قرأت وبحذر خبر احتراق وثائق في أرشيف أمانة جدة عمرها ثلاثون عاما وكان مفاد الخبر أن حريقا قد شب في المبنى التابع لأمانة محافظة جدة ، وأنه قد تم إنقاذ جزء من الموجودات بالأرشيف المشتعل، وأنه قد أحالت سلطة الدفاع المدني ملف الحريق إلى الشرطة للتحري والتحقيق في ظروف إشعال النار، وهنا وفي هذه اللحظة اشتعلت أحاسيس الغضب في نفسي وأنا أرجع بذكرياتي إلى الوراء وأتذكر بالتحديد عام 2005 عند بداية تولي أمين جدة الحالي لأمانة منطقة جدة المشهود لها «بالأمانة» وبدون رتوش إعلامي ولا مجاملات لفظية ، فكم من الشكاوى تلقيت وكم من القصص سمعت ورأيت من القصص الكم الهائل من الفوضى التي تعم هذه الجهة الحيوية الهامة من شريان مدينة جدة. تذكرت الحريق المتعمد حسب التقارير الجنائية التي لم تكتمل قضيتها بعد ولم تنشر نتائجها حتى الآن منذ سنة 2005 في جزء من مبنى أمانة مدينة جدة والذي أتى على عدد كبير من الوثائق والمستندات التي لها علاقة بقضايا عالقة وأراض وصكوك موثقة لدى مواطنين ترجع تواريخها إلى أكثر من خمسة عقود من الزمن، وكان هذا الموقع قد أحيل له معظم الوثائق والصكوك المعلقة قبل أيام من اندلاع الحريق الشهير في ذاك العام، خاصة أنه لم تكن تلك الوثائق والمستندات والصكوك موثقة الكترونيا ، وبعد وقت قصير من الزمن طمس الموضوع ، وكالعادة أعطيت الوعود بمعرفة الجاني ومعاقبته، والتشهير به، وما إلى ذلك من الأغاني والقصائد المعروفة من قبل الجناة والمتسترين على هذه القضية الكبيرة والتي أتت على حقوق كثير من المواطنين من كل الطبقات، وأضاعت ثمار أعمار وحقوق ورثة، وكأنها لم تكن شيئا، ولا زالت الأمانة «الأمينة» إلى الآن تبحث عن هذه الأمانة الضائعة ولا زال التحقيق مستمرا. ولكن أن يحدث حريق متعمد ومماثل في هذه الأوقات العصيبة، والتحريات المستميتة للبحث عمن تورطوا ببيع مخططات الموت للمواطنين، وجهود مليكنا الدؤوبة للكشف عمن كانوا سببا من بعد الله في موت مئات المواطنين ، وإتلاف آلاف المنازل، والممتلكات، وإهدار الأمانات، وسوء تخطيط المخططات لإرضاء جشع التجار والقائمين من قبل الأمانة على أرواح الناس، أفبعد كل ما بذله مليكنا عبر مختلف القنوات الرسمية والتحقيقات ووضع لجان، وترؤس أمير منطقة مكةالمكرمة الحريص على إجلاء الحقيقة، لهيئة كشف المستور ومعاقبة المسؤول، وجهود محافظ منطقة جدة المشهود له بأمانته ووطنيته يُحرق ما تبقى من وثائق ومخططات وتحت أنظار الإعلام ، لطمس ما تبقى من آثار الإجرام والمجرمين؟ ولا أحد يحرك ساكنا ، وتمر الأيام ونعود لنفس الدائرة من الفساد تحت غطاء الحوادث المجهولة المصدر وتغلف القضية ، وتستمر قضية لن يغلقها إلا الله ثم مجهود ولاة أمورنا لتعقب كل من تسول له نفسه باللعب على أوتار الثقة والأمانة والتستر تحت غطاء المسميات والألقاب ، فعبر زاويتي هذه أطالب بحقي كمواطنة كل مسؤول برفع النقاب عن المتسبب لهذه المآسي ، فالمسبب واحد والمستفيد واحد، والبحث واحد، وكبش الفداء واحد، فقد تعودنا الإثارة والإماتة، ولكن لدي ثقة بالله ثم بمليكنا وولاة أمورنا أن لن نعود إلى سيرتنا الأولى ولابد من بصيص أمل في آخر النفق، ونحن الآن في آخر النفق، فآن لنا أن نكشف المستور ونعاقب المسؤول . همسة الأسبوع قِيَل:إِن جبْرِيْل عَلَيْه الْسَّلَام أَتَى الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَقَال: « يَا مُحَمَّد، عش مَا شِئْت فَإِنَّك مَيِّت، وَأَحْبِب مَن شِئْت فَإِنَّك مُفَارِقه، وَاعْمَل مَا شِئْت فَانَّك مُجَازَى بِه، وَاعْلَم أَن شَرَف الْمُؤْمِن قِيَامُه بِالْلَّيْل وَعِزه اسْتِغْنَاؤُه عَن الْنَّاس «رَوَاه الْطَّبَرَانِي اعْبُد الْلَّه كَأَنَّك تَرَاه ، فَإِن لَم تَكُن تَرَاه فَإِنَّه يَرَاك وَبَشِّر الْقَاتِل بِالْقَتْل وَلَو بَعْد حِيْن *كاتبة سعودية للتواصل مع الكاتبة