«صناعة النجوم» ليس بالأمر السهل على المؤسسات والشركات الإنتاجية، إنما هي عملية تحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير وعمل متواصل ومتابعة دقيقة حتى ينتج النجم الذي يستحق لقب النجم. والنشيد الإسلامي يحتاج إلى صناعة نجومه بحذر، وكأن الأحداث تؤكد أن زمن الهواية ولى وحان الوقت لتدريب وتأهيل القادرين على الإنشاد لصناعة نجوميتهم واستحقاق التنافس وتحقيق الإنجاز مع الفنون الأخرى. ولا يخفى على أحد أن ثقافة صناعة النجوم غائبة تماماً عن المؤسسات الإنتاجية، إذ تعتمد جلها على المواهب الإنشادية الجاهزة التي لا تثقل كاهل المؤسسة مادياً لصناعته، فالمُرتكز الإنتاجي في صناعة نجم قادر على ملء الفراغ الذي تعانيه الساحة الإنشادية ومن ثم تكملة مشوار النجوم الكبار ليست من ثقافة الفن المحافظ. كما أن الساحة الإنشادية تزخر بالعديد من المنشدين من كل حدب وصوب، والسؤال الذي يطرح نفسه مَن مِن هؤلاء يستحق أن يطلق عليه لقب (نجم)؟ مشروع نجم وعمدت بعض البرامج الفضائية إلى تبني فكرة صناعة النجم الإنشادي، إلا أن هذه الفكرة لم تُستثمر من بعض شركات الإنتاج الفني بالشكل المطلوب، مما حدا ببعض الأصوات العادية إلى البروز على الساحة الفنية ومزاحمة الأصوات الجميلة، الأمر الذي يجعل النشيد الإسلامي لا يرقى لمستوى الاحترافية. من هنا انطلقت فكرة إقامة ملتقى إنشادي يجمع المواهب الإنشادية الصاعدة، وفتح المجال أمامهم بإظهار إمكاناتهم الصوتية، فجاء الملتقى الرابع لشباب مجموعة إنشادكم بمدينة الرياض، ويرتكز الملتقى على المواهب الإنشادية الشابة التي ترغب الصعود إلى مجال النشيد الهادف، ويقول المدير التنفيذي لمجموعة إنشادكم الرياض أنس عبدالرزاق: هذا الملتقى هو أحد برامج المجموعة، فنهتم بتطوير المواهب الإنشادية الشابة، كما أن هناك العديد من النشاطات التي نقوم بها والتي تصب في مصلحة النشيد الهادف، ويقام هذا الملتقى دورياً كل عام، حيث كانت اطلاقتنا منذ عام 2006 ونحن الآن في الملتقى الرابع. واعتبر أنس أن الملتقى يساهم في إبراز المواهب الشابة، فيقول: برز خلال أول ملتقى أقمناه بعض المنشدين ومنهم المنشدين أسامة السلمان، ومحمد السلمان من بين 33 موهوب في مجال النشيد، ويضيف: ليس بالضرورة أن يكون سبب ظهور المنشد هو الملتقى الإنشادي، إنما هذه الملتقيات تساهم في صناعة المنشدين وإبراز إمكاناتهم وطاقاتهم، بالإضافة إلى ربطهم بشركات الإنتاج واحتكاكهم بالمنشدين المعروفين والمهتمين في مجال النشيد. ويشير أنس إلى أن الملتقى الثالث في العام الماضي أنتجنا ألبومين وهي "غصن غزة"، "غزة الصمود"، وكانت برعاية مؤسسة رياض الفريجي، ومن إنتاج شباب إنشادكم. افتقاد المواهب هلال القرشي، مدير قناة شدا الفضائية، أوضح أن الساحة الإنشادية تحتاج إلى المواهب الصاعدة، بغض النظر عن كفاءتها ومستواها، مؤكداً أن النشيد حالياً لم يصل لمرحلة المواهب الناجحة حتى نستطيع أن نميز بينها، بمعنى ليس هناك اكتفاء، فنحن نفتح المجال لكل شاب يرى في نفسه موهبة إنشادية أن يتقدم لنتبناها. كما أوضح أن شاشة قناة شدا الفضائية مفتوحة لأي منشد ولأي شاب يريد أن يفيد المجتمع، فالقناة هي ملك المنشدين أنفسهم، مشيراً إلى أن بعض ما يحصل من بعض شركات الإنتاج من احتكار للمنشدين بشكل حصري من غير تقديم الخدمات ومنعه من الظهور على القنوات الفضائية أمر مرفوض تماماً. واعتبر أن