كعادتها سارعت إسرائيل -وهذه المرة على لسان وزير خارجيتها أفيغدور ليبرمان- إلى رفض أي دعوات للسلام في المنطقة، وإلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار على حدود عام 67، بما فيها القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. وهاجمت إسرائيل اللجنة الرباعية الدولية (الاتحاد الأوروبي، روسيا، الأممالمتحدة، والولايات المتحدة)، والتي دعت الجمعة من موسكو الحكومة الإسرائيلية إلى تجميد كل النشاطات الاستيطانية، بما فيها (تلك المخصصة لاستيعاب) النمو السكاني الطبيعي، وتفكيك كل المواقع الاستيطانية التي بُنيت منذ مارس 2001، والامتناع عن القيام بعمليات هدم أو إبعاد في القدسالشرقية. كما دعت اللجنة كل من إسرائيل والفلسطينيين إلى استئناف المحادثات، والتوصل إلى تسوية في غضون 24 شهرًا. الغريب أن ليبرمان وعند رفضه لهذه الدعوة من أركان المجتمع الدولي برر رفضه، بأن مثل هذه الدعوات “تؤدي إلى تضاؤل فرص السلام”، ولكنه لم يشرح ما نوع الدعوات التي يريدها، والتي قد تؤدي إلى تزايد فرص السلام!. فإن كان إيقاف الاستيطان، وإيقاف تهويد القدس، والعودة إلى المفاوضات يؤدي إلى تضاؤل فرص السلام -حسب ليبرمان- فهل زيادة الاستيطان، والاستمرار في تهويد القدس، وتعليق المفاوضات ستقود نحو السلام بخطى متسارعة؟!. ربما على العالم أن يدرك أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ليست معنية بالسلام، ولا تريد السعي نحوه، فهي ترى في الخطوات الجدية لتحقيقه خطرًا يؤدي إلى تضاؤله، وترى أنها لا تملك شريكًا فلسطينيًّا، وترى أنها فوق المجتمع الدولي، وتتصرف بشكل يسيء حتى لأقرب حلفائها، كما فعلت عندما استقبلت نائب الرئيس الأمريكي بالإعلان عن مشروعات استيطانية جديدة. لعلّ الأجدر بالمجتمع الدولي أن يتوقف عن إطلاق الدعوات، ويبدأ باتخاذ القرارات؛ لإجبار الطرف المعطّل للعملية السلمية في الشرق الأوسط (إسرائيل) على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، والأممالمتحدة، واللجنة الرباعية، فالفلسطينيون قدّموا كل ما لديهم، والعرب توافقوا على مبادرة سلام شاملة تنهي الصراع بشكل كامل، ولكنّ إسرائيل تبقى كطفل مدلل، لا يسمع إلاّ ما يريد، ولا يفعل إلاّ ما يريد، لا يوجد مَن يعاقبه عندما يضرب بكل دعوات السلام، وأيًّا كان مصدرها عرض الحائط.