الفصائل والشعب و الموقف والخطاب الفلسطيني، وحينما يكون البعد الفلسطيني مفعلاً فإن ذلك يوجب أيضاً على العالم العربي أن يكون كذلك ومن ورائه العالم الإسلامي الذي يمثل البعد الثالث للقضية، ووجود موقف موحد من الأمة العربية ولإسلامية يدعم الموقف الفلسطيني سيكون له تأثير كبير على الساحة الدولية، فالعالم اليوم يتعامل بلغة المصالح ولديه في منطقتنا العربية والإسلامية مصالح إستراتيجية لو تم مجرد التلويح بتهديدها سيتغير وجه العالم الخارجي تجاه قضايانا العربية والإسلامية وخاصة القضية الفلسطينية، لكن للأسف فإنه بالفرقة الحالية على كافة الأبعاد الثلاثة يبقى كلامنا مجرد أمنيات غير قابلة للتحقيق مقاومة بلا أنياب لكن الواقع المشاهد على الأرض اليوم يؤكد أنه رغم الصلف الصهيوني لا توجد مقاومة فلسطينية حقيقية على الأرض ؟ للأسف الشديد وبكل وضوح المفاوضات متوقفة وأيضاً المقاومة متوقفة بشكل نهائي ،ونحن نلمس ذلك على أرض الواقع الآن وعلى الرغم مما قدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات في المقاومة والمفاوضات إلا أن طاقته بدأت في التراخي والتراجع، نظراً لاختلال موازين القوى الموجودة في الداخل، ونحن نطرح سؤالاً جوهرياً من يمنع المقاومة في غزة اليوم أن تعود للساحة من جديد ؟ هذا سؤال كبير يحتاج إلى إجابة من الإخوة في حماس لأنه للأسف الشديد اليوم المقاومة المسلحة أصبحت معطلة وبلا أنياب حقيقية في الشارع الفلسطيني، لعدم وجود التكافؤ المسلح من ناحية، وظهور نوع آخر من المقاومة هي المقاومة السلمية التي تجري الآن في كثير من الأراضي الفلسطينية، ومع ذلك لا يجب إلقاء الكرة دائماً في ملعب الشعب الفلسطيني وحده ولكن أيضاً يجب على الحكومات العربية والإسلامية تحمل مسئولياتها بشكل فاعل تجاه القضية الفلسطينية. هل تعطيل المقاومة المسلحة والاتجاه إلى المقاومة السلمية أدى إلى وجود حالة من المهادنة السياسية داخل الشارع الفلسطيني؟ ليس ذلك بالضبط فنحن شعب نملك مقاومة المحتل بما يكفله لنا القانون الدولي، ولكن الصراعات الداخلية الحالية أثرت بشكل عام على المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي بشكل عام، ولو توافرت الوحدة الحقيقية الفلسطينية سيكون هناك مسارات جديدة للمقاومة وللتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي. يقولون ولا يفعلون إذا كنتم تقولون الدعم السياسي العربي والإسلامي للقضية الفلسطيني غير موجود فهل ينطبق ذلك على الدعم المادي؟ مع الأسف العرب والمسلمون يتكلمون كثيرا ولكنهم عند التنفيذ لا يفعلون شيئا فإسرائيل تصرف المليارات من اجل توطين المستوطنين اليهود في القدس وكافة القرى والمدن الفلسطينيةالمحتلة، في حين يقف الشعب الفلسطيني عاجزا حتى عن توفير قوت يومه فبعد أن استكملت سلطات الاحتلال تطويق القدس بجدار الفصل العنصري، أحكمت الحصار على المدينة واستفردت بمواطنيها لتذيقهم صنوف التنكيل التي تشمل الضرائب الباهظة والغرامات العالية ومصادرة الأراضي والمساكن وهدم البيوت واعتقال المواطنين ونزع الهويات والمواطنة والمنع من السفر والتنقل، ولا تكاد تخلو عائلة أو فرد من واحد على الأقل من هذه الإجراءات في خطة مبرمجة تهدف إلى إرهاق المواطنين وإجبارهم على النزوح عن المدينة وكذلك عن طريق إغرائهم بالمال الوفير كي يبيعوا ممتلكاتهم، كل ذلك يتم في خضم حملة مسعورة لتهويد المدينة وجعل مواطنيها الفلسطينيين أقلية هامشية غريبة فيها، وهى تستغل في ذلك غفلة العرب وبخلهم المادي تجاه القضية الفلسطينيةوالقدس حيث تفتقر المدينة المقدسة إلى الرؤية والإستراتيجية اللازمة خاصة على المستوى الاقتصادي للمواجهة والتصدي للإجراءات الإسرائيلية ،ويكفى أن نقول إن هناك مخطط يهودي أُطلق عليه اسم (القدس 2020) يهدف إلى تهويد القدسالمحتلة وتم رصد أكثر من 15 مليار دولار أميركي لتنفيذه خلال السنوات العشر المقبلة، والسؤال كم رصد العرب بما لديهم من إمكانات مادية لمواجهة هذا المخطط الشرس. دولار شهرياً ما هي أوجه الإنفاق التي تريدون من العرب والمسلمين أن ينفقوا عليها لمواجهة مخطط تهويد فلسطين ؟ بداية لابد أن يسعي العرب والمسلمون إلى إيجاد آلية للإنفاق على المواقع الدينية الإسلامية في فلسطين بعد أن أثبتت الآليات السابقة فشلها الشديد في هذا الإطار، واليوم يقوم الوقف الإسلامي في فلسطين بالإنفاق على التراث الإسلامي من تبرعات فردية ولكن هذا لا يكفى في ظل دوران عجلة المال الصهيونية بسرعة شديدة، فنحن في حاجة لمزيد من الدعم المادي من جانب إخوتنا العرب إذا كانوا لا يزالون لديهم نية الحفاظ على مقدساتهم فهي ليست مقدسات الشعب الفلسطيني فحسب، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يتبرع المسلمون للقدس فلو جمعنا دولارا واحدا من كل مسلم حول العالم ولو كل شهر لجمعنا مليار ونصف المليار دولار وهذا المبلغ كفيل بالحد من أنشطة الصهاينة وكفيل بدعم المقدسيين بحيث يتم منه الإنفاق على الأسر الفقيرة والعاطلين عن العمل حتى تتوقف الهجرة العكسية من القدس لخارجها، وبالإضافة إلى دعم الشعوب نحن في حاجة ماسة لدعم الحكومات بحيث تقوم حكومات العالم الإسلامي بتبني خطة إستراتيجية لدعم الاقتصاد الفلسطيني حتى ينهض ويقف على قدميه، لأن دعم الاقتصاد يعني قدرة الشعب الفلسطيني على المقاومة والصمود، فالفقر يجعل المواطن الفلسطيني محبطا غير قادر على المقاومة والنضال، ويكفى أن نقول أن معدلات البطالة في فلسطين وصلت إلى معدلات غير مسبوقة في ظل التعنت الصهيوني حتى إن نسبة البطالة وصلت لأكثر من 45 % كذلك، فإن نسبة الفقر وصلت ل65% حيث تعيش تلك النسبة تحت خط الفقر في فلسطين وهو أمر لا يرضى الله عز وجل، ونحن نقولها صريحة واضحة أنه لا مجال لاستعادة نهضة الأمة الإسلامية وقوتها وريادتها مادام الشعب الفلسطيني يئن تحت نير الاحتلال والفقر والبطالة والجوع وما دامت القدس محتلة، ونهيب بأمتنا الإسلامية حكومات ومؤسسات وشعوبا أن تدرك حقيقة أن القدس في خطر وأن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تلحقها قسرا وكراهية بلغة غير لغتها بل تجبرها على لغة لم تكن لغتها في يوم من الأيام، وتنفذ مؤامرة لطمس معالمها الحضارية الإسلامية، وتفريغها من أصحابها الأصليين، والإحصاءات الحديثة تؤكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية أقامت في السنوات القليلة الأخيرة أكثر من مائة ألف وحدة سكنية لليهود في القدس بينما لم يتم إقامة مسكن واحد لعربي أو مسلم، و الأمانة العامة تفرض علينا أن نصارح امتنا بما قد لا يخفى على كثيرين من المخلصين من أبنائها وهو أنه لا سبيل لإنقاذ القدس وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي إلا بتكاتف الأمة الإسلامية وإنهاء مظاهر خلافاتها واستعادة وحدتها حتى تتفرغ لحماية قضاياها الكبرى والمصيرية وفي مقدمتها قضية فلسطينوالقدس ومقدساتها وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك،وهناك دور مهم لابد أن يقوم به كل رجل أعمال مسلم غيور على دينه وهو توجيه ولو جزء من استثماراته في القرى والمدن الفلسطينية الواقعة تحت السيادة الفلسطينية فسوف يساهم ذلك رفع المعاناة عن كاهل الفلسطينيين، وحماية الاقتصاد الفلسطيني من الانهيار، في ظل الحصار الدولي المالي المفروض على الشعب الفلسطيني منذ فترة طويلة وبدلا من أن يضع رجال الأعمال العرب أموالهم في بنوك الغرب فليأتوا ويضعوها هنا في البنوك الفلسطينية التي تتعامل وفق أحكام الاقتصاد الإسلامي وهى كثيرة والحمد لله، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة في الأراضي الفلسطينية البنوك الإسلامية مما دفع العديد من البنوك التقليدية إلى فتح فروع للمعاملات الإسلامية، وقد استطاعت البنوك الإسلامية في فلسطين أن تثبت نفسها على الساحة المصرفية وانتشرت في معظم المدن الفلسطينية وزادت استثماراتها بشكل كبير خلال السنوات الماضية. حذر من الخلافات الإسلامية الداخلية