إدارة أعمال المنشدين وترتيب لقاءاتهم ومواعيد صدور ألبوماتهم هو المفترض أن يكون. من جهته أوضح راشد القعود، موهبة إنشادية، أن مثل هذه الملتقيات أتاحت له فرصة الظهور للناس وإظهار ما لديه من إمكانيات، بالإضافة إلى تبادل الخبرات مع المنشدين الكبار والاستفادة منهم، وقال: لا أرى في نفسي القدرة على مناكفة المنشدين الكبار، غير أني أريد تقديم الفن الهادف والمساهمة فيه. كما أكد يزيد الأماسي، موهبة إنشادية، أن على عاتق المنشد حمل تدبير أموره الفنية ولا ينتظر من أحد أن يتبناه أو يوقفه على رجليه، ويقول يزيد: يحتاج صاحب الصوت المميز إلى دعم شركات الإنتاج من باب أنها ستختصر عليه الوقت الطويل، بالإضافة إلى تعلمه الفنون التي تدعمه في مسيرته الإنشادية. مؤكداً أن وجود هذه الملتقيات التي تبرز الطاقات الإنشادية ليست ضرورية جداً، فهناك العديد من الوسائل يستطيع المنشد أن يبرز نفسه من خلالها، منوها أن الملتقى يساهم في ظهور المنشد للناس. شركات الإنتاج.. أين هي؟ من جانب آخر، اعتبر المنشد محمد العُمري أن النشيد الإسلامي يحتاج إلى دعم أكبر لينافس الفنون الأخرى، مؤكداً أن النشيد لا زال في بداية مشواره الفني، وشدد على دور الشركات الإنتاجية في دعم النشيد الإسلامي بالشكل المطلوب. كما أوضح العُمري أن هدف شركات الإنتاج الرئيسي متمثلاً في الربح المادي، مؤكداً أنها تفتقد الخلفية الكافية فيما يختص بالربح المادي من خلال دعمهم للمنشدين وتبني أعمالهم. ويخالفه في الرأي المنشد عماد الظفر قائلاً: النشيد في الوقت الحالي هو المنافس الحقيقي للمجالات الفنية الأخرى، وما نلحظه من بروز النشيد على القنوات الفضائية وغيرها من الوسائل دليل قوة لا ضعف. ويشير الظفر إلى الدور الرئيسي الذي ينبغي أن تلعبه المؤسسات والشركات في دعم النشيد الهادف، فيقول: الدعم المادي فيه قصور كبير جداً، فالجمهور يستمع إلى النشيد غير أنهم يحتاجون إلى المزيد من هذه الأعمال، وهذه الإضافات متوقفة على الدعم المادي. النشيد: منافس قوي كما اعتبر المنشد أسامة السلمان أن هذه الملتقيات الإنشادية تطور من عجلة النشيد الإسلامي، وتفتح المجال للناشئين في مجال النشيد، كما أنها خدمة تسويقية للمنشدين، واعتبر أن النشيد الإسلامي بدأ ينافس بقوة، وأكبر دليل على ذلك ترحيب بعض الشركات الغنائية بتبني الطاقات الإنشادية ودعمها، كما أشار السلمان إلى أن بعض شركات الإنتاج تستغل المنشدين المبتدئين، في حين أن احتكار المنشدين المعروفين تحقق الفائدة للطرفين. معتبراً أن احتكار المنشد الصاعد من قبل المؤسسات يصب في مصلحة المنشد بشرط ألا يزيد عن سنة واحدة، وإلا ستحدث إشكالات بين الطرفين تؤدي إلى إلغاء العقد قبل انتهائه. وفيما يرى المنشدون ضرورة تواجد شركات الإنتاج بجانب الموهوبين، أكد رائد بن سعيد، ممثل شركة العين العالمية، أن المؤسسات لا تقبل التعاون مع أي منشد، إنما تهتم بتبني الأصوات الإبداعية التي قطعت شوطاً كبيراً في مجال النشيد. وقال رائد: أن يبدأ المنشد الموهوب من الصفر ويتدرج في صناعة نفسه أفضل بكثير من التقدم إلى مؤسسة إنتاج إنشادية ليعرض نفسه عليها، لأن المؤسسات لن تقبل أي منشد مهما كانت إمكانياته. واعتبر رائد أن احتكار المنشدين في الأغلب يصنع جودة أكبر وإبداع أفضل، لأن الشركة تهمها الإنتاجية أكثر من ظهور المنشد نفسه، لذلك تجد أن الاحتكارات تعطيك جودة أعلى وعملا متقنا.