في أكتوبر 2005 توعد الرئيس الفرنسي ساركوزي بتنظيف ضواحي العاصمة الباريسية ممن سماهم بالحثالة والأوباش ، بعد مصرع شابين من أبناء المهاجرين صعقا بالكهرباء ، فانتقلت عدوى الاحتجاجات وإحراق السيارات وإضرام النيران إلى قلب العاصمة الفرنسية والمقار الرسمية ، ثم انتقلت باتجاه الشمال للمدن المتاخمة لألمانيا و «تولوز» في الغرب ، و«رين» المزدهرة في الدعاوى الانفصالية، حتى تفاقمت إلى «ليون» جنوبا، و«ليل» في الشمال .. تذكرت هذا التصريح عندما أطلق وزير التربية والتعليم الأردني تصريحا قنبليا مفاده « على المعلمين الاهتمام بلباسهم ومظهرهم وحلق ذقونهم قبل المطالبة بإقامة نقابة للمعلمين « .. إلا أن الوزير عن طريق وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) اعتذر، وأن التصريحات المنسوبة إليه كانت مجتزأة وأسيء فهمها ، ولايمكن أن ينتقص من مكانة المعلم تصريحا أو تلميحا فهو العمود الفقري للتعليم وبالتالي فمكانته العالية راسخة في نفوسنا ووجداننا .. ومن عادة التصريحات السياسية في عربستان أن تمج الماء في النار لا أن تزيد من ضرامها ، ولكن مما يبدو من تراكمات سابقة في تلك المهنة التعيسة في العالم العربي تأجج التذمر من الطالب والمطلوب، وبفعل الترهل والكساد والموات الوظيفي الخامل والتهميش و»مكانك سر» انفجرت التقيحات المزمنة بالمطالبة بالحقوق بنقابة أو فروقات أو..أو.. هذه المطالبات تدفعها بذرة مزعجة كالوخز من « وضع « مبطن بالثقة المضعضعة والتنفس في أجواء عطنة سنوات وسنوات في امتصاص لا يرحم لدماء المعلمين ينتهي بهم للخلع كما يخلع الخلق الممزق .. ولكل منتسب للتعليم هنا يدرك مدى تطور التعليم في الأردن من المراحل الأولى المبتدئة بنظام الطاولة المستديرة إلى كثافة التعليم التقني والحاسب والطب . طبعا لم يكن التعليم مثاليا في الأردن ، لكنه علم الطالب – المعلم لاحقا – المطالبة بحقه والإصرار عليه ، وانتزاع مكانته انتزاعا مما أجبر الوزير تقديم الاعتذار رسميا .. وبصراحة تامة .. المعلم عندنا لم يتهيأ لممارسة العمل النقابي والثقافة الحقوقية أو – على الأقل – معرفة الحقوق والواجبات الوظيفية التي أوكل بها الصحفي القصي عن مستنقعات التعليم الضاربة في عمق الفساد ..فأعتقد أن التعليم يعوزه القرار السياسي بعدما قتلته الصحافة والسياسة ، ولهذا مقال قادم بإذن الله .. دمتم بخير وحب وأمل