اكد الكاتب يحيى الأمير أن اتخاذ أي موقف أو فكرة أو لبس كمدخل للطعن في إيمان مسلم، أو التشكيك في التزامه، يعتبر مدخلا مثيرا للكثير من القلق والتوجس على أكثر من مستوى. وقال في رده على سؤال على خلفية المطالبات بمقاضاته إثر اتهامه بالإساءة للرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام، ووصفه حديثا نبويا ب“التوحش”: (اكرر ماقلته في العربية نت “أن أخلاق الاختلاف وتنوع الآراء هي مما تحتاج لأن يعود كثيرون ممن يدعونها إلى أخلاق النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، وإيمانه بالاختلاف واستيعابه لما قد يظنه البعض خطأ”). وأضاف: “ما يشعرني بكثير من الأسف هو ذلك الترصد الذي يجافي أخلاق نبينا الكريم، والذي يعايشه الكثير من الكتاب والمسؤولين، وهم يرون كيف يتم التعامل مع آرائهم التي تقبل النقاش والاختلاف والخطأ، وتتحول بعد ذلك إلى مبرر للطعن والتشكيك والاتهام”. وأوضح أن المقطع الذي تناقلته بعض مواقع الانترنت بصوته، وزعم البعض أنه وصف الرسول، صلى الله عليه وسلم، ب“المتوحش”، هو بكل أسف فيه من ظلم وتجنٍ ما يدفعني للقول: “إن من نسبوا إليّ هذه التهمة قد ظلموا أنفسهم قبل ظلمهم لأخيهم، وحسبي الله ونعم الوكيل”، “فوالله لا إيماني ولا خوفي من الله ولا اعتزازي بديني ونبيي، صلى الله عليه وسلم، ومحبتي له تجيز لي أن أصفه بهذا الوصف، إلا أن من يترصدون بإخوانهم يحاولون أن يجدوا إلى ذلك طريقاً ولو بشكل غير مشروع، ولم يكن الحديث في المقطع عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، على الإطلاق، وإنما كان عن بعض الأحاديث التي قد تنسب زوراً له صلى الله عليه وسلم، أو التي يتم استخدامها في غير سياقها”. مشيراً إلى أن ذلك “هو باب قائم لدى كثير من المحدثين ممن قاموا بدراسة الأحاديث والتأكد من صحتها من خلال المتون والأسانيد، والأحاديث إنما يستدل على ضعفها من خلال متنها أو سندها، ولأئمة الحديث من السلف -رحمهم الله- الكثير من الأسفار في هذا الشأن، ومن المعاصرين الشيخ الألباني -رحمه الله- حيث له الكثير من المصنفات في هذا المجال”. وحدد الأمير أن الفهم الخاطئ لما قاله جاء من “أنني قلت وأكدت أن بعض الأحاديث قد يجد المسلم في نفسه تساؤلاً بشأنها، ويعود في ذلك إلى ما كتب العلماء عنها، وحين سئل الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- عن حديث: “من حج ولم يزرني فقد جفاني”، قال: “هذا الحديث كذب”. وتطرق إلى أنه لا يمكن لمسلم أن يتهم الإمام أحمد بأنه يكذّب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يكذب من زعم كونه حديثاً. وقال: (وفي حديث: “ما أخاف على أمتي فتنة أخوف عليها من النساء والخمر”، قال الشيخ الألباني -رحمه الله- في السلسلة الضعيفة 3885 هذا حديث ضعيف. وفي حديث: اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن إبليس طلاع ورصاد صياد وما هو بشيء من فخوخه بأوثق لصيده في الأتقياء من فخوخه في النساء، قال: حديث موضوع. وربما التبس عليّ حديث أخوف ما أخاف على أمتي النساء والخمر، بحديث مشابه له).واكد أن الفهم الخاطئ طال الكثير مشيراً إلى أن جملة “ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” لم تكن موجهة إلى الحديث الذي جاء في المقطع بل كان عن مجموعة من الأحاديث التي قد تتخذها بعض وسائل الإعلام للتشكيك في موقف الإسلام من المرأة، وبالتالي “وبعد أن تم تناول أكثر من حديث كنت أوضح أخطاء تقع في طريقة الاستدلال بها أجملت كلامي لأوضح أن أي حديث قد يحمل تمييزاً أو عنصرية أو توحشاً هو حديث لابد من بحث سنده أو بحث السياق الذي يتم استخدامه فيه، لأنه لا يمكن للنبي، صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى أن يكون في خطابه تمييز أو وحشية أو عنصرية”. واعتبر الأمير أن مما تعلمه أن الشجاعة العلمية تكمن في التوقف عن أي خطأ. ومراجعته والتراجع عنه عند حصوله، مضيفاً “خير الخطائين التوابون، ولعلي أن أكون من خيرهم إن أخطأت”. وتساءل عن أسباب بث اللقاء بعد خمس سنوات، مضيفاً: “كنت قد أوضحت أن قصدي هو تنزيه حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، من بعض الاستشهادات التي يتخذها البعض في غير سياقها، وأن بعض الأحاديث تحتاج إلى رجوع للتأكد من صحتها، فالبطلان والظلم والتوحش والاستبداد كلها صفات ننزه عنها نبينا صلى الله عليه وسلم، لأن سيرة النبي لا تحمل إلا كل ما هو خير ورحمة وعدل”. وزاد: أنه “في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم تصبح المراجعة والاعتذار أوجب وأكمل، بل سأظل مصراً على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحمل خطابه النبوي الكريم أية عنصرية ولا تفرقة ولا حدة ولا توحش”. مؤكداً “سأظل أدافع عن الرسول وما يمثله من قيمة حضارية للبشرية ومن قيمة دينية للمسلمين، وما يعينني أولاً هو إيماني بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، والذي يمثل لي مانعاً من أن أقع في زلة أو في خطأ هي في النهاية ما سألقى به الله تعالى وتوكلي على الله في سلامة المقصد يعينني على ما أكتب، خاصة إذا كنت في موقف المدافع عما يمثل قيمي الدينية”. ووجه الأمير رسالة أرادها أن تكون واضحة لكل الذين اتهموه: (أما أن يكون قصدي الإساءة فهو والله ما لا أقبل فيه اتهاماً ولا مزايدة، خاصة حين تأتي ممن لا يتورعون عن الوقوع في أعراض من يخالفونهم الرأي وكيل التهم لهم والتجني عليهم، ويقيني بما أقوله هو ما يجعلني متوكلاً على الله تعالى مستعيناً به على سلامة القصد. وحسبنا ما جاء في الأثر “رحم الله امرأ كفّ الغيبة عن نفسه”).