في لحظات مفاجئة من لحظات الحياة لا يستطيع الرجل أن يفكّر في أنوثة المرأة ، ولا يمكن للمرأة أن تفكّر في رجولة الرجل ، يتصف كلّ واحد منهما بإنسانية بحتة تستجدي من يتعامل معها بتجرّد ليمدها بخيط أمل يقرّبها من الحياة بعد أن بدأت صورها تتلاشى ومعالمها تغيب وأسوارها تتهدم شيئا فشيئا في مشهد ذعر يسيطر عليه خوف وخطر ومعاناة تحيط به من جميع الجوانب والجهات ، في لحظات كهذه يكون الإنسان ذكر أو أنثى في صراع مع الموت وجها لوجه لكنه لا يفقد الأمل في البحث بين تضاعيفه عن الحياة والتمسك بها ، و لا زلنا نسمع بين يوم وآخر عن كوارث حريق أو غرق أو حوادث أو فيضان أو زلزال ، وهذه هي دقائق الصفر التي لا تحتمل انتظارا أو تصنيفا للمنقذين والمسعفين ، أو تخصيص فرق إنقاذ نسائية وأخرى رجالية ، فقط نحتاج للقوة والشجاعة في القرار والتصرف ، ونفي القوة السلبية المهدرة التي تستنفد في إقناع العقليات بأن من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا ، وفي مناقشة الشرعية التي تبيح لنا التعامل مع المواقف كمواقف بغض النظر عن الشخصيات ونوعها وجنسها وعمرها ، لأن الخطر كذلك يداهم بلا تفرقة أو استئذان فكان من الحكمة أن تكون المقاومة بلا تفرقة أو استئذان . في محاصرة دقائق قد تكون الأخيرة في عمر الإنسان ، وفي مواقف نستطيع أن نحوّل اتجاهها من كارثة عارمة إلى موقف بسيط أعجز عن تقبل نقاش بشأن السماح أوعدم السماح أو اللجوء لاستخدام القوة ضد من يعيق عمل الدفاع المدني في إنقاذ مدارس البنات فالإعاقة هنا لا تصنيف لها ولا انتماء لا في فكر تقليدي ولا موروث اجتماعي ، وإن صنفت فلا تعدو كونها حركة رفض أساءت فهم المبادئ الإنسانية وجهلت طرق التعامل معها .