من الظواهر الغريبة التي انتشرت في مجتمعنا العربي مؤخرا تَشبُّه بعض الفتيات بالرجال من حيث الملابس والهيئة وقد تصل الأمور لحد تقمص شخصية الرجل في السلوك والأسلوب أيضا. ويعزو المختصون ذلك إلى عدة أسباب، نسوقها بعد التعرف على بعض نماذج من هؤلاء الفتيات اللواتي فضلن أن يكن بين صفوف الرجال. تقول فاتن: نعم أشعر بأنني رجل ولست فتاة.. فمنذ طفولتي كنت أتعرض لخشونة في التربية من والدي ووالدتي، لقد كانت حياتنا لا تطاق من المشاكل والمصاعب وكان والدي فظ القلب وهكذا والدتي وبالتالي فقد وَلَّد ذلك معي حالة من الإحباط وإحساسا بالميل للرجولة أكثر من الأنوثة لأن والدي كان يحثنا على الاعتماد على أنفسنا فشعرت كأنني رجل وليس أنثى. فتاة بين سبعة ذكور وتشير منى حامد إلى حالتها قائلة: حينما فتحت عيني على هذه الدنيا وجدت نفسي بين سبعة أشقاء ذكور أقاسمهم في اللعب والمعيشة والحياة ولذلك تأثرت بهم وبملبسهم وطريقة معيشتهم وحياتهم وكان لهذا التأثر العفوي حينما كنت صغيرة أن أصبح مثلهم من حيث الملابس والهيئة والتعامل. وقد حاول والدي ووالدتي ثنيي عن هذا التقليد وكذلك حاولت معلماتي في المدرسة وصديقاتي ولكني بت أشعر وكأنما أنا ذكر ولست أنثى وأتصرف على ذلك دون رغبتي. وتحكي عواطف حسين 28 عاماً والتي تتشبه بالرجال من حيث الملبس وحتى تعابير صوتها فتقول: لا أعرف كيف حدث ذلك ولكنني أشعر وكأنما أنا رجل ولست أنثى حيث لا أهتم بشكلي كثيراً مثل الفتيات، فأنا أيضا جريئة جداً حتى أن شقيقاتي وأسرتي يعتمدون عليَّ في عمليات الشراء لأنني أساوم الباعة بكل جرأة. وتحكي عواطف أنها ذات مرة في أحد قصور الأفراح استدعت بعض السيدات موظفات الأمن للقبض عليَّ والتحقيق معي على أني رجل متسلل ولست أنثى، فلما وضحت هويتي سمح لي بمواصلة الحضور ولكن بكثير من الدهشة والازدراء. تربية خشنة تقول الأخصائية الاجتماعية في جامعة الملك عبدالعزيز هاشمية الحاج: هناك العديد من العوامل والأسباب تسوق الفتاة إلى التشبه بالرجال ومن أهمها الحياة الأسرية الخشنة وكثرة عدد الاخوة من الذكور في وسط الأسرة، ومن ثم أحادية الفتاة بين هؤلاء الذكور مما ينجم عن ذلك عامل الإحتكاك المباشر بين هذه الفتاة وإشقائها من الذكور وبالتالي التأثر سلباً بذلك. كذلك خشونة التربية من قبل الأسرة وقلة التوجيه، فتجد الفتاة نفسها مرغمة على تقليد الرجال، فحينما تضغط الأسرة على الفتاة بهدف الإعتماد على نفسها تنسلخ الفتاة عن عاداتها وتقاليدها الأنثوية لتتأثر بعوامل الخشونة وتترسخ هذه الأمور معها مما يصعب التخلي عن ذلك مستقبلاً. وتضيف الحاج: هناك عوامل كثيرة ومتعددة ومتشعبة تقود إلى هذه السلوكيات ومعظمها منصب في طريقة تربية الأسرة لهذه الفتاة، وهنا أستطيع أن أؤكد بأن هذه الظاهرة تعد من الامراض النفسية الصعب علاجها ولكن السبب الرئيسي هو تهاون الأسرة تجاه هذه الفتاة في الصغر، حيث لم تقم بتوجيهها التوجيه السليم لنزع هذا السلوك منذ بدايته.